بسم الله الرحمن الرحيم .
السلام عليكم و رحمة الله وبركاته .
نستكمل معا بإذن الله تعالى
السلطان عبد الحميد حاول تجميع المسلمين مرة أخرى بعد أن تشتت شملهم لكن الأعداء حاولوا أن يشغلوه بقضايا أخرى كثيرة من أخطرها ان الإنجليز قدِموا لاحتلال مصر ، ومصر تعد دولة مؤثرة في الساحة وهذا معناه وجود جيش انجليزي في جنوب فلسطين ونحن نعرف أن هذا الجيش لديه مشروع كبير جدا لإقامة وطن قومي لليهود في داخل أرض فلسطين فالموقف أصبح خطيرا جدا ، تزامن مع هذا الأمر شيء آخر خطير أيضا وهو ظهور الفكرة القومية التي صدّرتها الثورة الفرنسية للعالم أجمع فقد قامت جمعية إسمها تركيا الفتاة التي تقوم على مبدأ قومي بمعنى ليس لنا دعوة لا بالعرب ولا بالبربر ولا بالإيرانيين و لا بأي أحد غير الأتراك فقط .
قامت هذه الجمعية القومية في داخل تركيا تحفز الأتراك ضد العرب و من تم قامت جمعيات أخرى في داخل البلاد العربية تحفز المسلمين في بلادها ضد الأتراك ، و هكذا قامت القوميات لتفصل الدولة الإسلامية إلى أكثر من جزء، الجناح العسكري لتركيا الفتاة كان إسمه حزب الإتحاد و الترقي وهو مجموعة من قواد الجيش التركي الذين انضموا للجمعية و أسسوا هذا الحزب داخلها ، لكن هناك شيء خطير جدا حدث ؛ يهود الدونمة مجرد ما رأوا حزب الإتحاد و الترقي و رأوا القوة العسكرية تتجه ضدهم تكاثفوا هم و من ورائهم فرنسا و إنجلترا وأمريكا و روسيا وفي نيتهم اسقاط الدولة العثمانية ليدفعوا باليهود الذين يتظاهرون بالإسلام إلى الدخول في حزب الإتحاد و الترقي ، لذلك سنجد أن معظم قرارات هذا الحزب هي ضد مصلحة المسلمين فالذين يتخذون هذه القرارات هم يهود و إنجليز و فرنسيين وغيرهم من أعداء الأمة الإسلامية .
طبعا لا عذر للمسلمين في مثل هذه المواقف لا نقول ان هذه مؤامرة حاكها الأعداء و سقط فيها المسلمون !!
لماذا وقعوا في هذه المؤامرة و لماذا لم تكن هناك عيون للمخابرات ولأمن الدولة الإسلامية !! ليكشفوا مثل هذه المؤامرات التي أوقعت المسلمين في مأساة مازلنا نعاني منها إلى يومنا هذا .
حزب الإتحاد و الترقي كبر وبدأ يخرج إشاعات في داخل تركيا في حق السلطان عبد الحميد الثاني الذي يقف ضد المشاريع اليهودية .
السلطان عبد الحميد الثاني عندما رأى هذا الإنفكاك في المجتمع المسلم إلى أتراك و عرب و التمزق في داخل العرب إلى عرقيات مختلفة بدأ يفكر في مشروع إسلامي كبير، قام بما يسمى بالجامعة الإسلامية ودعى إليها أقطار العالم الإسلامي المختلفة لتكون كيانا واحدا يجمع المسلمين .
الجامعة الإسلامية تضم الأقطار التي تحت السيطرة العثمانية و غيرها من أقطار العالم الإسلامي ؛ فكر راقي جدا لكن للأسف الشديد لم يكن هناك زعامات كافية في العالم الإسلامي تؤمن بهذه الفكرة الإسلامية الصرفة فرفض الجميع الإنضمام إلى المشروع .
قام بمشروع آخر و هو شبكة الحديد ليربط بين المدينة المنورة و إسطنبول و يمر على القدس ؛ يمر في فلسطين ليوحد العالم الإسلامي كله ، و فعلا قدم المشروع لكن الإنجليز المحتلين لمصر كانوا يحيطوه من كل مكان ؛ الموقف كان شديد التأزم وكان السلطان يرى أن دافع الإنجليز هو إقامة وطن قومي لليهود في أرض فلسطين لينزل المسيح عليه السلام حسب معتقد البروتستانت .!!
إتخذ السلطان عبد الحميد قرارا بمنع بيع الأراضي مطلقا لأي يهودي وبهذا حد من أملاك اليهود بل و جعل إمارة فلسطين إمارة مستقلة تابعة له مباشرة وجعل عليها واليا خاصا وكان ينتقي هؤلاء الولاة بنفسه ويحرص على أن يكون واليا مسلما ملتزما حتى يضمن أنه لا تفريط ولا رشوة ولا تضييع و لا إهانة لمسلم يعيش على أرض فلسطين ولا يظلم اليهود فالسلطان عبد الحميد ما ظلم يهوديا في حياته كلها ولكنه حافظ على حقوق المسلمين في أرض فلسطين ، كل هذا حدث بين شد و جذب ومقاومة شديدة جدا من السلطان في زمن ضعفت فيه الدولة العثمانية ضعفا كبيرا وزمن تمزق فيه المسلمون تمزقا كبيرا وهذا ما يفسر لنا الأحداث التي حصلت و الأحداث التي ستحصل ، لكن مع كل هذا كان السلطان يقاوم ويجاهد إلى ان حدث تطور خطير جدا في الساحة العالمية عندما ظهرت شخصية مؤثرة جدا في تاريخ اليهود وتاريخ المسلمين بل في تاريخ الأرض بكاملها ألا و هي شخصية
تيودور هرتزل الصحفي المجري اليهودي الذي عاش في النمسا كان صغيرا في السن لكنه كان في ذهنه فكرة إنشاء وطن قومي لليهود وهو لم يكن بروتستانتي ولا مؤمن بعقائد اليهود ليست لديه أفكار دينية بالمرة بل كان علمانيا ، لهذا كان يريد وطنا قوميا لليهود في أي مكان في العالم دافعه ان اليهود مكروهون في كل بقاع العالم وأنهم لابد أن يتجمعوا في مكان واحد لكي يعيشوا .. مجرد حياة!! لا ارتباط بالدين ولا بالعقيدة ولا بالاخرة و لا بموسى عليه السلام ولا بالأنبياء إنما كان يريد اقامة وطن لهم يحميهم من أذى الآخرين .
تيودور هررتزل كانت لديه قضية كرس حياته كلها لخدمتها وهي إقامة وطن قومي لليهود !!
بدا يفكر ويكتب و يغير فكر الناس ـ و هذه هي بداية التغيير الحقيقي ـ كتب كتابا إسمه (الدولة اليهودية) !! ووضع أدلة من الواقع و التاريخ و العقيدة أحيانا !! مع كونه علمانيا !! ليثبت أن اليهود يجب أن يتجمعوا في دولة ،
فكر في ليبيا لإقامة هذا الوطن لليهود أرض صحراء و نسمتها ضئيلة وبالذات أن الدولة العثمانية تتهاوى و هي التي كانت تمتلك ليبيا من قبل أن تحتل الإنجليز مصر بحيث فُصلت عن الخلافة ..
فكر في العراق ..
وفي الحبشة ..
وفي أوغندا وذهب وكلم المسؤولين السياسيين الإنجليز الذين يحتلونها لكن الإنجليز رفضوا لمصالح لهم داخل أوغندا ..
فكر في الموزمبيق وهي كانت مستعمرة برتغالية ذهب إلى ملكهم و تحاور معه و حاول إقناعه ليُكوّن و طنا قوميا هناك لكن الملك رفض ..
فلننظرإخواني إلى هذا الجهد الكبير جدا من هذا الصحفي الذي كرس حياته كلها للقضية رغم أنه علماني ..
فكر في سيناء ، و سيناء تحت الحكم الإنجليزي كلم اللورد كرومر الذي كان يحكم مصر أنذاك والذي كانت لديه الصلاحية و القوة الحقيقية رغم وجود حاكم خديوي ـ ليست له أي قيمة ـ في الصورة كلم اللورد لإقامة وطن قومي لليهود لكنه رفض ..
لم يعد لديه إلا خيار من إثنين إما فلسطين وإما الأرجنتين
وقد اختار الأرجنتين لأنه كان يراها أرضا واسعة ثرواتها شاسعة ليس فيها أطماع كثيرة من أقطاب العالم في ذلك الوقت بحيث يستطيع أن يقيم لليهود وطنا قوميا لهم هناك .
ما الذي حدث ؟ وهل قبل اليهود إقامة وطنا قوميا لهم في أرض الأرجنتين؟
كل هذا و غيره سنراه بإذن الله تعالى في لقائنا المقبل بمشيئة الله
و السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
التعليقات (0)