فلسفتنا بأسلوب و بيان واضح : الرأسمالية تفتقر للفهم الفلسفي للحياة .
واجه العالم شتى الأنظمة التي تحمل الأفكار المختلفة تبعاً لما تنشده من غايات تسعى لتطبيقها على أرض الواقع من جهة، و كذلك للأدوات المسخرة لخدمة أهدافها التي أعدتها ومن خلف الكواليس، لكن يبقى السؤال الأهم وهو هل نجحت هذه الأنظمة في مساعيها أم أنها فشلت في تحقيق ما تصبو إليه ؟ فيأتي الجواب من خلال قراءة واقعها المعاصر فهذه الأنظمة قامت على أسس و نظريات هشة لا تلبث أن تسقط و تتهاوى أمام أول عاصفة تمرُّ عليها فتكشف أوراقها و خباياها وهذا ما يفسر لنا سرعة انهيار هذه الأنظمة و عدم قدرتها على الصمود طويلاً في سوح النزالات الفكرية و المجادلات العلمية ولعل النظام الرأسمالي أحد تلك التيارات التي اجتاحت الأرض بفكرها و رؤيتها وما تعتقد به من وجهات نظر جعلته ينفرد عن سابقيه وفي قراءة موضوعية لخضم ما يحمل هذا النظام في جعبته نرى أنه لم يكن يختلف كثيراً عن كل مَا سبقه فقد تناولته الأقلام العلمية بالبحث و التدقيق و غاصت في أعماقه فأخرجت ما فيه من ضحالة فكرية و سفاهة الأحلام و سذاجة العقول التي تقف وراءه ولعل من أبرز تلك الأقلام ما صدر من مؤلف للعالم الكبير الشهيد السعيد محمد باقر الصدر - قدست نفسه الزكية – مؤلفه الشهير فلسفتنا الذي وضع النقاط على الحروف و اليوم نجد أن مسيرة العطاء العلمي و الفكري لم تتوقف عجلتها بل لازالت تواصل التقدم إلى الأمام وهي تحثُّ الخُطى نحو التعمق التحليلي الموضوعي للنظام الرأسمالي فقد كشف عن نقاط الضعف و الركاكة العلمية ولعل من أهمها هو عدم فهمه الفلسفي للحياة الذي نتج عنه عدم تفهمه لأصل المشكلة التي تمرُّ به البشرية الآن وهي المشكلة الاجتماعية فقد جعلت منها كالغابة التي يسودها قانون البقاء للأقوى فملأتها ألوان الصراعات و أصبحت مرتعاً للتناقض و الاقتتال المقيت بسبب الاختلاف في وجهات النظر مما أدى إلى سوء الفهم الذي آمن به الفكر الرأسمالي رغم ما فيه من متاهات و ما سيؤول إليه الواقع من عواقب وخيمة كانت نتائجها ما تعيشه البشرية اليوم، فبسبب عدم امتلاكه التفسير الدقيق للواقع و تأسيس صحيح للحياة فقد سقطت الحلول الناجعة من يدي هذا النظام فبات يُشكل وبالاً على المجتمع الإنساني وهذا ما كشف عنه المحقق الأستاذ في بحثه الموسوم فلسفتنا بأسلوب و بيان واضح المبحث الثالث فقال فيه : ((ولكنَّ النظام الرأسمالي لم يركّز على فَهْمٍ فلسفيٍّ (واقعيٍّ) مادّيٍّ للحياة، وهذا هو التناقض والعجز، فإنَّ المسألة الاجتماعيّة للحياة تتّصل بواقع الحياة، ولا تتبلْوَر في شَكْلٍ صحيح إلّا إذا أُقيمت على قاعدة مركزيّة تشرح الحياة وواقعَها وحدودَها، والنظامُ الرَّأسُماليُّ يفقد هذه القاعدة (الفلسفيّة الواقعيّة)، فهو ينطوي على خِداع وتضليل أو على عجلةٍ وقلّةِ أناة، حينَ تُجَمّد المسألة الواقعيّة للحياة وتُدرَس المسألة الاجتماعيّة منفصلة عنها، مع أنَّ قوامَ الميزان الفكري للنظام (الاجتماعي) يكون: أـ بتحديد نظرته منذ البداية إلى واقع الحياة (التي تموِّن المجتمع بالمادّة الاجتماعيّة، وهي: العلاقات المتبادلة بين الناس)، ب- وطريقة فهمه لها، جـ- واكتشاف أسرارها وقِيَمِها )) .
فالحياة مدرسة يتعلم منها الإنسان التجارب الكفيلة بإخراجه من دهاليز المشكلات الاجتماعية التي تواجهه خاصة تلك التي ترتبط بشؤونه الاجتماعية ارتباطاً كلياً فهي تبحث عن التفكير العُقلائي الناجح بغية الوصول إلى أفضل السبل الصحيحة للخلاص منها .
بقلم احمد الخالدي
التعليقات (0)