مواضيع اليوم

فصل من ليل لأطراف الدنيا

أحمد الشريف

2014-01-31 12:13:42

0

فصل من ليل لأطراف الدنيا


البحر شاسع , هادي , ومريح , فى البعد سفينة تسير بهدوء , هل هى فى الطريق . هل هى فى الطريق إلى المدينة أم إلى خارجها ؟
كان يجب أن انتظر حتى يأتي الموظف المختص بإجراءات التسجيل فى بيت الشباب بالشاطبى .
بدلاً من الجلوس داخل البيت , تركت حقيبتي وتوجهت للبحر , لقد تركت القاهرة بعد سنوات من التخرج فى كلية العلوم شعبة الفلك المنفرد , وبعد عدة أعمال متقطعة وعشوائية :
فى دكان لبيع الخضروات والفواكه , فى مخزن للجبن والبسطرمة فى توزيع مواد غذائية و مراجع ومصحح فى دار لنشر الكتب الدراسية والعلمية , وأخيرا بائع فى السوبر ماركت , فى السوبر ماركت التقيت صديقى السكندري سعد كان يعمل أثناء إجازاته من الجيش , أسبوع , أسبوعان , ثلاثة و ثم يعود إلى ثكنات الجيش على أطراف القاهرة سألته لماذا لا يقضي إجازته فى الإسكندرية ؟
.أمى وابوي ماتوا واخويا ساكن بعيد وعلاقتنا متوترة و وكمان الفلوس قليلة . تعارفنا وتصادقنا بسرعة , قال لى : إن أباه من الصعيد أما أمه إسكندرانية , تخرج فى كلية الآداب قسم تاريخ وعمل فى كار المعمار مثل أبيه , ذكر لى أنه عندما ينهى الجيش ويعود للإسكندرية سيجد عملاً آخر فى انتظاره. كنت فى ذلك الوقت قد وصلت إلى حالة من الانزعاج الشديد لم اعد أحتمل أصبحت القاهرة كابوساً تذكرني بكوارث الأرض ونظرية فناء الكون قررت أن أنتقل للإسكندرية
يظهر أن الجو سيتغير , السحب والغيوم تقترب وتتكاثف ربما نذيراً بمطر خفيف , حذرنى سعد من سماء الإسكندرية , خاصة فى الخريف والشتاء الآن فى نهاية فصل الشتاء ومع ذلك السماء غير مستقرة .. لأعود إلى بيت الشباب . قبل دخولى تمهلت قليلاً عند أحد المحلات الصغيرة . خلف زجاج المحل رأيت مجسماً لغزال جبلى يقف برجليه على نموذج للكرة الأرضية ويشرئب بعنقه نحو السماء ؟ تركت الغزال ودخلت , موظف الاستعلامات سألني عن بطاقتى الشخصية , كارت الاشتراك , وعن المدة التى سأقضيها
- فى الحقيقية مش عارف كام يوم بالضبط
- لازم تعرف هتقيم كام يوم فى ناس بتيجى كل يوم وناس عايزة تحجز .
- أنا غريب هنا , لكن ها تصل بواحد صاحبي يدور لى على مكان أعيش فيه واتمنى ده يحصل فى أقرب فرصة .
- خلاص بس ياريت تقول لنا فى أسرع وقت .
قال ذلك وهو يعطينى مفتاحاً مكتوباً عليه رقم الغرفة .
-الدور الثالث , أول غرفة على الشمال .
أخذت حقيبتي وصعدت للدور الثالث , فتحت الباب ودخلت و غرفة واسعة و بها سريران , دولاب وطاولة مكتب صغير الحجم و فتحت الشباك , غرف تى تطل على مقبرة أثرية منذ عهد الرومان , منطقة الشاطبى تعج بالمقابر القديمة والحديثة , مقابر للمسلمين , لليهود , للمسيحيين , مقابر المسحيين متنوعة , مدافن اللاتين التابعة للأراضي المقدسة , ومدافن الكاثوليك , مدافن الأرثوذكس , مدافن الأرمن الكاثوليك و مدافن اليونان و ومدافن لجنسيات أخري عاشت فى الإسكندرية مدينة العالم القديم .
أغلقت النافذة بعد ازدياد رخات المطر و مددت يدي إلى حقيبتي لأفرغ ما فيها , أشيائي قليلة سواء أمن الملابس والأدوات ام الكتب , كتب الفلك التى احتفظت بها بعد أنتهاء دراستي , لا أعرف على وجه اليقين لماذا احتفظت بها بعد انتهاء دراستى و لا أعرف على وجه اليقين لماذا احتفظت بها ؟ الاهتمام بالكواكب والمجرات والحياة خارج نطاق الأرض تأخذنى بعيداً إلى هواجس وأفكار مختلفة عن المنغصات اليومية . ما أتذكره من طفولتي أن اسرتى سكنت بالقرب من منطقة أهرامات الجيزة . كانت من قبل غير مزدحمة , بها أماكن غير مسكونة ومساحات من الرمل .
فى ليلة بدأت اللعب مع أطفال الجيران و الإستغماية تفرقنا وجرينا هنا وهناك وأنا أجري سقت على الرمل , لم اعد أسمع صوت الأطفال , نور القمر يسطع وينعكس على الرمل . تطلعت للسماء مأخوذاً بشكله , هناك عشرات بل مئات من النجوم على مسافات من القمر حدقت , رأيت اشكالاً من لحيوانات وكائنات غيرنا , كلها بيضاء تسير وتلعب فى قلب القمر , ذيول نور ايضاً تصل النجوم بالأرض , تمنيت آنذاك أن أستمر فى التحديق , وألا يعثر على الأطفال , فى لحظة شعرت اننى يمكن أن أتسلق نور القمر وذيول النجوم واذهب هناك بعيدا , توقف المطر , الشمس تعود رويداً للسطوع , فرصة للخروج وتناول وجبة , البيت لا يقدم سوي وجبة الإفطار .




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !