فقه الاحتساب؟
بسم الله والحمد لله والصلاة و السلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ." من رأى منكم منكرا فليغيره بيده ، فإن لم يستطع فبلسانه ، فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان" .
فالإنكار بالقلب فرض على كل مسلم بكل حال ، قال ابن رجب . " إن الإنكار بالقلب فرض على كل مسلم في كل حال ، وأما الإنكار باليد واللسان فبحسب القدرة ".
فمن لم ينكر بقلبه ، فإن هذا دليل على ضعف الإيمان في ذلك القلب ، ومن شهد الخطيئة فكرهها بقلبه كان كمن لم يشهدها إذا عجز عن إنكارها بيده أو بلسانه ، ومن غاب عنها ولكنه رضيها كان كمن شهدها وقدر على إنكارها ولم ينكرها، لأن الرضا بالمنكر من أقبح المحرمات. فعن أم سلمة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال "إنه سيكون عليكم أئمة تعرفون وتنكرون ، فمن أنكر فقد برئ ، ومن كره فقد سلم ، ولكن من رضي وتابع " فقيل يا رسول الله أفلا نقاتلهم قال."لا ما صَلَّوْا" .قال الإمام النووي رحمه الله . معناه من كره بقلبه ولم يستطع إنكاراً بيد ولا لسان فقد برئ من الإثم وأدى وظيفته ، ومن أنكر بحسب طاقته فقد سلم من هذه المعصية ، ومن رضي بفعلهم وتابعهم فهو العاصي.
فإذا عجز المؤمن المحتسب عن الإنكار باليد واللسان، انتهى إلى الإنكار بالقلب فيكره المنكر بقلبه، ويبغضه، ويبغض أهله يعلم الله ذلك منه إذا عجز عن تغييره بيده ولسانه وهذا الواجب لا يسقط عن المؤمن بوجه من الوجوه، إذ لا عذر يمنعه ولا شيء يحول بينه وبينه، وليس هناك شيء من التغيير ما هو أقل منه ، كما جاء في حديث أبي سعيد "وذلك أضعف الإيمان " يعني أقل ما يمكن به تغيير المنكر .
وعن ابن مسعود رضي الله عنه " وليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل " ، أي لم يبق بعد هذا من الإنكار ما يدخل في الإيمان حتى يفعله المؤمن ويثاب عليه ، بل الإنكار بالقلب آخر حدود الإيمان .
قيل لابن مسعود رضي الله عنه من ميت الأحياء .
فقال الذي لا يعرف معروفا ولا ينكر منكرًا وهذا هو المفتون الموصوف في حديث حذيفة بن اليمان رضي الله عنه " بأنه لا يعرف معروفًا ولا ينكر منكرًا إلا ما أُشرب من هواه".
لكن ما نراه اليوم من حكمنا الاشرارالذين دمرونا بالاستهطارو التجبر والتفاخر وحب المظاهر يجعلنـآ نبحث أكثرعن سبب بقـآءنـآ في هذا الشرخ وهو نتيجة كوننا جميعا ساكتين صامتين عما يحدث حولنا،
فكثرة الحديث عن قوة حكمنا الاشرار واستبدادهم وسطوتهم وهذا
ما يجعلنـآ اليوم نبحث في فقه الاحتساب.
فإن شريعة الله تعالى كاملة، حاوية لكل شؤون الحياة، فلا تجد أمراً من أمور الدنيا التي يحتاجها الناس إلا وجدت في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه والسلم.
يقول الله تعالى:
"لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا " وهنا يجب علينا أن نقرأ حياة الأنبياء،ونقرأ حياة المرسلين، ونقرأ حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، كيف كان يعالج الأمور بحكمة ويسروكيف كان ينطق ويتكلم في كل موضع، قال الله تعالى :
" عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ ".وأن قريش حين بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم جعلت تجادل وتختصم في الذي دعا إليه النبي صلى الله عليه وسلم ،بل وصل بهم الأمر إلى ضرب الناس ونزع فكرة الأسلام من قلوبهم، وإجبارهم على التخلي عن محمدا صلى الله عليه وسلم، ولم يكتفوا بذلك بل وصل الامر بهم الى اعدام النساء اللواتي يمتلكن الجريئة و اللاتي قُتلن فقط لأنهن أعلنا كلمة لا اله الا الله محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم جهرا،ألم تسمعوا شيئ عن أول شهيد في الإسلام إنها سمية أم عمار بن ياسر ،التي نالت الشهادة بعد أن طعنها أبوجهل بحربة بيده في قُبلها فماتت على إثرها،سمية التي كانت امرأة عجوز وفقيرة حين استشهدت، لكنها كانت متمسكة بالدين الإسلامي، ثابته عليه،وكان الرسول صلى الله عليه و السلم يمربتلك الكوكبة من طلائع المسلمين وهم يواجهون المحنة، فيمسح جراحهم ويلملم أحزانهم معزياً ومسلياً وينظر الكل إليه بعين الأمل، فيرون فيه المنقذ، وينظر إليهم الصلى الله عليه والسلم ثم يصافحهم مقوياً من عزائمهم شاداً على أيديهم، ولكن المشهد كان يختلف حينما يمر على عائلة ياسر فينظر إليهم برحمة وشفقة ثم ما يلبث أن يقول: "صبراً آل ياسر، فإن موعدكم الجنة"، ثم يقبل على عمار فيعزيه ويسليه، ويجهش عمّار بالبكاء وهو يبث إلى رسول الله همومه وأحزانه فيقول: "يا رسول الله، بلغ منّا العذاب كل مبلغ" فيقول الصلى الله عليه والسلم "صبرا يا أبا اليقظان، اللهم لا تعذب أحداً من آل ياسر بالنار". وهذا ما ينبغي للإنسان المؤمن أن يأخذ به، وأن يعالج الأمور بالطريقة السلمية التي ترفق بالإنسان الآخر حتى وهو في معرض الردّ عليه.
هكذا يجب على الأمة أن تغيير المنكر كما علمها السلف،وكما علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
اتقو الله يا حكمنا الاشرار في انفسكم وفي اخوانكم المسلمين و ان الفتنة اشد من القتل ،أنتم السبب وراء كل هذه الأحداث و إشعال الشعب النيران في نفسه، وأطلق ثورة الغضب في كل مكان .
وقد أﺼﺒﺢ علماء المصلحون والمشايخ الأمة الإسلامية الأن مع ترك التطبيق فقه الاحتساب ﻟﻤﺼﻟﺤﺔ اﻟﻤﺴﻟﻤﻴن بل ونادوابأعلى صوت وأوضحو في بيانتهم أنه يجوز اليوم الخروج على الحاكم سواءً كان مسلماً أو كافراً، داعين إلى تقويم الأخلاق،ومحو الفساد من الأرض، لأنه إن لم يجاهد المسلمون المفسدين ارتفع منار الفساد وقويت شوكة المفسدين، وتلك سنة جارية قال الله عنها ." ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض ولكن الله ذو فضل على العالمين" ووضع القران الكريم لكل طغيان نهاية وذكر نهاية فرعون وهمان وقارون واليوم أنفجرت أفواج الناس إلى شوارع المدن والقرى تطالب بالرحيل الطغاة المستبدين الذين يرتهنون شعبهم من أجل بقائهم على الكرسي المتعفن.
وكانت نهايتهم مأساوية يستحقونها لما فعلوه بشعبهم نهاية تتمناها كل الشعوب المقهورة المسلوبة الإرادة المستغفلة لحكامها الطغاة المستبدين نهاية مزرية لحاكم السفاحيين فامات لحاكم ،و عاش الشعب .
بوجمعة بولحية.
التعليقات (0)