سبق أن كتبت وكتب كثيرون مثلي عن الرسائل الإعلامية للفضائيات العربية , وبالذات التي ملئت الفضاء الإعلامي بأنماط عديدة من البرامج التي تثير الغرائز أو تثير نوازع العنف ومن ثم الإرهاب داخل المجتمع , الذي بات يعرف بالعنف المجتمعي داخل الجامعات أو في الأحياء السكنية .
النوع الثاني من البث الفضائي هو المتخصص بالشعوذة والدجل والخرافة , بالذات التي تصف الدواء للمرضى المصابين بأمراض مستعصية مثل مرض السرطان ,والزهايمر والعوق العقلي والعجز الجنسي والرشاقة , ووصل الأمر إلى إجراء عمليات جراحية بالتعلم عن بعد .
عادت مسألة الفضائيات ثانية بعد قرار الحكومة المصرية في عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك بإغلاق 16 فضائية وإنذار 22 فضائية أخرى بتصحيح أوضاعها وإعادة النظر في رسالتها الإعلامية.وقد بررت الحكومة المصرية انذاك قرارها انف الذكر بان هذه الفضائيات خالفت الترخيص الممنوح لها.
وتقول رواية الحكومة أن إدارة <نايل سات > استهدفت القنوات المتطرفة التي تشيع روح الفتنة وتشكك في العقائد , كما استهدفت قنوات الدجل والشعوذة التي خرجت عن السياق المرخص لها , ومارست جرائم بحق المجتمع من خلال نشر الخرافات وخداع المتلقي , فضلا عن الترويج للمنشطات الجنسية وترويج العادات الدخيلة مثل الدروشة والتعارف بين الجنسين , والمسابقات الزائفة والرسائل الخليعة , وتضليل الشباب واستدراجهم إلى عادات سيئة .
لقد نشرت الصحف غسيل الفضائيات التي شملها الإغلاق والتوقيف , بالذات قنوات الشعوذة والخرافات , والمتخصصة بطب الأعشاب , واذا كانت بعض الفضائيات مكشوفة في تفاهتها وفي اهدافها الربحية , فان بعض الفضائيات السياسية لا يقل ضررها عن تلك الفضائيات الموسومة بالخرافات والشعوذة والدجل , فاثارة الفتنة بين الاديان وبين الطوائف وبين القوميات , اشد فتكا من احابيل السحر والشعوذة . والتحريض على الفتنة هي شروع في الحرب , واحد مسبباتها .
حرية الإعلام مصانة وكفلتها معظم الدساتير العالمية, ولكن الحرية تتجاوز حدودها عندما تنال من قيم المجتمع ومن أصول الدين وتعاليم الشريعة الإسلامية. ومن حق المسؤلين أن يمنعوا كل انحراف باتجاه الإضرار بالمجتمع وقيمه ومثله العليا . وعندما تكون القرارات فيها لبس وغموض فإنها تثير القلق والتفسيرات المختلفة, مثل خلط الأوراق, ومعاقبة الكل بمسطرة واحدة.
نعم لقد سفت بعض الفضائيات وانحرفت عن المسار الإعلامي الصحيح, الملتزم بأخلاق المجتمع وقيمه وعاداته, ومن الواجب مراقبتها ووضع حد لتصرفاتها عندما تتجاوز الحدود المسموح بها, ووفق ميثاق الشرف الإعلامي.
إن حرية الإعلام مكفولة ,ضمن الضوابط الأخلاقية والقيم الدينية التي تحكم مجتمعاتنا , والإخلال بها يعد تعديا على المجتمع كله , ولابد ان يوقف المخالف عند حده .
التعليقات (0)