فشل الأنظمة الدكتاتورية العربية
الأنظمة العربية الدكتاتورية قوت شوكتها بعد أعلان أمريكا الحرب ضد الأرهاب في عهد الرئيس بوش وأستغلتها لتشديد قبضتها على الحركات الوطنية وطلاب الحرية والديمقراطية التي وصفتها بأنها حركات سلفية ومن أتباع بن لادن . وقد ساعدعلى ذلك إن الدول الغربية أعطت الاولوية ألى الحرب ضد الأرهاب وتراجعت في دعوتها إلى الديمقراطية والحريات وحقوق الانسان التي كانت جزءا هاما في سياساتها الخارجية نحو الأتحاد السوفييتي والدول النامية . ولكن إنهيارالأتحاد السوفييتي وتركيز الدول الغربية على تنمية إقتصادياتها والتنافس على المصادر الاولية وأسواق الدول النامية جعلها تغض النظر عن دعوتها للديمقراطية والحريات وتتعاون مع الأنظمة الدكتاتورية في دول العالم الثالت ومنها الدول العربية . ولهذا لم يكن غريبا أن تتهم الدول العربية الدكتاتورية الأنتفاضة العربية التي بدأت في تونس بانها من فعل العناصر المتطرفة والبلطجية والقاعدة . وكان الهدف من ذلك أن تسارع الدول الغربية إلى مساعدتها في القضاء على الأنتفاضات الشعبية المنادية بالحريات والديمقراطية وحقوق الأنسان . وقد تجلى ذلك في ثورات تونس ومصر وليبيا واليمن وسوربا بتكرير هذه الاتهامات للمتظاهرين الذين أصروا على المقاومة رغم وسائل القمع والقتل للمواطنين العزل من السلاح وإستعمال كل أنواع الأسلحة الثقيلة ضدهم . وقد فطنت الدول الغربية إلى إدعاءات الدول العربية الدكتاتورية وغلبت سياسة التعاون مع شعوب المنطقة العربية فاعربت عن تأييدها للثورات العربية مماوضع الأنظمة العربية الدكتاتنورية في موقف لا يحسد عليه . وأصبحت بين كماشتين الشعوب من جانب ودول حلف الناتو من الناحيىة الأخرى .واصبح إتهام الثوار العرب من طرف الانظمة بالأرهابيين والمندسين والقاعدة وأذناب مؤامرا ت أمريكية وغربية أمرا يثير السخرية والضحك . فمن يصدق أن توصف مظاهرات وتجمعات الملايين ومئات الألاف وعشرات الألاف من المدنيين العزل بأنهم عصابات سلفية ومندسين ومسلحين ومتأمرين وعملاء جهات أجنبية , وقد رأينا بأعيننا من هو الذي يملك الأسلحة ويقتل المدنيين ويدك المباني بمدافع الدبابات والمدافع الطويلة المدى . وهل يعقل أن يندس مسلحون إرهابيين في مظاهرات شعبية تقدر بمئات الالاف حسب إدعاءات النظام السوري ويعرضون أنفسهم لغضب المتظاهرين المدنيين الذي يكرهونهم لما قاسوه من أعمال الارهاب في حياتهم اليومية والقبض عليهم من طرف المواطنين . الأرهابيون لا يعرضون أنفسهم لكشف نشاطهم بالظهور في مظاهرات علنية بل ينخرطون عادة في أعمال سرية وهجمات جانبية ووضع القنابل في مقار قوات الامن والمرافق العامة والاسواق . الثورات العربية قامت من أجل هدف سام هو تحقيق الحريات والديمقراطية وحقوق الأنسان وإسقاط الأنظمة الدكتاتورية التي طغت وحولت البلدان العربية إلى إقطاعيات يحكمها أفراد وعائلاتهم . وحتى الأن لم تظهر نتائج هذه الثورات حتى الأن . لقد نجحت الثورتان التونسية والمصرية في رحيل بن علي ومبارك وذلك بفضل وقوف الجيشين التونسي والمصري على الحياد والأمتناع عن التدخل بعد فشل قوات الأمن والشرطة في السيطرة على المظاهرات الشعبية .وأعتقد أن جنرالات الجيشين التونسي والمصري نصحوا أو طلبوا من بن علي ومبارك التخلي عن منصبيهما لتهدئة الثوار . ونجحوا في عدم سقوط نظام الحكم في البلدين وتولوا هم شئون الحكم وحالوا دون تولي شباب الثورة السلطة وأحداث تغييرات قد تشملهم وإمتيازاتهم التي حظيوا بها في عهدي بن على ومبارك ’ ولهذا إستعانوا بساسة تقليديين ليسوا على علافة حسنة مع الرئيسين السابقين مما أرضى الثوار رغم عدم رضاهم عن تردد وتباطؤ هؤلاء الساسة القدامى في تلبية كل طلبات الثوار. وفي رأيي لا زال مصير الثورتين التونسية والمصرية غير واضح رغم أن الوضع في مصر سيكون أكثر حرية وديمقراطية من الوضع في تونس . وهذا يتوقف على تطور الاحداث في البلدين وموقف جنرالات الجيشين من تلبية كل مطالب الشعبين ونوع الحكم الذي يرتضوه للبلدين . أما ليبيا فإن القذافي قضى على الجيش الليبي وخلق كتائب خاصة مخلصه له شخصيا يقودها أولاده ترتبط به مصلحيا وقبليا ومدعمة بمرتزقة لا تربطهم رابطة بالشعب الليبي ولهذا عاملوا ولا زالوا يعاملون الثوار الليبيين بقسوة وعنف لكن حكم القذافي قد إنتهى ومستقبل ليبيا يتوقف على مدى سيطرة الوعي الوطني على النعرات الأقليمية والسياسية وظهور زعامات مخلصة وجادة . أما في سوريا واليمن فقد ساعد وضع جيشهما الخاص وإنتمائاته الأ قليمية والمذهبية على منع الجيشبن من إتخاذ قرار حاسم لمساعدة الثوار أو إجبار الرئيسين علي عبد الله صالح وبشارالأسد على الرحيل وورط الجيشين في معارك دامية ضد شعبهما . ولكن الوضع في اليمن لن يستقر حتى يتم رحيل على صالح الذي أعرب رغبته في التخلي عن الرئاسة بعد ضمان مستقبله أما في سوريا فأن الرئيس بشار لا يملك حرية القرار ويتوقف الامر على عناصر حزب البعث والعلويين الذين مكنهم حافظ الأسد من السيطرة على الحياة في سوريا ولكن التغييرلايمكن إيقافه بعد كل هذه الضحايا .
.
التعليقات (0)