بتغير وسائل الاتصال تغيرت الصورة النمطية ، وتغير تفاعل المجتمع مع قضاياه ، ! ولم يعد ثمة شيء خاف على أحد لا المسؤول - من أكبر مسؤول إلى أصغر مسؤول - ولا على المواطنين ، ولم يعد هناك منطق أو عقل يتقبل أو (تعدي عليه) تبريرات المسؤول ومحاولاته البائسة لتزييف الوعي
ب( فعلنا كذا وسوف نفعل كذا) !٠
ومع كل ذلك لم تتغير العقلية التي تدير معظم مؤسسات الدولة وخاصة المؤسسات الخدمية ، فمازال معظم المسؤولين يتعامل مع قضايا المواطنين بسطحية بالغة وباعتقاد ساذج يتوقع أن الكل ما يزال يتقبل تمويه الحقائق ، وما يزال كل صحفي مخلص في نظر هؤلاء خطر عليهم والسبب واضح ، بل أصبح أكثر وضوحا ، وهو معرفتهم لأنفسهم وخباياهم التي لا يريدون كشفها ! كما يحدث الآن للصحفي الذي صور بعض نزلاء مركز التأهيل الشامل في الطائف وهم عراة !
معظم ما ذكره المسؤولين في وزارة الشؤون الاجتماعية للإعلامي داوود الشريان اليوم في برنامجه "الثامنة" ، سواء الدكتور طلعت وزنة أو عبد الله آل طاوي أو مدير فرع المدينة المنورة ، في موضوع الحلقة وهو سوء الخدمات المقدمة لنزلاء مراكز التأهيل الشامل وتعذيبهم وكأنهم مجرمون في عنابر سجون الإجرام ، هو أما غير صحيح (حتى لا أقول كذب !) أو تبرير مخجل ومضحك ومؤسف ، أو منة وتفضل اعترف بأنه ليس غريبا على واقعنا !!!
وإليكم بعض (التفاصيل) !!
- يبرر الدكتور طلعت ما يحدث للنزلاء من سوء معاملة وتعذيب وتعامل لا أخلاقي من قبل عمال "البنشر!" الموظفين في مراكز التأهيل الشامل بأنه يوجد في أمريكا !!! فمتى تشفي هذه العقليات من عللها "موجود بأمريكا" لتبرير فضيحة لا يقرها دين ولا عقل في ظل الإمكانيات السخية التي تضخ سنويا لوزارة الشئون الاجتماعية وغيرها من الوزارات !؟ ولكن الدكتور وقف عاجزا أمام صعوبة تبرير توظيف ( عمال ) غير مؤهلين علميا ولا وظيفيا ولا أخلاقيا لخدمة نزلاء مراكز التأهيل الشامل ٠٠ ربما لأن هذا غير موجود بأمريكا !!! وثقافة الدكتور أمريكية ٠٠ كما يبدو !! والمخجل أكثر تبريره للعنف بنشاط النزيل الزائد والإعاقة الذهنية !! واعتقد أن مثل هذا التفكير (الإداري) هو الأولى بالتغيير !! ومن ناحية أخرى يمتطي الدكتور صهوة ثقافة المنة المضحكة كسيف صدئ لا يخجل مسؤول من سله من غمده أما لمجرد المنة وذكر الفضل أو عند الحاجة للدفاع عن نفسه ووزارته أمام المشاهدين فيقول :
نصرف لكل معاق كرسي ! ٠٠ متى يا سعدة الدكتور ؟ هل تريد من المعاق أن يقف عند باب مكتبك بمعروضه كلما أحتاج لكرسي ؟!!!
لدينا فريق يزور كل معاق في منزله لتقديم المساعدة ٠٠ هذا غير صحيح (حتى لا أقول كذب) !!
فمعظم المعاقين ، بل 99% منهم ، مسجلين لدى وزارة الشؤون الاجتماعية والوزارة بكل فروعها تعرف كل المعلومات عنهم ، ومع ذلك ما تزال حاجة المسؤولين في الوزارة وفروعها ومراكزها في حاجة للمعروض (والشحذة) والاستجداء ٠٠ !!
ويبدو أن سعادة الدكتور لم يطلع على شروط (موزعي السيارات في الوزارة ) حيث أفرط في التعبير عن نشوته (بالانتصار) متهللا بأقتراب توزيعها على المعاقين ! ويبدو أنه لا يعلم أن قرار خادم الحرمين كان واضحا (سيارة "لكل معاق" ) دون شرط أو قيد ، ورغم ذلك ، ورغم مئات الملايين المخصصة لهذه السيارات إلا أن شروط الوزارة غير المنطقية مثل الحد الأقصى للراتب حرمت الكثير من المعاقين منها !! وربما لا يعلم سعادته أن بعض طلبات هذه السيارات مضى عليها أكثر من ست سنوات تترنح في أدراج الوزارة وكأنهم يعدون العدة المالية والتكنولوجية والبشرية لغزو الفضاء الخارجي لمنافسة وكالة "ناسا" الأمريكية يا دكتور طلعت !!!
أما (تفحيط) سعادة مدير التأهيل الشامل بالمدينة فقد تجاوز قضية موت الحربي بسبب الإهمال وأن كان تحدثه للبرنامج عبر الهاتف لم يخفي أرتباكه !! ٠٠ وأتوقع أن وزير الشؤون الاجتماعية أبو ( حالات التعذيب والمخالفات تعد على الأصابع ) سوف يكافئ هذا المدير المفحط على "نطنطته" حتى لا يجيب سيرة الحربي !!
- يبرر عبد الله الطاوي الذي كان يتحدث للبرنامج عبر الهاتف هذه الفضائح المخجلة بقوله : بنينا في جدة مبنى حكومي وسوف ٠٠ سوف نبني المزيد !!! ويبدو أنه لا يدرك أن تهيئة المقر الملائم للنزلاء ليس إلا عنصر واحد من العناصر المهمة لرعاية المعاقين ! محاولا بذلك تجنب الحديث عن الفضيحة (موضوع الحلقة) ! وربما أنه لا يدرك أن سكان قرية فازفيرالا في الإسكيمو يعرفون حجم المليارات التي تصرفها الدولة لوزارة الشؤون الاجتماعية في بلدنا منذو عشرات السنين ، وليس اليوم ، وأن : "سوف" أبني وسوف أشتري وسوف وسوف لا يقولها إلا من كان معدما طوال حياته فأغناه الله اليوم !!
من المضحك بل المخجل أن يتشدق ويتبجح كل مسؤول في وطن أحرجه كثيرا امتهان كرامة الإنسان بسبب البعض عند الحديث عن فئة المعاقين في المجتمع سواء من خلال الصحافة المكتوبة أو المرئية بتسمية المعاقين ( الفيئة الغالية على قلوبنا ) فليته حينما عرف أن الناس تدرك حقيقة وواقع هذه الفيئة استبدل هذه العبارة الدارجة على لسان كثير من " أهل البشوت" ب( الفئية الغائبة عن عقولنا) لكي يكون صادقا مع نفسه ومع وزارته !! ٠٠٠
تركي سليم الأكلبي
التعليقات (0)