شيركو شاهين
sherkoo.shahin@yahoo.com
جمعت بها صدفة يوم قبل المغيب في عيادة وكانت الصدفة بيني وبين كيان حرت عند تعريفه فهو في ظاهره امرأة شقية مشقية وادركت ما أنها الاكتلة انثوية، فالظلوع فيها مكسورة محطمة بالكاد تترابط نهاياتها وان سارت تسير متكئة على مثقلة على انثى مثلها عرفت انها اختها واللون الخمري كان في الماضي لون يزهر به وجهها المقمر الوجنات وكان هذا قبل ان يشوبه حروق وكدمات والشعر المسدل على وسع تلك العينين لم يبقى منه الابالكاد، فهي باختصار بقايا انسان.
تلك ماتحملت مشاعري وصفه فكل ماسمعت في السابق عن ماساة حكت لي او لمستها في الطرقاتي كانت نواة امام هذا الحزن العملاق.
لم اطق بعدها على كرسي الجلوس والهدوء حدا فانتفضت باندفاعة المراهق الشرقي سائلا عن قصتها من اقرب الناس بجوارها بعد ان يئست من سؤالها، فهي الى الواقع بعيدة وعينيها عن الجالسين غريبة ونظراتها الى السماء شاخصة كان بها تشق صفوف السقف باحثة عن بصيص رحمة في السماء وتهذي في صحوها كانها تخاطب ملائكة او ارواح الاعزاء.
اقول ان قلبي لم يستطع بعد ذلك عليها صبرا للسؤال عن حالها وتلمست عند اختها الخبر اليقين حين حدثتني عن حقيقة قصتها او مشهد اعدام روحها.
فالمدعوة المرجوة كان لها زوج هو تؤم روحها ان اختصرنا وصفه، ولها منه ثلاثة ورود وزهرة ينعمان في حديقة حب عامرة هي بيت ميزه الله، باهله وفي يوم انقلاب حياتهم زارتهم امها والتي هي ام محدثتي نفسها وتسامرا وتجاذبا الحديث حتى ازف وقت المنام حالمين بيوم جديد يصحون فيه على صوت العصافير ولكن يابى الارهاب الان ان يقض مضاجعهم حتى في ساعات غفوتهم، فكان اولائك الهلامين واشباه الادمين ينصبون الموت في دار مجاورة كعنكبوت ينصب شباكه العفنة لصيد فراشة نظرة، وما كانت تلك الشباك الا عبوة ناسفة هيئت لتنفجر في كمين لرجال الشرطة بعد ان سربت لهم انباء مظلله عن ان الدار يامها عدد من المخربين في الوقت الذي كانت تلك العناصر المجرمة قد قد لاذت بالفرار وكان بعدها ان دك عماد تلك الدار المؤجرة مخلفة بعدها عصف فظيع ساحقا وملتهما بعدها دار هذه السيدة المسكينة ودار الجار الاول والثاني ليسود بعدها ظلام دامس طغى على كل الحواس، ورائحة الموت تفشت حتى ازكمت الانوف وملاء الغبار بواطن الاحشاء في ذلك الظلام كانت وحيدة قلقة راعشة تنفث الدم وشعرت انها اقرب ما تكون الى ملاك الموت، ومرت بعدها امام عينيها حياتها متساقطة كاوراق الشجر الذابل عند اطلالة خريف حزين.
واستمر >لك الظلام حتى صحت وابصرت النور من مقلتيها، وكان اول سؤوالها عن حال احبائها فانهالت عليها الصواعق من كل حدب وشق في جسدها فادما مشاعرها فوق دمياها، فقد ازهقت في تلك الليلة الظلماء روح امها وزوجها تؤم روحها وقطت تلك الايادي البغيظة زهرة حياتها وورودها ،ابنتها وابنائها، فانهارت تحت تلك الصواعق لبنات كيانها لتغيب بعدها عن عالم الاحياء بقلبها وروحها اما جسدها فهو على الارض لازال بين من يجتهدون لعلاجها ومواساتها.
لن اضيف اكثر فان القلب قد ضمر بعد تلك الحكاية والدم ال>ي في عروقي بالكاد يندفع كاني جمدت في ساعتي تلك ولحظتي، فلم اعد اطيق الحراك بعد تحجر اطرافي وفكرت مليا فيما اقوله، فكرت.. وفكرت.. وفكرت ولم اجد بعد للسان الحال قولا.
فه>ه لحظة اجحاف انساني لحوريات بلدي ورجال بلدي ومستقبل بلدي ، اقول اني عجزت عن ابدأ الراي في تلك الواقعة فانا اعرف اني مازلت غرا على مثل هك>ا حكايا، فناجيت عقلي لعل وعسى ينجدني فامد يدي العون لهم باضعاف الايمان الاوهي الكلمات لعلها تشفي غليل محدثتي ولكني سكت طويلا حتى مل القبر من صمتي.
فيا ترى بما>ا ادعوا لها وعلى ما>ا اصبرها واواسيها وهل تكفي العبرات لانسيها اما حنونا احتضنتها لسنينا؟ او حبيبا غاليا كان لليال طويلة فارسا لاحلامها وامانيها؟ ام ادعوا لها ان يعوض عليها ابنائها ال>ين كانت ت>خرهم لغد جديد ومستقبل سعيد؟ ام على صحة افلت من> يوم رحيلها، ام.. وام.. وام..
لا ادري ولا اعرف كا ماخطر في بالي هل ان ماب>لته تلك العراقية كان من ضمن ما نخسره كل يوم ثمنا للحرية؟ تلك الحرية التي امست شماعة ثقلت باحمالها وسط كم العاديات التي تخطف منا الاحباء ،واين هم المعنيون من ه>ه الهموم اليس من المفروض انهم رعاة امرنا فالى متى سوف يبقون ساهون، فارضنا من> سقوط صنم دكتاتورنا الملعون (صدام الرجيم) يئنون كل يوم ويلثمون جراحات دامية متوالية والارهاب يتربص بالعراقي الانسان(وحتى الحيوان) ليفتك به من كل حدب وصوب قد تصل اليه يداه الملعونة كل يوم بدماء الابرياء.
حتى اخ>نا بعدها نخشى ان يستمرالحال على ماهو عليه فيتزعزع بالتغيير ايماننا وتغور الارض من تحت اقدامنا وحينها لن يفيدنا بشيئ ما سيعوضه علينا قادمنا. تلك الاسئلة والاجوبة كانت سلوتي في حديثي مع تلك الفتاة التي روت لي القصة باكملها.
وبعدان ودعتها وودعتني ببتسامة حنون تاركة خلفها صفحات >كرياتها في مخيلتي فات>كرها كلما اعيد الحديث عن الضمائر المتوفزة بوجه الفاجعة والمحنة والالم، وخرجت بعدها الى الطرقات في تلك الليلة ورفعت راسي الى الله سبحانه وتعالى لاسئله بعدها سوالا تمنيت به ان المس لجروحي جوابا:
لما>ا يارب تركت تلك المسكينة تائهة حائرة بين الارض والسماء؟ فلا للارض توصل قدمها ولا لجناحي روحها الى الخلد قدرت الطيراني.
او كما قال السياب في (سفر ايوب):
يارب ايوب قد اعيا به الداء
في غربة دون ماء ولا سكن
يدعوك في الدجن
يدعوك في ظلمات الموت : اعباء
ناد الفؤاد بها فارحمه ان هتفا.
نشر بتاريخ 29/10/2005
التعليقات (0)