مواضيع اليوم

فقه الدعاء بقلم العلامة السيد محمد علي الحسيني

فقه الدعاء

http://www.mohamadelhusseini.com//pic//1305c23f00.jpghttp://www.mohamadelhusseini.com//pic//1305c23f00.jpg

العلامة السيد محمد علي الحسيني


يحتاج الإنسان إلى التواصل مع مجتمعه وبني جلدته وبقية المخلوقات، باعتباره جزءا من هذا العالم «الإنسان اجتماعي بطبعه»، ويتطلب ذلك استخدام مختلف طرق التواصل «إنا جعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا»، كذلك فإنه بحاجة كبيرة إلى التواصل مع خالقه، وليس من سبيل لهذا التواصل إلا عبر الدعاء الذي يعد تعبيرا وطلبا روحيا ينطلق من إحساس النفس المؤمنة بعظمة من تلجأ إليه فتبوح له بما في خاطرها وتطلب منه الهداية «اهدنا الصراط المستقيم»، وتستمد منه المعونة والنصرة «ربنا أفرغ علينا صبرا وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين»؛ لأنه القادر على كل شيء، فهو الذي إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون؛ هو الله عز وجل وحده ﻻشريك له الذي يتوجه له كل عبد من عبيده، كبيرا كان أم صغيرا رجلا أم امرأة بلسان عربي أو أجنبي، فالإنسان بفطرته يتجه إلى ربه ويدعوه لحاجته في أي وقت، فيستجيب للداعي رحمة ولطفا منه، «قل ما يعبأ بكم ربي لولا دعاؤكم».



أهمية الدعاء في حياة الإنسان


يدعو الله جل جلاله رسله وأنبياءه والخلائق كلها للتضرع له ودعائه آناء الليل وأطراف النهار «يدعون ربهم بالغداة والعشي»، وفي السراء والضراء، ما يجعلنا نتساءل عن أهمية الدعاء وفضله على العباد، خصوصا أن الله تعالى استعمل فعل الأمر وقال: «ادعوني أستجب لكم»، وهذا يعكس مدى أهمية الدعاء، فنجد أنه يقوي العلاقة والرابط بين العبد وربه، كما يزيد الإنسان ثقة في خالقه والإيمان به، فلا أقرب للإنسان من ربه «ونحن أقرب إليه من حبل الوريد»، كما أن العبد يبقى دائما بحاجة إلى خالقه؛ لذلك يقول تعالى: «وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون»، فالدعاء هو السبيل الوحيد لتواصل العباد بخالقهم.


اهتم الإسلام كثيرا بالدعاء وجعل له آدابا كالتماس أوقات الإجابة، والابتهال والخشوع وعدم الاستعجال، والدعاء بالخير، والإخلاص لله، واستقبال القبلة والإلحاح في الدعاء، ولاشك أن الله وعد عباده بالاستجابة بالقول: «وقال ربكم ادعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين»، كما جاء في الحديث القدسي: «يا عبادي! كلكم ضال إلا من هديته، فاستهدوني أهدكم، يا عبادي! كلكم جائع إلا من أطعمته، فاستطعموني أطعمكم، يا عبادي! كلكم عار إلا من كسوته، فاستكسوني أكسكم... يا عبادي! لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم قاموا في صعيد واحد فسألوني فأعطيت كل إنسان مسألته ما نقص ذلك مما عندي إلا كما ينقص المخيط إذا أدخل البحر» ومنه كان الدعاء سلاح المؤمنين ودعاء الأنبياء ليكونوا من المنتصرين على الأعداء والفائزين برضوان رب السموات والأرضين.



الدعاء والعمل


إن اهتمام الإسلام بالدعاء واعتباره مخ العبادة لا يعني أبدا ترك العمل والأسباب، بل ينبغي الأخذ بالدعاء مع العمل والعكس صحيح، فبقاء الإنسان في حالة ركود دون حركة ظنا منه أن الدعاء يصنع المعجزات هو تحريف وفهم خاطئ لأسباب الاستجابة للدعاء، فمن موجبات إجابة الدعاء العمل والاجتهاد ليستحق الإنسان ما يطمح له، ولا ننسى أن الله تعالى أكد في محكم تنزيله على ذلك كله فقد قال: «إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم»، فهذا يعني أن المؤمن حقا عليه أن يسعى ويقدم بين يدي الله ويعمل صالحا من أعمال البر والخير، كما يؤدي عمله ويتقنه كما ينبغي ليستحق الثواب، كما يجب أن يمتنع عن ارتكاب المنكرات والمحرمات والموبقات لأنها تحجب استجابة الدعاء، وفي ذلك روي عن أبي سعيد - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وصحبه الأخيار - قال: «ما من مسلم يدعو الله بدعوة ليس فيها إثم ولا قطيعة رحم، إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاث: إما أن تعجل له دعوته، وإما أن يدخرها له في الآخرة، وإما أن يصرف عنه من السوء مثلها».


الخلاصة، أن الدعاء مخ العبادة وهو سلاح المؤمن وصلته مع ربه، اجتهدوا بدعاء الله عز وجل وحده وأحسنوا الطلب بحسن العاقبة والخاتمة، وزينوا دعاءكم بحسن العمل، فالداعي بلا عمل كالرامي بلا وتر »وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون ».






التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

LOADING...

المزيد من الفيديوهات