"الفقراء يموتون من البرد في منازل من الصفيح، والأمراء في قصورهم تدفئهم أموال البترول.. مشاعل وذويها وجيرانها يموتون من البرد وحكومتنا الرشيدة تتبرع لبناء منازل لمنكوبي إعصار أمريكا.. ماذا تريدني أن أقول.. حسبنا الله ونعم الوكيل".
هكذا كان رد "م. ع" تعليقا على وفاة مشاعل الذي وافتها المنية قبل نحو أسبوع في منزل لم تقيها جدرانه الصفيح من موجة الصقيع التي اجتاحت المملكة على مدار الأيام الماضية.
ورغم أن شرطة منطقة الحدود الشمالية حاولت - بعد مرور أسبوع على دفن مشاعل- بأن تبرئ البرد من وفاتها ، مشيرة إلى أن الوفاة كانت طبيعية، إلا أن الكثيرين رفضوا تصديق مثل هذه التصريحات مؤكدين أنها محاولة لتبرئة الحكومة
وعقب وفاة مشاعل أصدر العاهل السعودي قرارا الثلاثاء الماضي بتقديم مساعدات عينية عاجلة للمواطنين المتضررين من موجة البرد التي تعرض لها عدد من المناطق، وتشمل المساعدات البطانيات والفرش والمواد الغذائية المتنوعة ووسائل التدفئة.
كما بدأت حملات شعبية لجمع المساعدات للمتضررين من البرد
حي الصناديق:
ويوجد في مدينة عرعر(شمال السعودية) 850 بيت من بيوت الصفيح،يعيش بها نحو 1300 أسرة، أي نحو عشرة آلاف شخص و هو ما يعرف بـ"حي الصناديق"
محمد عبد الله أحد الذين زاروا هذه المنطقة يقول "ما يحزن أن حكومتنا لا تأبه لهؤلاء الفقراء، فيما تفتخر ليل نهار بإرسال المساعدات الإغاثية لجميع دول العالم، أليس الأقربون أولى بالمعروف".
وتابع:"مدن الشمال بشكل عام محرومة من كثير من الخدمات، لقد زرت هذه المنطقة قبل 15 سنة ثم زرتها مرة أخرى قبل أسبوع،وبين المرتين لم يكن أي هناك تطور أو تغيير يذكر على عكس مدينة مثل الرياض مثل".ا
وأوضح أن معاناة قاطني مدن الصفيح تزداد في شتاء كل عام، لأن هذه المنطقة باردة جدا عن كافة أنحاء المملكة، كما أن الصفيح يمتص البرودة فتصبح البيوت ثلاجات سكنية.
وتشير تقارير غير رسمية إلى أن عدد الفقراء بالسعودية عام 2003 كان نحو نصف مليون، غير أن دراسة عن الفقر بالمملكة صدرت عام 2005 للدكتور راشد بن سعد الباز أستاذ الخدمة الاجتماعية في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض رصدت عددا من المؤشرات تدل على أن العدد أكبر من ذلك بكثير.
الطابور القاتل:
وإن كانت مشاعل قد فتحت ملف ساكني مدن الصفيح شمال المملكة فإن وفاة الطفلة جواهر قبل أسبوعين بعد ارتعادها من البرد في طابور الصباح، أدى إلى صدور قرار بإلغاء الطابور أصلا في بعض مدن الشمال.
وتوفى قبل أسبوعين طالب آخر خلال الطابور الصباحي في حائل بسبب البرد وكذلك توفيت طالبة تدعى جواهر بالصف الخامس الابتدائي في مدينة سكاكا شمال السعودية لنفس السبب، فيما توفت طالبة أخرى بالمدينة المنورة قبل أسبوع.
محمد حسن- أحد أولياء الأمور – طالب في حديث لعشرينات بإلغاء طابور الصباح في المدارس جراء موجة البرد خاصة أن الخبراء يؤكدون أن مدة الشتاء ستكون مدته طويلة،كما طالب بمد فترة إجازة منتصف العام إلى 3 أسابيع، وقال" أن الطابور ليس له أي فائدة، تمرينات وإذاعة لا فائدة منها سوى عذاب أبناؤنا في مثل هذا الجو".
ودعا محمد بعودة الدوام الشتوي إلى مدارس الرياض ، حيث تبدأ الحصة الأولى متأخرة قرابة الساعة عن الأيام العادية.
منذ قرابة سنتين توقف العمل بنظام الدوام الشتوي في مدارس الرياض، وذلك بسبب حركة المرور التي تشهد ازدحاماً شديداً في الفترة الصباحية.
ويبدأ الطابور في مدارس السعودية قرابة الساعة السادسة والنصف ويستمر من ربع إلى نصف ساعة يتم خلالها ممارسة بعض التمرينات الرياضية والسماع للإذاعة المدرسية وترديد النشيد الوطني، على أن تبدأ الحصة الأولى الساعة السابعة.
وعقب وفيات الطلاب خلال الطابور تم إلغاء طابور الصباح في عدد من مناطق المملكة، فيما زالت مدن أخرى – من بينها الرياض- تطالب بإلغائه.
التعليقات (0)