الرياء درجات أولها وأعظمها أن يقصد العامل بعمله رضا الخلق ولولاهم لم يعمل....والثاني أن يعمل للمدح ولو لم يره الناس....والثالث أن يعمل لله ويرجو الثواب ويأمل رفع العقاب لأنه في هذه الحالة لا يكون عمله خالصا لوجه الله بل ابتغاء الجزاء وهذا أهون الرياء وأقل درجاته وهو محمود على كل حال لأن البشر لا يطيقون سواه في أغلب الأشخاص ولو كانوا من ثقات المؤمنين.....ومن علامات المرائي نشاطه في العبادة أمام الناس وكسله في حال خلوته وبعده عن الأنظار......أو إتقانه العمل أمامهم وتكاسله حيث لا يراه إلا الله ....ومن علاماته أيضا التماس توقير الناس واحترامهم له وقصد مسارعتهم إلى قضاء حوائجه وإذا قصر أحد في حقه غضب واستنكر ودائما يشعر بالتفرقة بين إكرام الناس له وإكرام غيره ...ويفرق بين أهانتهم له وأهانتهم لغيره فيستكبر أن يهان ولا يغضب إذا أهين غيره ...كل هذا من الرياء الذي لا تكاد تخلو منه نفس بشرية إلا من رحم الله ....فمن وجد من ذلك شيئا في نفسه فليحاول أن يطهر نفسه بالخوف من الله وابتغاء رضاه وحده وليس سواه...وقال بعض المؤمنين: الرياء غالبا يكون ظاهرا وهذا يحتاج إلى علاج يسير وأما الخفى من الرياء فهو أخفى من دبيب النمل بل قال بعضهم لقد اجتهدت في إزالة الرياء من قلبي بكل حيلة وكلما أزلته من جهة نبت من جهة أخرى من حيث لا أظن واحتسب....وقيل في ذلك المجال أن الله يقسم الثناء كما يقسم الرزق فإن أشركت الخلق مع الله في الثناء عليك بأن تظهر ما يثنون بسببه عليك فقد أشركتهم في الثناء ......ومن الناس من يدهن لحيته بالطعام في أيام صوم التطوع خشية أن يعلموا بصومه .....ويخفي صلاة التطوع عنهم لكي لا يثنوا عليه ويعلموا أنه صلى .....وقد يخفي قراءته للقرءان بخفض صوته أو بالخلو إلى نفسه لكي لا يراه الناس قارئا أو عابدا درءا لشبهة الرياء في نفسه ....ومن علامات الرياء أن يريد الشخص التعريف بخصوصيته التي أنعم الله بها عليه مثل الزهد والورع والتقوى والتسليم والرضا والصبر أو اتساع الرزق وسهولته أو العلاج من مرض باليسير من الدواء أو ما شابه ذلك ...فإطلاع الناس على شيء من كل هذا دليل على وجود الرياء الخفى لأن علم الله بالسر يكفي...... ولو كان العبد صادقا في تقواه لاكتفى برؤية الله لعمله واستغني بالله عن غيره........والله أعلم
التعليقات (0)