فلسطين في التاريخ ( من ارض كنعان الى وعد بلفور )
تعتبر شبه الجزيرة العربية الشريان الذي يمد البلاد المجاورة لها بالدماء الجديدة " العراق والشام ومصر " فقد خرجت موجات بشرية منها .. الآشورية والأكادية الى العراق .. والآمورية والآرامية والكنعانية الى الشام .. وتوجهت قبائل آمورية الى بلاد ما بين النهرين " العراق "
وأسست مدينة بابل " الاسرة البابلية " .. كما خرجت قبيلة آرامية من بلاد الشام الى جنوب العراق والخليج العربي وهي قبلية كلدى التي أقامت الكلدانية وجددت بابل .
اما الكنعانيون فقد سكنوا ساحل بلاد الشام في 3000 قبل الميلاد وأطلق عليهم في الساحل الشمالي اسم ..
الفينيقيين .. في حين اطلق على القسم الجنوبي " ارض كنعان " .. اهتم الكنعانيون بالزراعة فدُعيت بلادهم الارض التي تدر عسلا ولبناً .. وبنوا المدن ومنها " اريحا والسدود وبير السبع وعسقلان وغزة ويافا ومجدو وسبسطية " السامرة " وبيسان ونابلس " شكيم" والخليل والقدس " يبوس" واليبوسيون الذين اهم بُطُون كنعان هم الذين بنوا مدينة القدس وأطلقوا عليها " اورسالم" اي مدينة سالم .. وكانت لغة الكنعانيين عربية قديمة مختلفة عن لغة القرآن لكن بها شبه من اللغة العربية الان .. .
بعد الألف الثاني انتقل ابراهيم عليه السلام من " اور" بالعراق الى حلب ومنها الى ارض كنعان ثم هاجر الى مصر مع زوجته ساره وقد اهدى فرعون مصر " ساره" جارية تسمى "هاجر" فتزوجها ابراهيم لان ساره لا تنجب فأنجب منها اسماعيل وهو جد نبينا محمد عليه الصلاة والسلام .. ثم شاء الله ان تنجب ساره "إسحاق" الذي أنجب يعقوب " اسرائيل" ثم أنجب يعقوب الأسباط الذين تَرَكُوا ارض كنعان بعد ان اصابها القحط وأقاموا بمصر وحينها صار يوسف على خزائن مصر وتكاثر بنوا اسرائيل في مصر وتعرضوا لأذى فرعون فنجاهم الله منه على يد موسى عليه السلام قاصدين الارض المقدسة لكنهم نقضوا العهد وفسقوا فضرب الله عليهم التيه أربعين سنة في سيناء خرجوا بعدها الى ارض كنعان بقيادة يوشع بن نُون بعد وفاة موسى عليه السلام .. واستطاعوا احتلال بعض الأماكن من ارض كنعان وعاشوا فيها اسباطا متفرقين .. بعد وفاة يوشع اختلط العبرانيون بالكنعانيين فتعلموا لغتهم وتعلموا الزراعة وسكنى المدن وعبدوا آلهتهم منحرفين عن التوحيد الذي جاء به موسى .. ثم اتحدوا وكونوا دولة وكان اول ملوكهم " شاوؤل " او طالوت .. وقد اشتهر من ملوكهم داوود عليه السلام الذي ملك " القدس" وجعلها عاصمته وانتصر على الكنعانيين وقتل ملكهم جالوت وانهى امرهم .. ثم بعده جاء سليمان وامتدت دعوته الى الاسلام حدود الشام الى اليمن .. وبعد وفاته انقسمت مملكة العبرانيين الى قسمين .. مملكة الشمال " اسرائيل" وعاصمتها السامرة .. ومملكة يهوذا وعاصمتها "القدس" .. وكانت علاقتهما عدائية ، وتقلصت كل منهما الى ان قضى على الدولة الشمالية " الآشوريون" بقيادة "سرجون" 722 قبل الميلاد .. وقضى على المملكة الجنوبية "نبوخذنصر " 587 قبل الميلاد ، واحرق القدس وهدم هيكل سليمان وسبى العبرانيين الى بابل وبذلك زالت دولة العبرانيين وعادت ارض كنعان عربية .. وفِي بابل وضع أحبار العبرانيين أصول الديانة اليهودية التلمودية المحرفة " المشنا والجمارة" وهي شرح محرف للتوراة .
اما مسمى فلسطين " والفلسطينيون " .. فيرجع عندما تعرضت بلاد اليونان وجزر بحر ايجة لغارات البرابرة اليونان فهربت قبيلة " بلست" من جزيرة كريت وغزت ارض كنعان واستقرت في السهل الجنوبي الغربي من " يافا الى غزة " وسمي هذا الجزء باسمهم " فلسطين"
وقامت بينهم وبين العبرانيين معارك طويلة انتهت بانتصار العبرانيين بعد ان قتل داوود جَالُوت ، وانتهى بذلك دور الفلسطينيين من التاريخ نهائياً ولكن بقي الاسم على جزء من ارض كنعان .
ومن الجدير بالذكر ان كورش الفارسي احتل بلاد الشام هو الاخر وضمها الى دولته عام 538 قبل الميلاد ولما كانت زوجته يهودية قدم له اليهود مساعدة في فتحه بلاد بابل والشام ومصر فسمح لمن يريد العودة من بني اسرائيل الى ارض كنعان .
وكذلك فقد قام الإسكندر المقدوني بالاستيلاء على بلاد الشام وطرد الفرس .
وبقيت هذه الارض مضطربة ردحاً من الزمن ومسرحا لنزاعات كبيرة بين البطالسة في مصر والسلوقيين في الشام وقد حاول اليونانيون نشر حضارتهم عن طريق انشاء المدن والمدارس والمسارح والمعابد لكن تأثيرهم لم ينجح بسبب ان غالبية السكان كانوا متمسكين بتراثهم وعاداتهم ولغتهم ولم تؤثر لغة السريانية اليونانية فيهم .
وفِي زمن الإمبراطور " اغسطس قيصر " ظهر المسيح في ارض كنعان الا ان القيصر انحرف بالنصرانية من التوحيد الى التثليث على يد بولص " شاول" وقد وقف اليهود مع الوثنية الرومانية ضد المسيحية .. .
وبعد محاولات لليهود لاستعادة امجادهم من خلال الثورات من عام 70 ميلادي الى 135 ميلادي زمن الإمبراطور هادريان لكنه هو الذي قاد الحملة بنفسه وقضى على وجود اليهود نهائياً في فلسطين ومنعهم من دخول القدس ودعاها " ايلياء كابيتولينا" وتعتبر هذه السنة نهاية الوجود اليهودي على ارض كنعان ففيها انتهت علاقة اليهود بفلسطين سياسيا وسكانيا وبقيت محرمة على اليهود ، حتى الفتح الاسلامي اي بعد خمسة قرون .. ثم ظهرت أهمية القدس في الاسلام عندما اسري برسول الله صلى الله عليه وسلم من المسجد الحرام الى المسجد الأقصى فارتبطت هذه الارض ارتباطا كاملا بالكعبة وبالمسجد النبوي ، والإسلام هو خاتمة الرسالات السماوية فهو الوريث لارض الانبياء والمرسلين كما كانت القدس قبلة الاسلام الاولى .. ثم بدأت غزوات الرسول صلى الله عليه وسلم الى ارض الشام فكانت غزوة دومة الجندل 5 هجرية وسرية مؤتة 7هجرية وغزوة تبوك 9 هجرية وبعث اسامة الذي أنفذه ابوبكر لفتح الشام فكان قائد جبهة فلسطين عمرو بن العاص وشهدت هذه الارض معارك حاسمة اجنادين وفحل واليرموك ثم تم فتح بيت المقدس وتسلمها عمر بن الخطاب بنفسه من صفرونيوس بطريك القدس عام 16 وصدرت العهدة العمرية ونص فيها على ان لا يسكن ايليا القدس احد من اليهود .. فأصبحت بلاد الشام بما فيها ارض كنعان عربية إسلامية .. .
واستمر هذا الى فترة الحروب الصليبية حيث استطاع الصليبيون ان يقيموا مملكة نصرانية في بيت المقدس في القرن السادس الهجري بعد ان قتلوا سبعين ألفا من المسلمين داخلها .. وقيض الله المجاهد صلاح الدين الأيوبي الذي أجلاهم عام 583 هجري في شهر رجب بعد ان انتصر عليهم في معركة حطين الشهيرة قرب بحيرة طبرية وانتهى دورهم .
اما عن خطط الصهيونية والاستعمار تجاه هذه الارض .. فتعود جذورها التاريخية للحركة الصهيونية الى القرن التاسع عشر التي تتفق مع المصالح الاستعمارية في إيجاد حل للفكرة الصهيونية وذلك بدفع اليهود الى خارج مجتمعاتها الاستعمارية وقد لاقت هذه الفكرة تأييدا وتشجيعاً من الرأسماليين اليهود الكبار .. وقد كانت الدول الأوربية قد فرضت على الدولة العثمانية الضعيفة بعض الامتيازات الأجنبية التي كانت منحة ايّام قوة الدولة ثم أصبحت غلا يطوقها في ضعفها بحيث بات المقيمون الأجانب دولة داخل دولة لا تسري عليهم القوانين والضرائب العثمانية واستتبع ذلك اقدام هذه الدولة على الالتزام بسياسة هدفها الحفاظ على المصالح التجارية في المنطقة تحت ستار الأقليات الدينية ففرضت فرنسا حمايتها على النصارى الكاثوليك وروسيا على الأرثودكس واعلنت بريطانيا حمايتها للدروز والبروستنت واليهود في سوريا وجبل لبنان وفلسطين وكان من جراء ذلك ان أقامت بريطانيا اول قنصلية غربية في القدس عام 1255 هجرية 1839 ميلادية ووجهت معظم جهودها ونشاطها لحماية الجالية اليهودية في فلسطين .. والواقع ان القضية تخطت مسالة الحماية في فلسطين الى تحقيق أهدافها في الشرق عن طريق تأمين المواصلات البريطانية الى الهند والشرق الأقصى وابعاد أية قوة كبرى عن المنطقة بجعلها مجالا بريطانيا بحتا ومنع ظهور اي قوة محلية وضربها اذا ظهرت كما حرصت على الملاحة في قناة السويس بعد فتحها عام 1869 ميلادية وكذلك تأمين الامداد النفطي والحصول على اكبر قدر من الأرباح منذ اكتشافه في أوائل القرن العشرين في المنطقة .. .
وإذ ذاك كانت الجالية اليهودية لا تتجاوز تسعة آلاف نسمة موزعين بين القدس والجليل وطبريا .. وقد كان شق قناة السويس واحتلال بريطانيا لمصر في النصف الثاني من القرن التاسع عشر له أعمق الأثر في ضرورة السيطرة على فلسطين وإقامة مستعمرة يهودية تحت حمايتهم .. وقد سبق هذا ظهور الحركة الصهيونية وكتابات رواد الفكر الصهيوني .. وكان لأثر حملة نابليون وحصاره لعكا عام 1799ميلادي واستعطافه لليهود في نصرته تحت رايته لإعادة مجد اسرائيل الضائع في القدس باعتبارهم الورثة الشرعيون ، ظهور ذلك في كتابات رواد الفكر الصهيوني مما اجج الشعور بضرورة الاستيطان وانه منحة السماء الموعود ! .
وقد مرت الهجمة اليهودية بعدة مراحل كان أولها التسلل الى فلسطين .. وكان للبارون إدموند روتشليد 1301 ميلادي جهود كبيرة فأنشأ الجمعية اليهودية للاستعمار عام 1301 ميلادي بهدف تنظيم تملك اليهود للاراضي واستيطانهم .. كما اصدر الكاتب اليهودي النمساوي هيرتسل 1313 ميلادي كتاباً بعنوان الدولة اليهودية وأنها مسالة قومية لا يمكن حلها الا عن طريق تحويلها الى قضية سياسية عالمية باعتبارها ليست مسالة اجتماعية او دينية .. وقد تمكنت الصهيونية في هذه الأثناء من استمالة الأوربيين فادخلت في نفس المتديين الأوربيين فكرة شعب الله المختار وأرض الميعاد باعتبار الاوربي يُؤْمِن بالعهد القديم .. اما غير المتدين من الأوربيين فهو يرغب في التخلص من جشع اليهود ومكرهم عن طريق تأييد الصهيونية في ارض يتجمعون فيها فتستريح أوربا منهم .. ومن جهة الصهيونية وبيوت مالها الكبيرة ، في مقابل تحقيق استيطانها ، ابدت للدول الاستعمارية ان تكون خادمة لها عن طريق المساعدات والقروض المالية السخية .. .
أقام المتسللون عددا من المستوطنات كان منها تل ابيب .. وقد بدأ وضوح الهدف الصهيوني عام 1315 في مؤتمر بازل بسويسرة وضم 204 مندوب يمثلون الجمعيات الصهيونية في العالم وكانت أهداف المؤتمر
هو .. خلق وطن للشعب اليهودي في فلسطين يضمه القانون العام .. ووضع برنامج لاستعادة ارض مملكة اسرائيل بحدودها التاريخية المزعومة .. وكانت توصياتهم .. ضرورة استعمار فلسطين .. وتقوية الشعور والوعي القومي اليهودي .. والسعي لدى الحكومات المختلفة لتأييد كفاح اليهود .. وتنظيم العناصر اليهودية وتوثيق الروابط بينها .. ووضع المؤتمر شعار علم اليهود والنشيد القومي اليهودي وتأسست الهيئات الصهيونية التنفيذية وصندوق الائتمان لشراء الاراضي .. .
وهكذا صاغ الكاتب هيرتسل الافكار الصهيونية في حركة سياسية لإنشاء الدولة القومية وأسطورة الجنس الواحد التوراتية .. وقد قال مختصرا " ان مؤتمر بازل أسس الدولة اليهودية وقال.. بعد خمسين سنة على وجه التأكيد سيرى الناس هذه الدولة " .. .!
وتلا ذلك المؤتمر الثاني 1316 وأقروا تشكيل لجنة استعمار فلسطين وإنشاء المصرف الاستعماري اليهودي .
وقد وضع المؤتمر قرارات سرية أظهرها فيما بعد بروتوكولات حكماء صهيون كان في ضمنها إشعال حرب عالمية والسيطرة على العالم اقتصاديا وفكريا تمهيدا للسيطرة اليهودية على العالم .. واصبحت الصهيونية تركز عدائها على العالم الاسلامي وحده وكانت الدولة العثمانية آنذاك زعيمة المسلمين، وفلسطين من أملاكها فاتبعت الصهيونية معها عدة أساليب .. اُسلوب الاغراء والرشاوي عن طريق الوسطاء الأتراك والاوربيين خاصة المانيا وتقدموا بطلب التماس لتحقيق مطامعهم وعرض على السلطان تسديد ديون الدولة العثمانية مع خمسة ملايين ذهب لجيبه الخاص مقابل السماح لليهود باستيطان فلسطين كرعايا للدولة العثمانية لكن السلطان رفض ذلك وعرف الاعيبهم واتخذ تدابيره ليحول دون تسللهم وقام بفصل عامله على فلسطين ودمشق ومنع بقاء الزوار اليهود للقدس اكثر من ثلاثة أشهر وحدّ من تسللهم الى ارض فلسطين .. لكن الصهيونية عمدت الى تهديد الدولة العثمانية عن طريق الدول الأوربية الاستعمارية خاصة النمسا وبريطانيا والمانيا وحاولوا الحصول على العريش وشبه جزيرة سيناء وقد وافق كرومر المعتمد البريطاني في مصر على منح الصهيونية العريش وسيناء وقابل هرتزل المستشار القانوني لحكومة مصر بهدف الإعداد للتعاقد على استعمار سيناء والعريش لمة 99 سنة ! لكن المشروع فشل بجهود الدولة العثمانية .. ولم يهدأ المستعمرون بل عمدوا لاسلوب التآمر وذلك بتشويه سمعة السلطان عبد الحميد واتهامه بالرجعية والاستبداد حتى اصبح ممقوتا عند شعبه لما تملكه الصهيونية من شبكات وسائل الاعلام .. ومن ذلك اثارة النعرات القومية داخل الدولة العثمانية عن طريق الجمعيات الماسونية التي انضوى اليها بعض الشباب العرب والاتراك في باريس وبقية أوربا .. فظهرت فكرة القومية التركية الطورانية وفكرة القومية العربية وتمكنت جمعية الاتحاد والترقي من ازالة السلطان عبد الحميد .. وكانت فيها عناصر الدونمة يهود سالوني عام 1909 ميلادي وقطف اليهود الثمار بهجرة اليهود الى فلسطين وارتفع عدد اليهود الى 85 ألفا مقابل اهل فلسطين البلغ عددهم 689 ألفا .. .
كان بالإمكان ان يحصل اليهود على أوغندا او مدغشقر ليقيموا وطنا لهم .. بدلا من فلسطين كما عرضته عليهم دول الاستعمار .. لكنهم اصروا على فلسطين لا لان جوفها يحتوي على عشرين ضعف احتياطي البترول في الامريكيتين .. او لاستثمار البحر الميت لما في مياهه من أملاح وغيرها .. بل لان فلسطين هي ملتقى الطرق بين أوربا وآسيا وافريقيا ولأنها المركز الحقيقي للسياسة العالمية والمركز العسكري الاستراتيجي للسيطرة على العالم .. وهكذا تطابقت المصالح الاستعمارية مع أهداف الحركة الصهيونية .. .
استطاعت الصهيونية ان تمد نفسها بين مختلف دول العالم المتحاربة في فترة الحرب العالمية الاولى عن طريق الجاسوسية والاموال والدعاية وقد نجحت في روسيا حيث ازالت الحكم القيصري وقام الحكم الشيوعي عام 1917 ميلادي وكان معظم زعماء الشيوعية صهاينة كما نجحت في إسقاط الخلافة العثمانية كما مر بِنَا .. ومن ذلك قدم هربرت صمويل احد اقطاب الصهيونية الإنجليز مذكرة الى الحكومة البريطانية عرض فيها مشروعا لتأسيس دولة يهودية في فلسطين تحت إشراف بريطانيا يأوي اليها ثلاثة او أربعة ملايين من اليهود المشردين في أوربا قائلا .. وبذلك نكون قد أقمنا بجوار مصر وقناة السويس دولة جديدة موالية لبريطانيا .. فتمكنت بريطانيا الاستعمارية، من خلال وعد بلفور منح أرضا لا تملكها الى جماعة لا تستحقها على حساب من يملكها ويستحقها !! وقد كان في ثنايا كتاب بلفور الى اللورد روتشيلد قوله " ان حكومة جلالة الملك تنظر بعين العطف الى إقامة وطن قومي في فلسطين للشعب اليهودي وسوف تبذل أقصى جهدها لتحقيق هذه الغاية ، مع العلم ان حكومة جلالته لن تفعل شيئا ينطوي على مساس الحقوق المدنية والدينية للطوائف غير اليهودية "!! .
أعلن عندها وايزمن رئيس المنظمة الصهيونية العالمية حقيقة تصريح بلفور بقوله " اننا اتفقنا مع الحكومة البريطانية على تسليم فلسطين لليهود خالية من سكانها العرب " ! وقد كانت مكافئته بعد ذلك، رئاسة اول حكومة صهيونية في فلسطين بمباركة بريطانيا المنفذة لوعد بلفور .. .
عندها تمكن الجنرال اللنبي البريطاني من دخول القدس كالفاتحين .. في 21/كانون الاول عام 1917 بعد اقل من ستة أسابيع من اعلان وعد بلفور وقال " الْيَوْمَ انتهت الحروب الصليبية " وعقبت بربارة توخمان الكاتبة اليهودية في كتابها التوراة والسيف " وهكذا دخل الجنرال اللنبي الى القدس عام 1918 فنجح حيث كان ريتشارد قلب الأسد قد اخفق تعني ( ايّام صلاح الدين ) ولولا ذلك الانتصار لما كانت اعادة اسرائيل الى ارض الميعاد قد أصبحت حقيقة واقعة وكذلك لم يكن بإمكان اللنبي ان ينجح لولا محاولة ريتشارد .. بمعنى لو لم تكن النصرانية قد أقامت في الاصل الأساس الذي يحمل النصارى على التعلق بالأرض المقدسة .. بيد ان هناك مفارقة كبيرة تتعلق بأصول هؤلاء الصهاينة وبين العبرانيين الذين ساكنوا الكنعانيين ارض فلسطين .. فهؤلاء الصهاينة لا علاقة لهم من حيث اصولهم بهذه الارض .. فهم ليسوا ساميين ولا عبرانيين .. فان 90% منهم ينتمون الى أصول خزرية .. فهم اشكنازيم سكناج ينتمون الى يهود أوربا الشرقية .. وسفاريم وهم يهود آسيا وافريقيا والأندلس .. وكان الاشكنازيم قديما محتقرين اما الْيَوْمَ فالامر بايديهم وهم غلاة الصهيونية
ويكون السفارديم 55% من يهود فلسطين لكنهم محتقرون ومبعدون عن مراكز الدولة .. اما لغة الاشكنازيم فهي اليديش وهي لغة المانية الاصل مطعمة ببعض العبرية وتكتب بالعبرية وهي لغة كتابة وليست لغة تخاطب بين يهود شرق اوربا .. الى ان وضع الحاخام بن يهوذا عام 1911 لغة عبرية حديثة هي لغة اليهود الْيَوْمَ بناء على قرار مؤتمر بازل الصهيوني الذي مر بِنَا ذكره .. .
وهذا يعطي دليلا قطعياً على ان يهود الْيَوْمَ .. شرذمة اوربية ومن الشذاذ اليهود من المدن الاخرى التي مرت بنا جمعهم وعد بلفور في ارض الكنعانيين التي يطلق عليها الْيَوْمَ فلسطين .. وبهذا لا يوجد أدنى شك انهم شرذمة محتلون ساعدتهم بريطانيا وحلفاؤها في احتلال هذه الارض الاسلامية المباركة دون وجه حق.
التعليقات (0)