ماهر حسين.
كنت منذ أيـــام قد قرأت مقــال الأستـــاذ نبيل عمرو تحت عنوان(النزول عن عرش الإعلام ) حيث تناول الدكتور نبيل عمرو نزول قضية فلسطين عن عرش الإعلام وتحدث عن أسباب هذا النزول والتراجع .
بالطبع هنـــاك العديد من الأسباب خلف هذا التراجع منها ما هو ذاتي ومنها ما هو ناتج عن التطورات المتسارعة في الثورات العربية والتي جعلت قضية فلسطين تتراجع إعلاميـــــــا" وكذلك يجب التأكيد على حالة الركود السياسي الناتجة عن توقف عملية السلام وتراجع فرصها وعدم نجاح وسائل الإعلام الفلسطينية والعربية في تغطية الأحداث الهـــامة على الجانب الفلسطيني و المتمثلة بجنون الاستيطان وبتجاوزات غير مسبوقة للمستوطنين بحق شعبنا في فلسطين وحتى تناولنا لحصار غزة ولكهرباء غزة كان مثالا" لفشل الجميع في طرح القضايا الفلسطينية وكسب التعاطف معهــــــــــا بالإضافة إلى كل ما سبق هناك عدم استغلال سياسي لإحداث وملفات قد تكون أساس لدفع القضية الفلسطينية إلى عرش الإعلام من جديد وهنا يجب الحديث عن قضايا المصالحة التي أصبحت خبر عادي ويومي بوسائل الإعلام وبالإضافة إلى قضية الأسرى التي تحتاج إلى حل دائم ومبتكر يقوم على أساس إيجاد حل مع إسرائيل برعاية دولية لعل هذا الحل يكون مقدمة للسلام القادم والموعود ..ولا يجب منح فرصة لتعزيز العنف والخطف وإنما يجب منح الفرصة للسلام وللتعايش ليكون هو أساس إطلاق سراح الأسرى أو نقلهم أو أي حل يضمن كرامة المعتقلين ويجنب الشعبين المزيد من الخسائر .
حقيقةً بعد مقــــال (النزول عن عرش الإعلام) شعرت بأن فلسطين حقا" نزلت عن عرش الإعلام وعزز هذا الشعور عندي الربيع العربي ومتابعتي له فهذا الربيع جاء مرتبطا" بحاجة المواطن العربي للحرية وللكرامة وللديمقراطية وللقمة العيش الكريمــــة فلم يأتي التحرك الشعبي في سوريا مثلا" على خلفية موقف النظــــــــام الأسدي هناك من قضية فلسطين حيث أن نظام بشار المتهالك لم يقدم شيءً لفلسطين وللجولان وإنما قدم لإسرائيل التهدئة والهدنة والحدود الآمنة ومعها قدم لنا الخطابات والكلمات التي لا تمثل سوى ظاهرة كلامية صوتية وطبعا" بالمقابل لم يقم أهل مصر على النظام بسبب اتفاق كامب ديفيد بل ثاروا على النظام بسبب الفساد وطلبا" للحرية وللكرامة وللديمقراطية .
نعم فلسطين تراجعت كقضية لدى المواطن العربي ومن قبل تراجعت لدى الأنظمة العربية التي تشعر بالعجز عند الحديث عن فلسطين وبل أن حديثها عن فلسطين يجعلها عرضه للانتقـــاد وأذكر هنا مجموعة من الانتقادات التي مورست ضد المملكة العربية السعودية على خلفية مبادرة السلام العربية وكأنها خيانة علما" بان المبادرة العربية للسلام فرصه حقيقية لحل قضية فلسطين والعيش بأمن وأمان في منطقة أحوج ما تكون للتنمية وللتقدم بدلا" من الحروب والاشتباكات والخوف .
لقد ابتعدت الأنظمة العربية عن قضية فلسطين واستغلت التمثيل الفلسطيني للقضية للابتعاد عن قضية العدل فيها والعدالة تتطلب تضحية وتعرض صاحب الموقف للمهاترات .... وبالطبع ابتعدت الجماهير العربية عن قضية فلسطين فهي الجماهير المنشغلة بلقمة العيش والحرية والكرامة.
طبعا" كنتيجة حتمية لما سبق حصل (النزول عن عرش الإعلام ) طبعا" اكرر تأكيدي على وجود أسباب ذاتية فلسطينية ساهمت في هذا النزول ومنها على سبيل المثال : الانقسام وما سبقه من انقلاب وبالطبع عدم وجود إستراتيجية إعلامية فلسطينية للتعاطي مع الحدث اليومي الفلسطيني .
إن فلسطين قضية عادلة وقضية إنسانية ..وبهذا المنطق يمكن لنا أن نطرق بيت كل إنسان وكل صاحب موقف لنقول له كن معنا مع السلام مع الحق ولنصنع السلام الحقيقي معـــــــــــا" ولنجعل الاحتلال يتراجع .
للأسف تهنا في فلسطين بين الشعارات الجذابة وتحول حديثنا عن قضيتنا أسيرا" للأهواء والمصالح والعلاقات الإقليمية .
يجب كذلك أن نذكر بان هناك تطور في بعض وسائل الاعلام الفلسطينية ونذكر هنا تلفزيون فلسطين ولكن كل ما سبق لم ينجح حتى الآن بتقديم القضية الفلسطينية للمواطن العربي وللإنسان بالشكل المطلوب وما زلنــــا أسرى للخطاب الفلسطيني - الفلسطيني .
من تلفزيون فلسطين يجب أن نخاطب كل إنسان نصير للعدل ومحب للسلام ..عربي وغير عربي مسلم ومسيحي ويهودي ...من تلفزيون فلسطين علينا أن نخاطب الإسرائيليين لنصنع معهم الفرصة وعلينا أن نخاطب الطفل لنصنع الأمل بالمستقبل .
نحن بحاجه ماسة لمخاطبة الإسرائيليين بالطبع وبحاجه لنقول لهم موقفنا ورغبتنا وهدفنــــــــــا ...نحن يجب أن لا نتوقف عن تعزيز تعاوننا مع كل مؤيد للحق الفلسطيني ويجب أن لا نتوقف عن تقديم وجهة نظرنا لكل معادي للطموح الفلسطيني العـــــــــادل .
ولكن هناك ما جعلني أشعر ببعض التفاؤل...كلمات هامة بلقاء هـــام .... هي تلك الكلمــــــــــات الهامة التي قالهـــــا أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة في افتتاح (منتدى الدوحة) حيث تحدث الأمير القطري لكل الحضور وأكد على أهمية فلسطين وربط بينها وبين الثورات العربية وطالب إسرائيل بضرورة العمل لإقامة السلام مع الشعوب موضحا" بان الجيل العربي الصاعد الذي صنع الثورات لم يقبل بظلم الأقربين وتحدى هذا الظلم فكيف بظلم الآخرين ...نعم نحن أبناء فلسطين نعيش الظلم واقعا" ونحتاج لكل موقف ولكل دعم ولكل جهد مؤيد لحقوقنـــا ...لا نسعى للحرب ولا للدمار وإنما نسعى للسلام ولتطبيق القرارات الدولية لإقامة دولتنا الفلسطينية وعاصمتها القدس ولنعيش السلام بيننا وبين إسرائيل ولتعيش إسرائيل السلام مع كل العرب شعوبا" والأنظمة .
كلمات الأمير القطري أكدت لي بان فلسطين تنازلت عن عرش الاعلام مؤقتا" وبان الخطـــاب الداعم لفلسطين تغير فلم نعد أصحاب شعارات الموت والرمي في البحر وإنما أصبحنا أصحاب الموقف المستند إلى الشرعية والداعي للسلام ...وسيبقى هناك دوما" فرصة للسلام وسيبقى هناك حتما" من يستمع إلى العقل وستبقى فلسطين حاضرة .
نعم تنازلنا عن عرش الإعلام ولكن هذا التنازل المؤقت يجب تجاوزه بخطاب واعي مستند إلى عدالة قضيتنا وقائم على المبادئ التي شرحها السيد الرئيس أبو مازن بخطابه التاريخي بالأمم المتحدة ...نعم تنازلنا عن حق تاريخي وتغيرت مواقفنا أملا" بالسلام وأملا" بالعدالة وكلنا ثقة بانتصار الحق .
وأخيرا" سأنقل حرفيا" بعضا" مما جاء بخطاب الأمير القطري الشيخ حمــــد لعلنا نجد تجاوبا" في العقول فلقد دعا الشيخ حمد إسرائيل لان (تنتهز الفرصة لتلتزم بقواعد الشرعية الدولية وأن تعترف بالحقوق العربية المشروعة للشعب الفلسطيني وان تنسحب من الجولان ومزارع شبعا اللبنانية وان تمتنع عن الممارسات التي تخلق وقائع تمنع تحقيق السلام العادل في المستقبل مثل تهويد القدس وبناء المستوطنات ) هذا ما نريد وكلنا أمل بان نرى السلام والدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس وكلنـــــــــــا نأمل بان يقوم السلام بين الشعوب ...
التعليقات (0)