لن تعرف البشرية قولًا في المدح والفخر تقشعر الأبدان من مهابته؛ كقول الحق تبارك وتعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ... ﴾ [الأحزاب: 56]؛ الله - بكبريائه وعظمته - والملائكة المقربون الأطهار يصلون على سيد الخلق، بصيغة المضارع الدالة على الاستمرار والديمومة.
الصلاة من الله: الثناء في الملأ الأعلى، والصلاة من الملائكة: الدعاء.
يخبرنا الحق تبارك وتعالى بهذا الشرف العظيم لعبدِهِ ونبيه في الملأ الأعلى، ثم يأمرنا أن نصليَ ونسلم على نبينا الأكرم؛ ليجتمع الثناء والشرف والفخر والمجد لخليله في العالَمَين العلوي والسفلي.
هل توجد عبادة فضلها ومزيتها أنك تفعل ما يفعله الله الرب الخالق العظيم سبحانه وبحمده؟!
إذًا لم يبقَ أي سبب، لأي أحد، يجعله لا يُفني عمره بالصلاة والسلام على سيد البشر، فإذا كان الله الرب العظيم والملائكة المقربون يصلون على النبي، فماذا تنتظر أيها المسكين؟!
ثبت عن الحبر ابن عباس قوله: "ما خلق الله وما ذرأ وما برأ نفسًا أكرم على الله من محمد صلى الله عليه وسلم، وما سمعت الله أقسم بحياة أحد غيره؛ قال الله تعالى ذكره: ﴿ لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ ﴾ [الحجر: 72]".
وانسُب إلى ذاته ما شئتِ من شرفٍ
وانسُب إلى قدره ما شئت من عظمِ
فإن فضل رسول الله ليس له
حدٌّ فيُعرب عنه ناطقٌ بفمِ
|
لا أعلم عملًا صالحًا فضله بالنص عليه أن الله الخالق العظيم تبارك وتعالى يصلي عليك أيها العبد الضئيل، إلا الصلاة على سيدنا وإمامنا وقدوتنا وقرة أعيننا رسولنا الكريم، صلى الله عليه وآله وسلم، وهذا لَعمر الله سبب كافٍ وحده لأن يُذْهِب المؤمن كل عمره فيه، بل عسى أن ينال شرف ذلك، فالمرء بالصلاة على رسول الله يكون مع الله الرب الخالق العظيم سبحانه وبحمده، ومع سيد البشر عليه الصلاة والسلام، ويكفيه هذا غنًى وشرفًا.
• هذا استهلال للتنويه على هذه الفضيلة العظيمة، ولا يخفى أن فضائل الصلاة على سيدنا رسول أكثر من أن تُحصر، وقد أطْنَبَ بذكرها الإمامان ابن القيم في الجلاء، والسخاوي في البديع، وقد تواطأت كلمة العارفين، وأكدت لنا مجربات الصالحين على أن ذكر الله سبحانه بتكرار الصلاة على سيدنا رسول الله بالصيغة الإبراهيمية لا يشبهه ذكر من الأذكار.
فأرَّقني معرفة سر تفردها عن سائر الأذكار، وأبادر إلى القول: إن أول ما ذهب له خَلَدي أن السر هو أن سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم حبيب رب العالمين، وأن الله جعل الصلاة عليه تكريمًا وتشريفًا، وفخرًا ومجدًا لحبيبه عليه الصلاة والسلام، فالمصلي يُرضِي الله بإكرام حبيب الله، ومع أن هذا معنى صحيح، ويكفينا ذلك شرفًا وفخرًا، بل عسى أن ندركه، إلا أنه تبين لي أن الأمر أسمى شأوًا، وأبعد غَورًا، وأعظم ثمرة.
محمد صفوة الباري ورحمته
وبُغية الله من خَلْقٍ ومن نَسَمِ
محبة الله ألقاها وهيبته
على ابن آمنة في كل مُصطدمِ
|
ومحاولة صغيرة مني لاسْتِكْناهِ شيء من السر هُديت للومضات والإشارات التالية، عسى أن تزلفني لمحبته صلى الله عليه وسلم، وتمسني نفحة من بركة الحضرة النبوية المشرفة:
لزمت باب أمير الأنبياء ومن
يُمسكْ بمِفتاح باب الله يغتنمِ
فكل فضل وإحسان وعارفةٍ
ما بين مستلمٍ منه وملتزمِ
عَلَقْتُ من مدحه حبلًا أُعزُّ به
في يومِ لا عزَّ بالأنساب واللُّحَمِ
|
• إن الإيمان بالرسول واتباعه يدخل فيه ضمنًا ولزومًا الإيمان بالله سبحانه، أما العكس فلا، إن الإقرار بالنبي ومحبته وتعظيمه واتباعه يتحقق به كمال الذل والإذعان والانقياد والتسليم لله رب العالمين، فالإقرار بالله محل اتفاق بين أكثر البشر، ولكن الاختبار والابتلاء هو بالإذعان والانقياد، والمحبة والاتباع للرسول الكريم ولشريعته.
اتباع الرسول صلى الله عليه وسلم حيًّا وميتًا هو الاختبار الحقيقي، وهو سبيل النجاة، وهو الفرقان بين المؤمن والكافر، بين المؤمن والمنافق، الصلاة الإبراهيمية تجمع لك الدين كله؛ لأنها تجعل كل ما فوقها وما عداها داخلًا فيها بطريق الأولى.
• الصلاة الإبراهيمية فيها هداية عملية؛ لأنها تؤكد معنى الجماعة، تؤكد معنى القدوة، تؤكد معنى السلف الصالح، تؤكد معنى ﴿ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ ﴾ [الفاتحة: 7]، تؤكد معنى الإجماع، إن ديننا يوجب الجماعة، ويحرم الشذوذ والفُرقة والابتداع، وتكرار الصلاة على النبي وآله وهم أتباعه، والصلاة على إبراهيم وآله، يكسو قلبك بالوحدة الشعورية مع تلك المسيرة الصالحة الطاهرة المباركة الشريفة المظفَّرة؛ وهم الأنبياء وأتباعهم إلى يوم الحساب، بقيادة سيد البشر صلى الله عليه وسلم، الدين اتباع لا ابتداع، الدين تجربة تاريخية مترابطة عبر الزمان والمكان، يجب على المؤمن لكي يكون مهتديًا الانضمامُ لها ومحبتها وقفوُ آثارها، ومعنى أن تقفو آثارهم أن تستقي تصوراتك منهم فتجعل منهجهم وقطعياتهم هي الحكم والميزان والمعيار، بوعيٍ وقصد أضفت وصف (المظفرة) لمسيرة صفوة الخلق؛ الأنبياء وأتباعهم، مع أن الواقع التاريخي يشير إلى أن الإدالة ماديًّا كانت عليهم غالبًا، لنستنتج من هذا أن ظفرهم كان بهزيمتهم الباطل في أنفسهم، وثباتهم على المنهج الحق، وليس بتغيير الواقع لصالحهم.
• الصلاة الإبراهيمية تبطل نظريًّا في عقلك، وشعوريًّا في وجدانك ضلالةَ الدين الباطني، العقائد الباطنية بأصنافها، الدين الروحاني، الروحانيات وحركة العصر الجديد، وهي فتنة الوقت لكثير من أبناء الجيل؛ لأنها من الأجندة التي يروِّج لها شياطين الأنس الذين يتحكمون في العالم، الصلاة الإبراهيمية تحطم فلسفة الغنوصية والإشراق الباطنية، التي تدعو إلى الرياضة للاتصال المباشر بالخالق سبحانه، وتختصر الدين بمحبته سبحانه وذكره، وتلقي المعرفة المباشرة منه دون الحاجة لغيره، فالصلاة الإبراهيمية ترسِّخ في عقل الإنسان وروحه وعصبه ودمه أنه لا طريق إلى الله إلا من باب النبوة، ترسخ في عقل ووجدان مكرِّرها أنه مهما ارتاضَ الإنسان على الاتصال بالله بالتفكر والذكر، فسيظل تائهًا حائرًا ضالًّا فاقدًا للتطورات الصحيحة، لا يميز بين الثنائيات المتضادة؛ الجهل والعلم، الحق والباطل، الخير والشر، الهدى والضلال، الصواب والخطأ، ما لم يتوصل إلى الله الحق المبين، من باب الهادي البشير والسراج المنير، فإذا أقبل على الله والعلم به على هدْيِ أنوار النبوة، صار من أهل البصائر، مهتديَ الفكر زكيَّ النفس.
دعا إلى الله فالمستمسكون به
مستمسكون بحبل غير منفصمِ
|
• من سنن الله الشرعية أنك لا تستطيع أن تعرف الدين إلا من خلال أهله الذين أنعم الله عليهم، فأغلق عينيك وأذنيك، وأدِرْ ظهرك لكل من يهوِّن في نفسك أهل الدين، الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين، والشهداء والصالحين، ويدعوك أن تفهم الدين وتطبق الدين بمعزِلٍ عن هدْيِهم وتصوراتهم وقطعياتهم وإجماعهم، حتمًا ستسقط في الضلال المبين، ولا يخدعنَّك مُلبِّس جاهل أو ضالٌّ بقوله: إنهم مختلفون، فوالله إنهم مجمعون على أصول وقطعيات الدين العلمية والعملية، المنعَم عليهم مسيرة واحدة من آدم إلى قيام الساعة، سيدهم الهادي البشير والسراج المنير، لا نجاةَ لك إلا بالانضواء تحت لوائهم، والسير في ركابهم، وقفو آثارهم، والانضمام لقافلتهم.
محمد سيد الكونين والثقلين
والفريقين من عُرْبٍ ومن عَجَمِ
فاق النبيين في خَلْقٍ وفي خُلُقٍ
ولم يدانوه في علمٍ ولا كرمِ
وكلهم من رسول الله ملتمسٌ
غَرْفًا من البحر أو رشفًا من الديمِ
|
• لا شك أن المؤمنين في محبتهم لسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم متفاوتون تفاوتًا كبيرًا، وآسف على ما نراه من ضمور في مشاعر المحبة، وعاطفة الشوق يصل إلى حد الجفاء، ربما بسبب فهم الدين وطريقة التدين الأكثر شيوعًا، التي ركزت على التمسك بالأعمال الظاهرة، وقصرت في الروحانيات والتزكية والسلوك وأخصها الأوراد، فكثيرًا ما سمعنا أن محبة الرسول صلى الله عليه وسلم في طاعته مفسرة ذلك بالتمسك في فروع الدين العلمية والعملية، ولكن الصحيح أن صدق محبة رسول الله صلى الله عليه وسلم هي بصدق اليقين، وقوة الانتماء والثبات، والتمسك والاعتزاز به وبدينه، وأنفع وسيلة لذلك تكرار الصلاة الإبراهيمية لأثرها العجيب في إلهاب العاطفة، وإيقاد الأشواق والحنين لحبيبنا، وقرة أعيننا سيدنا رسول الله، فتهمي عينيك وأنت تردد مع شوقي:
يا لائمي في هواه والهوى قدرٌ
لو شفَّك الوجد لم تعذِل ولم تَلُمِ
|
• السر العجيب الذي أقصد للتنبيه إليه هنا ليس ما نستفيده من مضامين الصلاة الإبراهيمية نظريًّا، فهذا تشترك فيه مع كثير من الأذكار والنصوص، ولكن الفرادة فيما لها من سطوة فعلية شعورية على القلب؛ بتجذير الانتماء والولاء والمحبة والتقدير والاتباع للدين وأهله؛ سادتنا الأنبياء وأتباعهم بإمامة سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم.
• يجب على كل مسلم في اليوم والليلة على الأقل سبعة عشر مرة أن يسأل الله الهداية لطريق المنعَم عليهم، وهذا دعاء، أما الصلاة الإبراهيمية، فهي وسيلة نظرية وعملية إجرائية لتحقيق هذه الهداية التي هي غاية ومطلب كل مسلم، وهذا هو سر الصلاة الإبراهيمية، فاشدُد عليه.
• تكرار الصلاة الإبراهيمية وسيلة إجرائية عظيمة الأثر، تملأ قلبك محبة وإجلالًا وتعظيمًا للنبي صلى الله عليه وسلم والأنبياء وأتباعهم، امتلاء القلب بمحبتهم وإجلالهم يثمر ضبط البرمجة، ووزن البوصلة الداخلية.
الله جل في علاه رؤيته ورضاه ومحبته تلك هي الغاية والصلاة الإبراهيمية تدلُّك ليس على الغاية فحسب، بل على الطريق والمنهج القويم الموصِّل لتلك الغاية، فكل البشر والطوائف يدَّعون أن الله غايتهم، وقد تشعبت بهم السبل، والصلاة الإبراهيمية بتأكيدها على الأنبياء وأتباعهم تهدينا عقليًّا وعاطفيًّا لِما اختلف الناس فيه.
بالصلاة الإبراهيمية تصير مهتديًا نظريًّا وعمليًّا، فإذا صرت مهتديًا عليك سلام الله، فقد وصلت إلى نهاية النهايات، وظفرت بأسمى الغايات؛ وهي رضا الله تبارك وتعالى.
• شعور المحبة والتقدير والإجلال والاتباع للرسول الكريم وإخوانه الأنبياء وأتباعهم من أئمة الهدى الذي يملأ القلب حتمًا من تكرار الصلاة على رسول الله بالصيغة الإبراهيمية - يورثك عزة وغِنًى، فتصبح لا تُغْبِط أحدًا على شيء من الدنيا إلا ما اتصل برضا الله، وتتقزَّم في عينيك كل مظاهر الانتفاخ الخادع، فلا يكبر في نظرك من الأشخاص والأعمال والأشياء، إلا ما اتصل برضا الله تبارك وتعالى؛ لأنك صرت لا ترى بعين قلبك إلا تلك القامات الشامخة، والمنازل العالية، والمطالب السامية، فيغدو ما دونها تافهًا، وما سواها باهتًا.
• إذا نظرت إلى النصوص الكثيرة المؤكدة على الصلاة على سيدنا رسول الله، وخاصة حديث أبي بن كعب المشهور نظرة شمولية، ظهر لك بوضوح أن تلك النصوص الشريفة تدعوك صراحة لأن تصلي على سيدنا رسول الله ما وسعك ذلك، ولو استغرق عمرك كله، فحار ذهن كثير من الناس في فهم مغزى ذلك.
والجواب: إنها النبوة يا سادة، المغزى أن يرسخ في وجداننا حضور النبي بيننا كأنا نراه، فلا يغيب عن أفئدتنا، وتكون النبوة حاضرة متوهجة في حياتنا، نشعر بالقرب من النبي والنبوة، كثرة الصلاة ردم للفجوة الزمنية، وتحصيل للوحدة الشعورية مع النبي وأتباعه، وهذا كفيل بتحقيق الهداية لنا.
تذييل عن الإجماع والبدعة:
• إن مخالفة هديِ الرسول صلى الله عليه وسلم بدعة، ولكن الإشكال في تعيين هدي الرسول، تعيين ما هو موافق للهديِ وما هو مخالف للهدي النبوي، وهل هو بالاجتهاد أم بالإجماع؟ الصواب: إنه بالإجماع فمخالفة الهدي هو مخالفة الإجماع؛ ولذا فإن الأرجح في تعريف البدعة هي: مخالفة الإجماع، إجماع السلف المتيقن، وما عدا ذلك لا يُقال عنه بدعة، فما ليس إجماعًا لا يُقال عنه بدعة، البدعة التي هي ضلالة في النار؛ يرى الحبر ابن تيمية أن الإجماع المنضبط هو: إجماع الصدر الأول من الصحابة والتابعين.
ليس من المرجح صوابُ تطبيق مفهوم الإجماع في الفروع الفقهية، الإجماع معنى عظيم وجليل، وهو من أدلة الدين المجمَع عليها، ولكن مورده أصول وقطعيات الدين العلمية والعملية، وليس الفروع الفقهية.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة، وافترقت النصارى على اثنتين وسبعين فرقة، وستفترق هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة، كلها في النار إلا واحدة، قيل: من هي يا رسول الله؟ قال: من كان على مثل ما أنا عليه وأصحابي))، وفي رواية: ((كلها في النار إلا واحدة وهي الجماعة))؛ [أخرجه أحمد والترمذي وأبو داود، وغيرهم من رواية أبي هريرة، وعبدالله بن عمر، وابن عباس، وقد اختلف العلماء في صحته فمنهم من أثبته، ومنهم من ضعفه، ويبدو أن الحديث ثابت، فلو لم يثبت بسند قويٍّ، إلا أن الواقع التاريخي يشهد بصحته، فالاختلاف مذموم في القرآن وقد وقع فعليًّا].
قلت: الحديث دليل على حجية الإجماع (إجماع الصدر الأول)، ودليل على ضرورة اتباع والتزام التجربة التاريخية للجماعة الأولى، حشرنا الله في زمرتهم؛ لذا قال عليه الصلاة والسلام: ((من كان على مثل ما أنا عليه وأصحابي)).
أول خلاف وقع في الأمة في الأسماء والأحكام من الخوارج وسبب وضلالهم هو مفارقتهم لإجماع الصحابة.
البدعة هي: مخالفة الإجماع في أصول وقطعيات الدين العلمية والعملية؛ ((كل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار))، لا تسمى بدعة إلا إن كانت خلافًا للإجماع في أصول وقطعيات الدين العلمية أو العملية، فالمفارقة للجماعة يكون بالابتداع، والابتداع يكون بمخالفة الإجماع في أصول وقطعيات الدين.
في الفاتحة قال الله تبارك تعالى: ﴿ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ ﴾ [الفاتحة: 7]، وقال الله تعالى: ﴿ وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [النساء: 115]، وقال الله تعالى: ﴿ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ ﴾ [الأنعام: 90]، فهذه الآيات الشريفة وحديث الافتراق، وحديث كل بدعة ضلالة، والسلام على النبي وعباد الله الصالحين في التحيات، والصلاة على النبي وآله في الصلاة الإبراهيمية - كلها تتغيا غاية جليلة، وترشد لمغزى عظيم؛ هو الاقتداء بأئمة الهدى، أتباع الإجماع، أتباع السلف الصالح، أتباع النبي وآله، إذًا فهناك سلف صالح، وتجربة تاريخية، ومسيرة هدًى ونور يجب اتباعهم، وكل ذلك لأجل تحقيق أسمى الغايات؛ الهداية.
وتوكيد الله ورسوله على هذا المعنى؛ لأنه لا يوجد سبيل للنجاة إلا هذا السبيل فقط.
• هناك من يفضل الانتساب إلى السلف بالتسمي بـ(السلفية)، بحجة أنه بعد الصحابة كثُرت الفِرَق والمذاهب، فيلزم التمييز بالانتساب للسلف، فيُقال: إن الله ورسوله عظَّما اسم الإسلام؛ فقال الله تعالى: ﴿ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ ﴾ [الحج: 78]، مع أنه يعلم يقينًا أنه كان في عهد الرسول منافقون، وبالاتفاق أن اسم الإسلام في عهد الرسول كان يشمل المؤمنين والمنافقين.
يا رب:
وائذن لسحب صلاة منك دائمة
على النبي بمنهل ومنسجمِ
ما رنحت عذبات البان ريح صبا
وأطْرَبَ العيس حادي العيس بالنغمِ
|
اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد.
التعليقات (0)