... انها فلسطين و لن تتغير او يغير اسمها او شعبها اي شيء فهي كما هي منذ انتهاء الخلافة العثمانية و نحن اهلها الفلسطينيون نعاني الامرين و على الرغم من ان البعض يعتبر تلك الخلافة نوعا من الاحتلال و التسلط التركي على العرب و المسلمين ... بل نحن منذ مؤتمر بازل" 1897" و حتى اليوم و نحن نعاني ويلات الهيمنة و الغطرسة و التنكيل و وصل بكل العالم ان آجر و شارك بضياعنا و تشردنا و اعانة اليهود "اسرائيل" على القيام في عام 1948 و بتصريح من لا يملك لمن لا يستحق في وعد بلفور 1917 و تتواصل الويلات و الثورات و اي ثورات و نحن كاننا بركان لم يهدأ و لكن لم نحقق شيئا ... بل حققنا في نهاية المطاف دولتين و حكومتين ... و عدة شعوب في شتى بقاع الأرض و خسائر في الاموال و الارواح "الشهداء" و الأرض لا تستطيع دولة عتيه قوية كبريطانيا المُخططة و امريكا الداعمه ان تتحمل ما تحملناه او حتى ان تقبل عيش اليهود و صهيونيتهم على اراضيها ... ثورات بألوان و لاسباب مختلفة و مجازر اخرى بالوان و لاسباب مختلفه و جدران و لا احد يعرف حتى اليوم السبب وراء مجزرة دير ياسين او كفر قاسم او مخيم جنين ... و لا نعرف ماذا نقول "اهي مشكله بين يهود و عرب او بين مُحتل و صاحب وطن" ... ننسى كثيرا ان نُعرّف طبيعة الصراع اهو ديني ام سياسي و ان كان الاخير فالحل ممكن و ان كان الاول فالحل مستحيل ...
بعد كل معركة نخسر اكثر و اكثر لذلك لا " احبذ " الدخول بثورة او معركة او انتفاضة جديدة كما ينادي و يقول به البعض و ان كانت لدينا الارادة فهي بحاجة لادارة ... و الرأي في ذلك اي بما اقول ... علينا ان نحافظ على ما تبقى قبل ان يضيع كل شيء و حتى ان لم ندخل المعركة الجديدة هذه فقد دخلنا مفاوضات جديدة و نتيجتها واضحه و هي ايضا سيضيع كل شيء و السبب اننا لم نعُد نعرف لا كيف نقاتل ولا حتى كيف نفاوض بل اصلا منذ متى نعرف و ان كنا نعرف لماذا نحن نراوح مكاننا بلا دوله ولا شعب ولا وحدة ولا تحرر و حتى بلا ماء أو دواء !!!
بعد المعركتين " المكرتين" الاولى عام 1948 و ما لحق بها من هزائم و تفاهمات و كان الارض ضاقت باليهود و لم تتسع لهم الا فلسطين و هنا يا ليتنا قبلنا قرار التقسيم عام 1947 و الذي عارضه الجميع و برايي لم ينتبه له احد بانه لا يضعُ القدس فقط تحت الوصاية الدولية بل ايضا بيت لحم و لم يُحدد اين و ما هي "القدس و بيت لحم "و عارضناه على امل التحرير و الانتصار فكانت صدمة ضياع القسم الاول من فلسطين ... و بعدها بدات الحروب في المنطقة الشرق اوسطية و كانت كما هي دائما دماء الفلسطينيون و تشريدهم الهدف الوحيد و ان كانت مصر العظيمة تقف معنا اكثر من غيرنا عملا و تصريحا بل قد نجزم ان العدد الاكبر من حروب مصر في ذلك الوقت كانت لاسترجاع فلسطين و بحكم جهلي بالسياسة فلا اعلم ما طبيعة معارك اليوم ... " العرب و المسلمين جيدون مع قضيتنا و عدالتها لكن نحن الفلسطينين يجب ان نكون جيدون اكثر خاصة مع انفسنا بل مع قلوبنا "
بعد هذه الصفعه الغامقة بلون السواد و الدم جاء المُنقذ "منظمة التحرير" و التي لم تحرر شبرا واحد و هي ذاتها لم توافق "مجتمعه" على قرار الصلح او السلام او سميه بما تشاء مع اسرائيل عام 1991 - 1993 ... جاءت الصفعه الثانية و ضاع القسم الثاني و الأخير من فلسطين في حرب 1967 و لحق بها الجولان و جنوب لبنان و سيناء و هزيمة خمسة جيوش في ست ساعات و ليس في ستة ايام و من الممكن في ست دقائق ... و بعد هذا بدانا نتلقى الدعم من الامم المتحدة و لكل لاجئ كرت و على هذا الكرت "علبة سردين و كيس من الطحين و علبة عصير و 450 غرام من الزيت الاصفر ... نحن لدينا سمك و اسماك في بحر عكا و بحيرة طبريا ... نحن لنا سُنبلة بل سنابل في سهول الساحل و مروج بيسان ... نحن لنا حبة زيتون بل غابات زيتون في جبال الجليل و الكرمل ... لنا كثير من انواع العصير في المُثلث الذي ذهب كهدية بسيطة و بريشة قلم ... لا أنسى ان اذكر نوع القوة و الاردة و العزيمة الذي جاءت به انتصارات معركة الكرامة و عمليات عيلبون و دلال و غيرها ...
بعد و بعد جاءت حروب و ويلات كثيرة و عُذبنا من ذوي القُربى كثيرا بل قُتلنا ببنادقهم في صبرا و شاتيلا و اكلت جثثنا الكلاب و القطط و من تبقى منا ايضا تعامل معها بالمثل كما يوصف ذلك الصحفي روبرت فيسك ... و تم ترحيل من رُحل و تشريد من شرد ...
بعد مناورات و مداولات خاصة خارج فلسطين و كنتيجة لقيام مستوطن حاقد و كعادة المستوطنين المُستعمرين الذين لا يحاسبهم احد بدهس اربعة عمال فلسطينين في حاجز ايرز انطلقت ثورة الحجارة من مخيم جباليا في غزة المُحاصرة و التي منذ يومها مُحاصرة ... حينها و يومها كُنا مليئين بالمروءة فلم تكن بعد اموال المساعدات و عُلب السردين قد تسللت جيدا الى دمنا و قمنا بالانتفاضة و التي يجب ان توصف بانها ثورة كونها ضد مُحتل و نحن شعب مضطهد و انتفاضة من الممكن ان تكون شيء من اعمال الشغب و كانها فقط بين حكومة و شعبها و هذا بطبيعة الحال لا ينطبق علينا ... لا ادري و لا اعرف كيف كل هذا العدد من الشهداء في الانتفاضة الثانية لم يُحركنا ساكنا بل ان 1000 شهيد في ثلاثون يوما "اخرسونا" الى الابد بدلا من ان يعطونا بوصلة للحرية و الاستقلال ...
و بعد هذا و ذاك جاءت مشاريع السلم و السلام و التي رقصنا و لا يزال البعض منا يرقص لها و بها و التي حتى اللحظة لم تعطينا سوى شيء من الادارة الذاتية لثلث الفلسطينين في العالم "الضفه و غزة" و اما فلسطينيو الداخل فهم تحت الحكم الاسرائلي و الثلث الاخير هم اللاجـــئون ... و هذه المشاريع "السلمية" قطفت من بين جنبتنا الكثير من الابطال و القادة ... منهم من استُشهد قصفا و بعضهم سُماً و حصارا ... مشروع سلالم و ليس سلام ... سلالم المطافئ و المستشفيات المليئة بنكهات ما يسمى السلام و سلالم اخرى للبنايات الشاهقة التي ولدت في بقعة واحدة من الوطن الضائع و لا نعلم لمن و من اين و كيف؟ ...
و بعد جاءت ثورة الاقصى بعد زيارة الصهيوني "شارون" له في عام 2000 و هنا ايضا كانت لا تزال بعض عينات من دمِنا تتذكر و تحُس و تشعر ان الاقصى لنا فقررنا "الثورة ، الانتفاضة" و في غضون سنتين كُنا قادرين على صُنع شيء للتاريخ و لفلسطين ... و لكن تاهت الحجارة و رجمت الثائر بدلا من ابليس و تعالت البنادق على بعضها البعض و وجهت لصدورنا بدلا من صدور اعداءنا و اصبحنا نتغنى بالتفريغات و الفلتان و طلبات المساعدات و العربدة على المؤسسات الحكومية و الاهلية و كأن الثورة يبدأها ثائر و يقطفها جبان و لكن اي جبان و قد حقق كل احلامه بلحظات و بلا مُقابل ...
بعد كل هذا السوء و الاخطاء خسرنا النفس الاخير لفلسطين "الرمق الأخير" - أتمنى أن أكون مُخطئاً - و هنا على ما يبدو ان زيت الذرة و كغم واحد من الملح او الشاي لا يخدم القلب و يدفعه نحو الحب و الانتماء بل نحو الفرقه و الكراهية و الحقد و قامت المعركة المشؤمة بين تنظيمين فلسطينين يشهد لهما الكل بالتاريخ المشرف الابيض و ليس الدموي الاسود ... خسرنا وحدتنا بانقلاب او حسم او بالخوف من القادم و ايضا سميه بما تشاء ... المُهم حصل ما حصل و فقدنا نعمة الحب و الاخوة و حتى خالفنا قول الحديث و نسينا ان الله وصى على "سابع جار" و للاسف اصبح قتل الجار و الاخ و ابن العم نوع من الجائز و الحلال و المُباهاة و اصبح القوي ياكل الضعيف و الخائن نفسه يخون الامين ... و تُهنا و لا نزال تائهون ...
بعد ذلك حرب على غزة و لا انسى ان مدن الضفة الغربية لا تزال مُحتله "بعد الاجتياح و عملية السور الواقي 2002" بالرغم من اجواء و مؤشرات السلم و الامان ... فلسطين كلها اليوم و من جديد تدفع ضريبة الانقسام الحاصل فهي محاصرة شعبا و ارضا و حتى صلاةً ... فلسطين اليوم اقصاها ينادي و لا مجيب و اسراها ينادون و لا اذن واحدة تسمع و الارض ضاعت شبرا شبرا ... ... فلسطين اليوم مفاوضات مباشرة و اخر غير مباشرة و لا ندري من اين نبدا من مفاوضات وطنية بين الأخوة ام مع الاسرائليين ... فلسطين قادتها منهم من يُعجبه الهمبورغر الامريكي و منهم من يعجبه السجاد الايراني و كلاهما لا يستطيع ترك عادته و الشعب لا مُعين له الا الله ... يموت على الحواجز او في الانفاق ... المهم و الاهم كيف يموت و أن ينتهي ولا كيف يعيش و يبقى و ينتصر ... فلسطين اليوم ليس بها او لها شيء ... و يحاصرها و يبكيها كل شيء ... لم نعد نعرف طُرقها او لونها ... بل حتى بصعوبة نعرف زيتونها و حجارتها ... انها تنادينا أتحدوا أتحدوا ...
التعليقات (0)