مواضيع اليوم

فقه الرأي وفقه الرواية

الدكتور صديق

2012-07-27 10:01:56

0

فقه الرأي وفقه الرواية


بقلم د صديق الحكيم


فاتحة القول :أصدقكم القول قبل عشر سنوات مضت كثيرا ما كان يدور في نفسي صراع محتدم بين أمرين الانحياز لأهل الرواية في الفقه ومن ثم الاعتماد علي الأحاديث النبوية فقط أو الاعتماد علي الرأي والعقل في استنباط الأحكام الفقهية وكنت أظن أنهما كالزيت والماء لايختلطان رغم أن دراستي الفقه في الأزهر الشريف كانت علي مذهب الإمام الشافعي الذي اشتهر بالجمع بين الرواية (السنة والإجماع )والرأي (القياس والمنطق)إلا أن الصراع في نفسي نشأ عندما رأيت أن أغلب من أعرفهم ممن يتصدرون مجالس العلم الشرعي في مصر يعتمدون علي الرواية اعتمادا كليا وقلما يعملون العقل والرأي
مع أن التفكير الذي هو اعمال العقل البشري فريضة إسلامية كما يذكر العقاد في كتابه الشهير وينظر بعض أهل الرواية لأهل الرأي بشئ من الريبة بل وربما يتهمهم البعض بإنكار السنة النبوية المشرفة وهم من ذلك براء والأمر لايعدوا أن يكون تنبيه من أهل الرأي فقط لإستعمال العقل وويستشهدون في ذلك الأمر بالشيخ محمد الغزالي في كتابه الرائع فقه السنة في نقد بعض الروايات (متن الحديث) بناء علي اعمال العقل والمنطق السليم وقد عمد الشيخ الغزالي إلي التقريب بين هذين الفريقين فلا الرأى رأى عن هوى، ولا من المعقول أن يخالف الكتاب والسنة رأى لا يبتغى إلا مرضاة الله، وللتدليل على حاجة الفكر الإسلامى إلى ما يزاوج بين الرأى والرواية فهما ليسا زيتا وماء كما كنت أتصور قبل عشر سنوات
وفي هذا المقام من المفيد أن أقدم للقارئ الكريم نماذج لأبرز المواقف التى أوجبت الاحتكام إلى الرأى المستنبط من الفطرة السليمة والغرض النزيه والمتفق مع مقاصد الشريعة والحديث الشريف كما أوردها الأستاذ عبدالرحمن الشرقاوى فى كتابه "الأئمة التسعة" فيقول: سأل أحد أهل الرأى واحدا من أهل الحديث فى أمر طفل وطفلة رضعا معا من ضرع شاة ثم كبرا، أيجوز لهما الزواج؟ فقال صاحب الحديث: زواجهما حرام، فسأله صاحب الرأى: بأى نص حكمت؟ فقال صاحب الحديث: بالحديث القائل: كل صبيين اجتمعا على ثدى واحد حرم أحدهما على الآخر، فقال صاحب الرأى ضاحكا: قال الرسول: اجتمعا على ثدى واحد لا على ضرع واحد، إنما يثبت الحديث بين الآدميين لا بين شاة وآدمى، فلو أنك أعملت العقل والرأى ما أخطأت. وما سويت بين المرأة والنعجة!
مثال آخر يورده الشرقاوى فى الشأن قائلاً: امرأة قدمت مع زوجها من إحدى البلاد إلى الكوفة، فتعلق بها رجل كوفى وتعلقت به، واعيا أنهما زوجان، وعجز زوجها عن إثبات زواجه لها، فعرضت القضية على أحد أئمة أهل الحديث فحكم بأن المرأة للكوفى، ولما عرضت على الإمام أبى حنيفة شك فى ادعاء الزوجة والكوفى، فأخذ جماعة من الناس ومعهم بعض أهل الحديث وذهبوا إلى المنطقة التى يقيم فيها زوج المرأة فنبحت كلابهم وهمت أن تهاجمهم كما تفعل مع الغرباء، ثم عاد أبوحنيفة وأخذ الزوجة ومعها شهود من أهل الحديث وأمر الزوجة أن تدخل وحدها إلى منازل المنطقة، فلما اقتربت بصبص الكلاب حولها كما تفعل بأصحابها فقال أبوحنيفة: ظهر الحق فانقادت المرأة للحق واعترفت أنها كذبت، وعادت إلى زوجها والأمثلة في هذا الأمر كثيرة
خاتمة القول :أن الحاجة ملحة إلي الأخذ بالرأي والقاعدة فلا الرأى رأى عن هوى، ولا من المعقول أن يخالف الكتاب والسنة رأى لا يبتغى إلا مرضاة الله وإنما المقصود الاحتكام إلى الرأى المستنبط من الفطرة السليمة والغرض النزيه والمتفق مع مقاصد الشريعة والحديث الشريف
والله من وراء القصد
للتواصل مع الكاتب (232)sedeeks@yahoo.com




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !