ماهر حسين.
هل نمتلك القدرة على أن ننتقد ..حُرية أسير !!! هل نمتلك القدرة على انتقـــاد صفقة لتحرير ما يفوق الألف أسير !!!! هل من السهـــل أن نتعامل مع موقف عاطفي كبير و بل موقف إنساني عظيم بهذا الحجم!!!! هل يمكن لنا أن نناقش التوقيت !!!هل يمكن أن نتحدث عن الوعود السابقة لحماس وشروطها لإتمام الصفقة !!!هل يمكن لنا أن نُحلل ما وراء صفقة حماس وإسرائيل !!!وهل يمكن لنا أن نقارن بين الصفقات...صفقات الثورة وصفقات حماس !!!هل نستطيع انتقاد الموافقة الحمساوية على (الإبعــــاد) وهل يمكن لنا أن نتعامل مع منطق الدكتور الزهـــار حيث قال ردا" على موضوع الإبعاد ( الي مش عاجبوا ما يطلعش)!!!هل يمكن لنا أن نتحدث عن أَسر واِعتقال واختطاف (مكتبة فلسطينية) وعن إطلاق سراحها بتبادل للأسرى !!!!! أخيرا" ...بين إطلاق سراح (مكتبة) والموافقة على الإبعاد هناك الكثير الكثير من التغيرات التي حصلت بقضيتنا ومن هنا فانه وبغض النظر عن المبــــادئ وبغض النظر عن حقنا بالتفكير وبالتالي النقد إذا رأينا ما يستوجب النقد !!!وبعيدا" عن أي عوامل فكرية أو تنظيمية ...سنبدأ بمٌباركة الصفقة التي وقعتها حركة حماس وإسرائيل والتي تشمل إطلاق سراح الجندي شاليط مقابل ما يفوق الـــ1000 مناضل فلسطيني حيث سيتم إطلاق سراحهم على مراحل مع الموافقة على إبعاد بعض المناضلين .
من المهم أولا" أن نقوم بتذكير القارئ الكريم بضرورة إطٍلاعه على قصة خطف الجندي شاليط ، ومن الذين قاموا أصلا" بخطف الجندي ، وكيف استحوذت حمـــاس على الجندي الإسرائيلي ومقابل مـــاذا !!! وهذا المجال للبحث أتركه للقارئ ليبحث عن حقيقة القصة حيث أن هذا سيساعد القارئ حتما" على فهم حقيقة التفكير الحمـــساوي ومنذ اليوم الأول ...فكمـــا أرى ..منذ اليوم الأول لأسر الجندي شاليط على يد أسِريه وحماس تُفكر بالاستحواذ على الجندي وبأي ثمن !!!! ومنذ اليوم الأول للاستحواذ على شاليط وحماس تستعد ليوم الصفقة وبأي ثمن ...وها هو يوم الصفقة يقترب ..بإنجاز أقل من المتوقع بالمقارنة بما وعدت حماس به شعبنا ... وبالاستعداد لاحتفالات كبيرة وبشكل خاص في غزة تحاول حماس أن تستعيد بهـــا ثقة المواطن الفلسطيني وكما أنها تحاول استعادة صورة التنظيم المقاوم عربيا"..حيث أن هدنة حماس مع إسرائيل وعلاقتها مع النظام السوري وتورطها بتنفيذ مصالح إيران أثر على صورة حماس عربيا" وكما لا يجب أن ننسى بان شعبنا الذي دفع ثمن اختطاف شاليط هو من يحق له تقييم الصفقة !!كما أن شعبنا ما زال يجهل أسباب انضمام حماس لإسرائيل وأمريكا في معارضة التحرك السياسي الفلسطيني وبل في انتقاد الخطاب التاريخي للرئيس أبو مازن بالأمم المتحدة ..حماس تحاول باحتفالاتها التغطية على موقفها في سوريا وتحاول التغطية على موقفها من خطاب الرئيس وكما إنها تحاول أن تُخفي أسباب عدم زيارة الأخ الرئيس أبو مازن لغزة حتى الآن ...ومن المهم التذكير بان حماس وجدت نفسها بعد خطـــاب الرئيس الفلسطيني أبو مازن في مأزق كبير داخليا" أثر في شعبيته حيث أنها فشِلت بتبرير معارضة التحرك السياسي للقيادة وكما أنها فشلت في تبرير التعاطف الشعبي في الداخل والخارج مع الخطاب التاريخي للرئيس أبو مازن في الأمم المتحدة حيث وقف العالم في مشهد غير مسبوق ليصفق للرئيس ولفلسطين ولعدالة قضيتنا وبل أن العالم وقف عدة مرات ليصفق للمنطق الفلسطيني وللرئيس الفلسطيني وللشعب الفلسطيني وللرمز الفلسطيني ..يومها شاهد العالم ممثلي إسرائيل والولايات المتحدة وهم يستَمِعوا إلى الخطاب وقد بدت على وجوهِهم علامات اليأس والإحباط التي وللأسف رأيناها على ملامح سياسي حماس والمتحدثين باسمها وهم يحاولوا تبرير الموقف الحمساوي المعارض للتحرك السياسي .
حماس بحاجه للخروج من هذا الموقف ..بانتصار حتى ولو كان صفقه .
للصفقة أسبابها الداخلية المرتبطة بتراجع شعبية حماس !!!للصفقة أسبابها المرتبطة بضرورة خروج قيادة حماس ومغادرتها لسوريا التي تغرق في الدماء حيث يمارس النظام السوري أبشع علميات القمع ضد شعبه وخاصة بان للإخوان المسلمين في سوريا دور في انتفاضة الشعب السوري مما يجعل موقف حماس أكثر تعقيدا" !!! للصفقة أسبابها السياسية.. فالجانب الإسرائيلي بحاجه للصفقة وبل إنه بحاجه لحماس حيث أن إسرائيل تسعى للخروج من العزلة الناتجة عن تطرفها !!! قد يكون للصفقة علاقة بالإخوان المسلمين في مصر !!! والحوار مع الولايات المتحدة الأمريكية !!!! وقد يكون للصفقة علاقة بانتقال مقر حماس للقاهرة!!!! وقد يكون للصفقة علاقة بالضغط الأمريكي على الرئيس أبو مازن!!!! ولكن الصفقة أطلقت سراح ما يفوق الألف أسير فلسطيني مما يجعلنا نقول وبعيدا" عن الصفقة ..ألف مبروك للأسرى الألف ولأُسرِهم.
عندما نتجاوز أسباب الصفقة والملاحظات التي تشملها بما فيها التوقيت... عندما نتجاوز ما وراء الصفقة فإننا نجد أنفسنا في مواجهة أبرز خلل في الصفقة وهو موافقة حماس على الإبعاد لبعض المناضلين فحماس التي استنكرت سياسة الإبعاد ووجدت نفسها بمواجهة مع هذه السياسة في (مرج الزهور) ولاحقا" لذلك من خلال إبعاد نوابها عن القدس...حماس نفسها التي رفضت الإبعــاد ... ها هي توافق على الإبعاد !!!ففي الوقت الذي أصر فيه الرئيس الفلسطيني على استنكار إبعاد النواب عن القدس (نواب حماس التي أبعدتهم إسرائيل عن القدس ) وفي الوقت الذي أثار الرئيس الفلسطيني قضية الإبعاد أمام كل العالم في خطابه التاريخي ..بهذا الوقت ها هي حماس توافق على تمرير مبدأ الإبعاد وبالمحصلة نحن أمام منطق الغرور والصلف البعيد عن العقل والمنطق حيث يقول لنا الزهـــار (الي مش عاجبوا ما يطلعش) !!!!كما وان هناك خلل كبير رافق الصفقة و تمثل بعدم إطلاق سراح القائد مروان البرغوثي (أبو القسام ) وأخيه المناضل أحمد سعدات ومن منا لا يذكر وعود حماس وبل محاولات حماس البائسة للربط بين استمرار اعتقال أبو القسام والقيادة الفلسطينية وها هي حماس ولأسبابها الخاصة تتجاوز كل التزاماتها للقادة الكبار ولأسرهم !!
إن الموافقة على الإبعاد وعدم إطلاق سراح الأخ المناضل مروان البرغوثي وأخيه احمد سعدات قضايا ليس من السهل تبريرهـــا وان كانت فرحة الـــ1000 أسرة تستحق منا جميعا" أن نفرح ومن هنا وبعيدا" عن الصفقة وعيوبها نبارك إطلاق سراح الأسرى .
أخيرا" من المهم أن نتعلم ونحن أصحاب القضية العادلة وأصحاب الحق بان لقضيتنا معنى ولقضيتنا قيمة تتجاوز الأرقام وتتجاوز فكرة الصفقة ومن واجبنا البحث عن القِيم التي تتجاوز بقضيتنا طابع الصفقات ولقد وجدت ما يُثير العقل والروح ويتركني ويترك القارئ الكريم أمام ما تمثله القيمـــة من معنى ..فلقد كنت استمع إلى المحلل السياسي والمناضل سمير غطاس وهو يشير إلى تبادل الأسرى الذي قامت به حركة فتح بين عامي 83 -84 حيث أشار الدكتور سمير غطاس إلى إصرار الشهيد أبو جهاد على أن يكون جزء من المٌبادلة مع إسرائيل أن تقوم قوات الاحتلال بتسليم مكتبة تابعه لمركز الدراسات كانت القوات الإسرائيلية قد قامت بسرقتها أثناء الاجتيـــاح ...(مكتبة )(كتب ودراسات)...بكل صِدق لقد استغربت هذا الشرط!!! ...ولكني لاحقا" فهمت لماذا أصر الشهيد أبو جهاد على استعادة (المكتبة ) ... لقد أصر الشهيد أبو جهاد على تحرير جزء من هويتنا وثقافتنا لأننا أصحاب حق وأصحاب قضية و لأن المكتبة تمثل جزء من هويتنا وجزء من قضيتنا وجزء من توثيق معاناتنا ..بهذه القيم ارتفعت فلسطين وتحولت إلى قضية لها مناصرين بكل أنحاء العالم ...بهذه القيم أصبح الفدائي قيمة وتحول أبو عمار من لاجئ إلى رمز ...وبهذه القيم وبهذا التراث تحدث الأخ ابو مازن للعالم ...مطالبا" بإطلاق سراح الأسرى واعتبارهم أسرى حرب ..وبهذا المنطق وبهذه القيم سنحافظ على فلسطين بما تمثله من مبادئ ..ولكن وبعيدا" عن المبادئ ولإيماننا بالحرية ...نبارك الصفقة للأسرى ولأسرهم ونقول لحمـــاس شكرا" لما قدمتموه للــ1000 أسير ولأُسرِهم.... ولكنكم لم ولن تٌقدموا لنـــا (مكتبة) .
كنت أؤمن دوما" بان قضية الأسرى يجب أن يتم حلهـــا بإطار مبادرات حسن النية التي يجب أن تُقدمها إسرائيل لشعبنا ولقيادتنا لتشجيع التسوية ولتشجيع السلام في المنطقة ..فانا مؤمن بان إطلاق سراح الأسرى واجب وطني وأتمنى دوما" أن يكون بإطار السلام وليس الحرب ...قٌصر نظر نتنياهو وحكومته وصفقة حماس لن تحل قضية الأسرى وإن كنـــا نبارك للـــ1000 أسير وأٌسرِهِم .
التعليقات (0)