فضائيات التحريض.. وخطر المجابهة
خليل الفزيع
تخصصت الفضائيات المذهبية في تحريض أتباعها على العنف والمجابهة المستميتة مع السلطة، لا فرق عندها بين سلطة وأخرى لأنها تسير وفق أجندة خارجية وضعتها جهات مسيطرة على عقول العاملين في تلك الفضائيات، وهي التي تمول تلك الفضائيات بالكامل، لتحيلها إلى أبواق فاقدة للمصداقية وفاقدة للأهلية للنقل الإعلامي النزيه، بعد أن فقدت شرعيتها من خلال انحيازها لانتمائها المذهبي على حساب انتمائها الوطني، وفي سبيل ذلك الانحياز تغيب المصالح الوطنية لغيرها من الدول ، لتحل محلها مصالح تلك الدولة التي لا تريد الاستقرار للدول العربية، وكان الأولى بها ان تحل مشاكلها الداخلية قبل أن تحشر أنفها في مشاكل الدول الآخرى من خلال فضائيات التحريض هذه، ومن خلال عملائها في أماكن أخرى خارج حدودها، يرددون كالببغاوات ما تقوله، لترتفع بهذا التحريض وتيرة المجابهة الخطرة بين الشعوب والحكومات.
هذه الدولة تحرص على عدم استقرار دول الخليج العربية، وتعمل في الخفاء والعلن على تقويض أمن هذه الدول، وويتعهد عملاؤها علنا بالتحريض وتبني قضايا لا تعنيها على المستوى السياسي، وهي التي تمارس القمع والأرهاب ضد مواطنيها، وتقصي رموز الإصلاح فيها بأساليب مرفوضة من التعسف والعنف والإجراءات الظالمة التي تحرمهم حتى من حرية التعبير، وتتناسى كل ذلك، وتدير ظهرها لمشاكلها الداخلية، لتتدخل في شئون دول الخليج، انطلاقا من مواقف مذهبية تساعد هذه الفضائيات على تعميق الخلاف حولها، لتعبر عن أحقادها الدفينة، وعداواتها المستمرة لكل ما هو عربي، ومثل هذه الفضائيات التي تثير الفتن بين أبناء الوطن الواحد، وتزرع الخلافات وتؤجج المشاحنات.. هي أشد خطرا من العدو الإسرائيلي، وإن تعرف عدوك وتستعد لمجابهته، أهون عليك من أن تلاقي من يزعم أنه صديقك، ويعمل في الخفاء على تدمير كل ما تبنيه من تلاحم وطني، ومن منجزات حضارية، ومن تأصيل للحوار المتكافئ بين كل الأطراف، وكيف يكون الحوار حين الإصرار على شروطه مسبقة التي تلغي الطرف في هذا الحوار في هذا الحوار.
الفضائيات التحريضية تتجاهل وعي المواطن الحريص على أمن وطنه واستقرار مجتمعه، في ظل الأحداث التي تجتاح المنطقة العربية وتعصف بالأمن والاستقرار في هذه المنطقة، وتحيل أحلام الشعوب إلى كوابيس مزعجة، مع ملاحظة أن أوضاع الدول العربية ليست مستنسخة من بعضها، بل هناك اختلاف واضح بين كل دولة واخرى، وهو مالا تريد الاعتراف به تلك الفضائيات التحريضية من خلال تبنيها لمواقف دولة تأبى ألا ان تطل بوجهها القبيح من خلال عملائها في المنطقة، ومن خلال ما كونته من طوابير ذات ولاء مباشر ومعلن لها، لتجسد أحقادها وتبث فتنها وتأبى الا الشر لكل ما هو عربي.
المؤسف ان هذها لفضائيات التحريضية تتخذ من بعض البلاد العربية مقرا لها، وتنطلق بلسان عربي، لكنها تحارب حتى البلاد التي تستضيفها، ومن خلال تبنيها لمواقف محددة دون غيرها.. تأبى أن تترك لغير مموليها وأتباعهم.. فرصة إبداء أي رأي حر مخالف لما تتبناه وتسعى لتحقيقه، وإذا كانت أصابع الاتهام تشير لهذه الدولة بعينها فلان الأدلة المتوفرة لا مجال لتجاهلها أو التشكيك فيها، ولأن الوقائع المعروفة لا يمكن الصمت عنها، ولأن اختراقاتها المتواصلة لأبسط قواعد حسن الجوار مستمرة منذ عقود، وليست وليدة الحاضر، والشواهد لا تزال قائمة على أطماعها التي لا حدود لها في الخليج.
الأساليب المريبة التي تنتهجها هذه الفضائيات التحريضية.. ترفع درجة المجابهة بين أطراف الاختلاف، فإلى متى تستمر هذه الفضائيات في بث سمومها في المجتمع العربي الآمن؟
التعليقات (0)