( وَمَا تُنفِقُواْ مِنْ خَيْرٍ فَلأنفُسِكُمْ وَمَا تُنفِقُونَ إِلاَّ ابْتِغَاء وَجْهِ اللّهِ وما تنفقوا من خير يوفّ إليكم) (1)
كفالة يتيم في أسرته - صدقة - هبات - زكاة - كسوة عيد - حقوق شرعية - أضاحي - تموين وإطعام مساكين - تأمين فرص عمل لمن لا معيل لهم ، كلها أبواب للرحمة رحمة الأنسان وعطفه على أخيه
الأنسان قد فتحها الباري ( تعالى ) ليميز بها الخبيث من الطيب من خلقه ليختبرهم ويمتحنهم فيجزيهم لقاء أيمانهم وعملهم البار وكفالة المؤمن لأخيه المؤمن ، فمامن عمل أنساني يستحق عليه الأنسان أجراً وبركه سريعاً في الدنيا !! ومغفرة ورحمة وجزيل الثواب أكثر من عمله وموقفه هذا يوم يقف ذلك الأنسان المسلم المؤمن الموقف المشرف بين يدي الرحمن غداً يوم القيامة . ولم يوجد في الأرض منهاجاً تكافلياً أنسانياً لحد الآن !! أفضل من هذا المنهاج الذي سنه الأسلام الحنيف ووضعه بمنظومته الأصيلة لتسيير البشرية قاطبة ضمن بواعث أنسانية وأخلاقية وأجتماعية ، لتكون عنواناً رائعاً وجميلاً لأفضل الأمثلة الواقعية المعبرة عن ألوان الأيثار والتضحية والتصديق بتربية الأنسانية على التقوى والصلاح نابعة من ضرورة أحقاق العدل والمساواه بين الناس ، لترتقي الأنسانية جميعاً لأعلى المراتب وأرفعها والسمو الى أرقى المصاف ( الصافية ) يمكن أن يرتقي لها الأنسان ، فحَقَّ على - متصدي - هذه المنضومة - منظومة الأسلام - وعمالها ومتشرعيها على السواء - العمل بها وتنظيمها ضمن بوتقة أسلامية المجتمع ومسؤوليته المتمثلة - بالمؤسسة الدينية - من جهة ، وتقنينها في دستور الدولة بتوازن شرعي مع المؤسسات الأجتماعية المدنية والمؤسسات الرسمية للدولة ، لتشمل بالتالي كل أطياف المجتمع وأثنياته دون التمييز بين أصنافه من جهة أخرى .
فإن إنْتُهِكَ هذا - البرنامج الأجتماعي الأنساني - من قبل جهة معينة ؟ : الدولة أو الجهة الشرعية !
يحق للمجتمع والأمة أن تطالب الجهتين حسب الأنتمائات - الوطنية - و - العقيدية - بتوفير هذا الحق المسلوب من جهة ، وعلى الجهة الشرعية - المؤسسة الدينية - توفير هذا الحق للمجتمع قاطبة دون أدنى تأخير .
في افضل الضروف التي يمر بها الواقع الأجتماعي العراقي المزري !! نستطيع القول : أستطاعت الدولة الى حد ما العمل بهذا البرنامج وتوفيره في حدود معينة مشوبه ، وفي المقابل : هل أستطاعت - المؤسسة الدينية - العمل بهذا التكليف والواجب الشرعي الذي يقع بالدرجة الأولى والأساس على عاتقها ومسؤوليتها تجاه الأسلام من جهة ، وأتجاه الأمة والمجتمع من جهة أخرى ؟؟
أن ما نشاهده يومياً من أمثلة فردية وشخصية للعديد من أفراد المجتمع العراقي ، وما نراه أعلامياً ووثائقياً لحالة البناء والدعم والأعمار والهبات والصدقات التي تصدرها هذه المؤسسة الى الخارج !! في دعم قومي لمواليها ومنتفعيها ، من أموال الخمس والزكاة والموارد المؤسساتية (23) والشركات التي تمتلكها في الخارج وانشاء مشاريع ضخمة بأسم رموز هذه المؤسسة (24) وحده كفيل : أن يترجم لنا عظم حالات البؤس والعناء والشقاء التي يمر به المجتمع العراقي (25) والأسلامي على السواء ، ولم تستثمر هذه المؤسسة ديناراً واحداً في العراق ولم تدعم شعب العراق ، سوى بعض قطرات تقطرها على الفقراء الذين يلجؤون أليها ويستجدوها لا يسد رمقهم أو يغني من جوعهم ، رغم الأموال الطائلة التي تصلهم بعناوين متعددة - كالخمس والزكاة والصدقات والهبات .... الخ - وبكل العملات المحلية والعالمية
من جانب آخر يمكن لرجل مسلم مؤمن واحد : أن يعيد الفرحة الى قلوب العشرات من الأمهات الثكالى والأرامل الحيارى ، ويعيد البسمة الى شفاه الفقراء والمعوزين ، ويعيد الضحكة ويرسمها على وجوه اليتامى والمقطوعين وهو يقف ويساعد ويعين المنكوبين ، فقراء ومعوزين ، أرامل وثكالى ، وأمهات جائعة محرومة ، وعوائل بريئة منكوبة بلا معين ، أستطاع هذا الرجل أن يبلغ الذروة في قمة الأنسانية وأعلاها من خلال هذه المواقف مواقفه المشرفة التي وقفها لله ( سبحانه وتعالى ) مع هذه الأصناف المحرومة المقهورة الجائعة من العوائل العراقية ، حاملاً جعبته سنوياً !! من شمال العراق الى جنوبه يبحث عن العوائل الفقيرة والمعوزة والمنكوبة والمقطوعة من أرامل وأمهات وأيتام ويتيمات وجوعى ، تارة يبني البيوت للفقراء ... وتارة يشتري لهم منزلاً يقيهم حرارة الصيف وبرد الشتاء ، وتارة يمنحهم الأموال مما رزقه الباري ( تعالى ) ليتقوتوا بها ويعينهم على التشبث بالحياة والأستمرار في العيش ، وتارة أخرى يتصل بالعوائل ويسأل الأطفال اليتامى ويتواصل معهم ليلبي أحتياجاتهم الشخصية من مأكل وملبس ويوفر للأطفال أدوات الترفيه والرياضة ويكلمهم ويواسيهم ويحثهم على الدراسة والأستمرار بها ويزرع الأمل بتلك النفوس البريئة المحرومة وهو يضع كل أمكانياته وطاقاته من أجلهم وفي خدمتهم ، وتارة يزور العوائل الفقيرة والمعوزة ويمر على الأطفال اليتامى : يكلمهم - يواسيهم - يمسح على رؤوسهم ويتكفل بهم وبمعيشتهم .
وقد وردت جملة من الآيات القرآنية الكريمة والأحاديث النبوية الشريفة التي تحاكي هذا المعنى : وهو كفالة اليتيم وأطعامه وكفالة المساكين وتوفير الحياة الكريمة لهم من أيواء ومطعم وملبس وما الى ذلك .... الخ ، فقد قال تعالى في كتابه الكريم ::
(ويستفتونك في النساء قل الله يفتيكم فيهن وما يتلى عليكم في الكتاب في يتامى النساء اللاتي لا تؤتونهن ما كتب لهن وترغبون أن تنكحوهن، والمستضعفين من الولدان وأن تقوموا لليتامى بالقسط وما تفعلوا من خير فإن الله كان به عليما ) (2) قال تعالى: (يسألونك ماذا ينفقون قل ما أنفقتم من خير فللوالدين والأقربين واليتامى والمساكين وابن السبيل ) (3) وقال تعالى: (ويسألونك عن اليتامى قل إصلاح لهم خير ) (4) وقال سبحانه : (وآتوا اليتامى أموالهم ولا تتبدلوا الخبيث بالطيب ولا تأكلوا أموالهم إلى أموالكم إنه كان حوبا كبيرا) (5) وقال جل من قائل : ( وإذا حضر القسمة أولوا القربى واليتامى والمساكين فارزقوهم منه وقولوا لهم قولا معروفا) (6) وقال تعالى ( وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم ذلك أدنى ألا تعولوا) (7) وقال جل شأنه ( إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما إنما يأكلون في بطونهم نارا وسيصلون سعيرا )(8)
وورد عن الرسول الأعظم ( صلى الله تعالى عليه وآله وسلم ) بهذا المعنى ::
(من ضم يتيما فكان في نفقته ، وكفاه مؤونته ، كان له حجابا من النار يوم القيامة )(9) وقال (من مسح برأس يتيم كان له بكل شعرة حسنة )(10) وقال (من عال يتيماً حتى يستغني عنه أوجب الله له بذلك الجنة)(11) وقال : ( أنا وكافل اليتيم كهاتين في الجنة وأشار بأصبعيه السبابة والوسطى )(12) وقال : ( إن في الجنة داراً يقال لها دار الفرح لا يدخلها إلا من فرح يتامي المؤمنين)(13) وقال : ( كن لليتيم كالأب الرحيم واعلم أنك تزرع كذلك تحصد)(14) وقال : ( من مسح يده على رأس يتيم ترحماً له ، أعطاه الله عز وجل بكل شعرة نوراً يوم القيامة)(15) وقال : ( ألا من كان في منزله يتيم فأشبعه أو كساه ولم يؤذه ولم يضربه يقبل منه عمله )(16) وقال : ( من ضم يتيما بين أبوين مسلمين حتى يستغني فقد وجبت له الجنة البتة ) (17) وقال : ( إذا بكى اليتيم في الأرض قال الله عز وجل : من أبكى عبدي هذا اليتيم الذي غيبت أبويه أو أباه في الأرض ؟ فتقول الملائكة : سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا ، فيقول الله عز وجل : اشهدكم ملائكتي أن من أسكته برضاه فأنا ضامن لرضاه من الجنة ، قيل : يا رسول الله ، وما يرضيه ؟ قال : يمسح رأسه أو يطعمه تمرة )(18) وقال : ( خير بيت في المسلمين بيت فيه يتيم يحسن إليه ، وشر بيت فيه يتيم يساء إليه ، ثم قال : أنا وكافل اليتيم في الجنة - وهو يشير بإصبعه )(19) وروي إن رجلا شكا إلى النبي (صلى الله تعالى عليه وآله وسلم ) قساوة قلبه ، فقال : إذا أردت أن يلين قلبك فأطعم المسكين وامسح رأس اليتيم ) (20) وقال : ( من أذل يتيما أذله الله )(21) وقال رجل: يا رسول الله، أشكو إليك قسوة قلبي ، قال: فادن منك اليتيم وامسح رأسه وأجلسه على خوانك ، يلن قلبك وتقدر على حاجتك ) (22) .
لكن : هل تخَلَّصَ سعد البزاز من الشبهة وتلويث السمعه ؟ مرةً : هو بعثي ومرة : أمواله مشبوهة وغير معروفة مصادرها ... ومرة ومرة ومرة .... الخ
إننا إذ نخاطب ؟ فنحن نخاطب العقول الواعية النيرة المتفهمة المطلعة على الأحداث والوقائع العراقية ، ونقول لهم : لنفترض أن الأموال التي يمتلكها سعد البزاز مشبوهة ومصادرها غير معروفة !! ألا يكفيكم ويكفي الأسلام صرفها على عوائل الفقراء زكاة لها ؟ وهل أذا كان سعد البزاز ( هذا مع الفرض ) بعثياً ويكن الولاء المطلق فعلياً لحزب البعث هل يمنعه هذا من مساعدة الناس والفقراء والمعوزين والمحرومين من أبناء وطنه وجلدته ؟ وهل يخرجه هذا الأنتماء الحزبي والأنتماء الوطني من ربقة الأسلام ؟ وهل وهل وهل ... الخ
أسئلة وأستفسارات يفرضها الواقع يفرضها الحال تفرضها الأوضاع تفرضها التصرفات تفرضها العقول ... موجهة الى أولئك المغررين ، الى أولئك المنافقين ، الى أولئك المتلبسين بلباس الدين ، الى أولئك المتقاصرين الذين أعْجَزوا عن الأتيان بعمل واحد خيري مطلق كما فعله وعمله سعد البزاز وفعل مالم يفعلوه ولن يفعلوه في مستقبل الأيام .
في المقابل : هل حققت ( المؤسسة الدينية في العراق ) منجزاً خيرياً أنسانياً وأجتماعياً ووطنياً شرعياً بسنين طويلة ولو جزءً بسيطاً مما أستطاع سعد البزاز تحقيقه بسنوات قليلة رغم الأمكانيات والموارد والطاقات الهائلة التي تمتلكها هذه المؤسسة في داخل وخارج العراق ؟ .
(1) البقرة : 272
(2) النساء : 52
(3) البقرة : 215
(4) البقرة : 220
(5) النساء : 2
(6) النساء : 8
(7) النساء 3
(8) النساء : 10
(9) الثعلبي : كشف البيان 14 /140
(10) احمد : الطبراني : صحيح البخاري : باب الدعاء : 156
(11) بحار الأنوار: 75/3
(12) تفسير نور الثقلين: 5/597
(13) الترغيب والترهيب: 3/347
(14) الترغيب والترهيب: 3/349 : كنز العمال: ح6008.
(15) بحار الأنوار: 75/3
(16) الترغيب والترهيب
(17) نفس المصدر
(18) نفس المصدر
(19) بحار الأنوار: 2/ 2-6
(20) نفس المصدر
(21) نفس المصدر
(22) نفس المصدر .
(23) http://www.al-sistani.org/index.php?p=362161
(24 ) http://www.sotaliraq.com/articlesiraq.php?id=44676#axzz2YyUaBjbb
(25) http://www.alnoor.se/images/gallery/...news_26/19.jpg
صفاء الهندي
التعليقات (0)