قدّم الفنان الكرّواتي المقيم في كندا آنتي سارديليتش ضمن معرضه في الإسكندرية، مقاربة فنية مثيرة، دمج فيها مختلف ثقافات العالم كأمريكا اللاتينية وأندونيسيا وأستراليا في جمل تشكيلية إيقاعية ثقافية ومتوازنة، ربطت بين الإيقاع والحركة والسكون، وحملت العديد من الإشارات الحوارية الدافئة الملونة، النابضة بألوان الحياة والحرية.
قدم سارديليتش أعمالاً ذات مستويات وطبقات متعددة بأحجام وخامات مختلفة، انطلق حسه الفني فيها نحو فضاءات وإلهامات جديدة، غلب عليها استعماله لتقنية الاكريلك، مبرزاً التناغم الكامن بين الأشكال الهندسية العضوية والرموز الأسطورية، ومعتمداً على خبرته التراكمية التي لعب فيها الموروث المتوسطي دور المحرك الأساسي في عمله الفني.
استطاعت أعماله أن تعكس هذا الاندماج بين الثقافات المتعددة كما أظهرت لوحاته بالأبيض والأسود نضجاً تعبيرياً، عكس حديث الخيال للحكايات والأساطير القديمة.
يقول سارديليتش: "يلعب موروثي المتوسطي دور المحرك الأساس في عملي الفني، وأسفاري حول العالم جعلتني أفتن بثراء عادات مرئية غذت منظومات إبداعية في حضارات عاتية في القدم مثل الإنكا والمايا". ذلك بحسب ما ذكرت صحيفة "الحياة" اللندنية.
ويرى الفنان أن الإبداعات الأخاذة التي تتميز بها المجتمعات القبلية الأصلية في أفريقيا وشمال أميركا وثقافات أخرى، ساهمت في مجمل أعماله، ويؤكد أن السيل الثقافي المتنوع الذي يعيش كل منا فيه، نتقاسمه بأفكاره وجمالياته، ويشكل جزءاً لا يتجزأ من واقعنا المشترك.
ويضيف: "أحاول دائماً من خلال أعمالي أن أردم تلك الفجوة الزمنية بين تجربة الأجداد والواقع المعاصر، فالفن القديم بنفحاته الروحانية الزاهدة ما زال قادراً على ممارسة تأثيرات عميقة في دواخلنا".
ومن اللوحات اللافتة في المعرض "كنغر كاكادو" التي لم يتقيد فيها بتسجيل انطباعاته المرئية عن تلك المحمية المشهورة بالفن الآرومي (كاكادو) بل غرس فيها ايقونات بصرية فرضت اتجاهاً معيناً للعين من أعلى إلى أسفل ما منح التلقي واحة من التفكير والاستمتاع.
ويحمل سارديليتش لسيدة الغناء العربي أم كلثوم عشقاً خاصاً عبّر عنه في اللوحة التي سماها "الروح الملهمة" حيث استخدم تقنية الفحم والرصاص مستظهراً اياها بمنديلها الشهير، وأيقونات فرعونية شهيرة ورموز تجريدية لعب فيها على جمالية الربط بين الإيقاع والحركة.
ويقول عن أم كلثوم: "هي زهرة المصريين والعرب ورمز أصيل، وهي الروح الملهمة لكل فنان. كما ان وجهها بأنفها الشامخ ووجنتيها البارزتين وذقنها العريض يستفز أي فنان لكي يبدع في جزيئاته وتكويناته". وينظر إليها على انها "مستوى رفيع من الفن".
ويؤكد سارديليتش أن معرضه المقبل سيكون عن الثقافة والحضارة المصريتين، فقد انبهر كثيراً بميدان التحرير وروح الثورة والثوار الذين وجد أنهم فنانون وليسوا أناساً عاديين، ولذلك فقد استعد للمعرض والتقط العديد من الصور لكتابات إسلامية ورموز الحضارة المصرية ولميدان التحرير.
انتي سارديليتش نحات ورسام وفنان طباعي كرواتي يعيش في كندا، تخرج من كلية سبليت للفنون عام 1967، ومنذ ذلك الوقت لم يتوقف عن تقديم عروضه الإبداعية حول العالم، وهو عضو في عدد من المجموعات الابداعية وله أعمال ومقتنيات في كندا والولايات المتحدة والمكسيك وكولومبيا والأرجنتين وأروغواي وتشيلي وإسبانيا وبلغاريا وألمانيا.
التعليقات (0)