مواضيع اليوم

فلسفة مفتوحة تساوي فيلسوف متميّز

محمد سعيد مزوار

2014-10-10 07:25:44

0

 

لا يعود الفرد الإنساني إلى عمقه بالضرورة عند الحاجة، قد يكون هو الوحيد الذي ينزف حتى الموت، لكنه لا يخشى النزيف إن كان له أثر رفيع القيمة بين كل ما يوجد ومستعد للوجود، لأنّ الفرد في حد ذاته هو متعة الوجود من بين كافة الموجودات، هو قمة التحرّك في قوام لا يتخذ الكثير من علامات الرأفة إلا حينما يجد أمامه جوهرا قصديا من أجل إكمال المسير، هذه هي أحوال الإنسان التي لا تستقر عند معطى بعينه، فقط لأنها أخطر من أن تجد عيونا يمكنها أن تكون مستقرة بجهد واضح.

من جهابذة الأقوال أن يجد الفرد الإنساني فسحة خالية من عتمة الاضطراب، لكن أن يتخذ من هذه الفسحة مرام مختلفة العودة ومؤثرة بفعل كتواصل هي إمكانية بعيدة الاحتمال، كون أن الأفراد لا وجود لهم بين الذين يحاولون من أجل تفجير اللغم الأزلي، ذاك المخبأ جيّدا في أسرار الفلسفات وأقوال السادة والسيّدات.

من يحب بصدق يدرك ما أقول، هي المودة التي يجب على الفرد الإنساني أن يكتشفها بكامل طاقته، وهي حتما ستتكفل بالباقي، لأنها الأقدر على إكمال المسير، فطريقها أوعر من أن يحاول الفرد لوحده السير عليه، كونه في حاجة إلى احدى التفاحتيْن، إما تفاحة آدم التي أنزلت البشرية إلى الأرض، أو التفاحة التي تجعل الأميرة في الروايات تدخل في غيبوبة مؤقتة من أجل اختبار محبيها لمدى حبهم لها.

لقد خرج الكون من الحب، حب إلهي كوني يجعل الناس في خانة واحدة عندما يدخلون الدنيا، لا لأمر سوى لسبب واحد، ألا وهو أنّ كل فرد يتنفس، وما دام كذلك فهو يحمل الحق في حقوقه، في المقابل يدفع ضريبة تنفسه عبر قيامه بواجباته، حيث تترتب التراتيل القانونية في شكل بهيج ومعقد.

لا يمكن أن نحكم على الناس تبعا لأقوالهم، لأن شرائع المشرق والمغرب، الشرق كما الغرب تجعل من الأفعال هي مصدر التقدير والمقامرة ومنبع المسؤولية، لا يمكن أن ندين من هدد بالقتل ولم يقتل، لكننا نعدم من قتل فعلا ولم يصرّح بجريمته، هكذا نظّرت المؤسسات القانونية كما جاءت به الديانات والأعراف.

هناك الكثير من الأخطاء التي تستحق أن تكون مصدر عقاب، لكن أن يجعل الفرد الإنساني عقابه رفيقا له في كافة مسار حياته هي قضية تبعث على لوم الذات قبل أي أمر آخر، لأن الفرق بين جزر المحيطات المعرضة لالتهام الموج في كل لحظة والأبنية الحجرية القديمة التي لم تدمّرها قوى الزلازل هو واضح للمتأملين بشكل لا قبل للشك بأن يتسرب إليه.

يصعب على الفرد الإنساني أن يعود إلى ما اعتاد على ارتياده، يصعب عليه أن يلوم من لا طاقة لهم، لكن أن يجعل تنمية ذاته العنوان والمنتهى هو الأمر الذي يكاد يكون أسهل المصاعب وأعقد العقد، لكن من الضروري مراجعة الفوضى من وقت لآخر، لأنها إن لم تُضبط بشكل بسيط، انفجرت على نحو شديد.

 

"... يتعلق الأمر بمجاهدة مستمرة في تذليل العقبات وتهذيب النزوات وهي قيم اشتهرت الرسائل الأخلاقية، الفلسفية منها والعرفانية، في الاشارة إليها والتوكيد عليها؛ وتأمين "الطفل الداخلي" الذي يحمله كل شخص في أعماقه والذي يكبر معه ولكن ليس بالطريقة المثلى والمحببة... "

(محمد شوقي الزين، الثقاف في الأزمنة العجاف، منشورات الاختلاف – الجزائر، 2014م، ص: 333)

 

ليس على الإنسان أن يكون مخلصا بالقدر الكافي للآخرين حتى يخلص بما هو مطلوب لذاته وكبريائه، إن المطلوب هو ما يتحرك داخليا من أجل تسوية الخارج بما هو متاح، وهذا ما من شأنه احكام القبض على كل متحرك خارجي إن كان الداخل العميق للبشري متماسكا ومنسجما للغاية.

 



التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !