فسدة الربيع العربي

يشاء الرجعيون أن تتحول دول الربيع العربي الضعيفة  إلى ساحة صراع  مصالح و نفوذ، تدخل حور قاطرة الربيع  و أحدث من السوء و الضرر  ما كان ليحدث إن تمت ثورات الشباب بجهد ذاتي لا يد للغرب و لا للعرب محدثي القوة الجدد، سيان في ذلك قطر أو الإمارات أو السعودية،  صراع الأجنحة  بين تحالفات إقليمية  بين دول تخاف على مصالحها و أمنها و استقرارها كما تدعي   أو حتى تريد إظهار نفسها كلاعب أساسي في المنطقة مستعملة في ذلك سلاح المال و الإعلام   جلب الدمار و الفوضى  و الاستبداد و الإرهاب لدول   كسوريا  و  ليبيا  و  مصر و العراق.

تتعثر الثورة في اليمن و تتطور الأمور إلى ما يشبه حربا أهلية بطعم طائفي بين النظام من جهة و الحوثيين من جهة أخرى بدعم من صالح كما تحدثت مصادر عديدة،  و تتحول  ليبيا بعد الثورة " المسلحة "  إلى دولة فاشلة لم تسطع السلطة الانتقالية من الحيلولة دون جر البلاد على ماهو عليه الآن بفعل صراع الثوار و هيمنة الفصائل المسلحة على صناعة القرار  و أخيرا تدخل إقليمي  ساهم في تقسيم البلاد إلى منطقتين ببرلمانين و حكومتين.

شجع الانقلاب في مصر، قوى الثورة المضادة لوأد الربيع العربي في مهده، و رأت في الإسلام السياسي سببا و ذريعة في خطواتها لحرب الثورة مساندين للأسف و مدعومين من قوى ليبرالية و مدنية شاركت في ثورات مصر و ليبيا و اليمن، فالجنرال المتقاعد الليبي حفتر  الذي قام بانقلاب فاشل  و يقود الآن حربه ضد قوى ثورية و إسلامية  يؤيده سياسيون بزغ نجمهم إبان ثورة 17 فبراير كجبريل و الدباشي و زيدان  علاوة على الدعم المصري الإماراتي،  و الرئيس اليمني السابق صالح و أعضاء من المؤتمر الحزب الحاكم في اليمن يساند الحوثيين  ضدا في حزب الإصلاح اليمني ذو المرجعية الاخوانية.

من مطلب الحرية إلى إسقاط النظام من طرف جيش حر، لم يسقط النظام و لم يعد الجيش الحر حرا، و أصبحت سوريا ساحة لحرب طائفية أججتها  أطماع  و مصالح قوى إقليمية و دولية  متداخلة، و شهدت سوريا حربا أهلية طويلة الأمد  و عشعشت  بفعل فاعل أو بتغاضي أطراف جماعات إرهابية  متطرفة  جهلت من البلد  مرتعا لإرهاب امتد إلى العراق حيث الأقاليم المنتفضة، هكذا تحولت سوريا و العراق إلى مستقر لدولة إسلامية سميت داعش.

 قدمت داعش  فرصة أخرى  للانقضاض على ما  تبقى من ربيع خرفت أيامه على عجل، فبدعوى الإرهاب ستقايض الدول العربية المشاركة في التحالف الأمريكي   بغض النظر عما ستفعله هي  داخليا ضد معارضيها خاصة جماعة الإخوان والقوى الثورية الشبابية أو اليسارية    أو  إقناع الولايات المتحدة و باقي دول التحالف الغربية بتصنيف الجماعات الاسلامية المعتدلة المعارضة  كجماعات إرهابية كما فعلت مصر و السعودية و الإمارات أو التدخل في دول أخرى غير العراق و سوريا كليبيا مثلا  لضرب القوى الثورية و الإسلامية و مصرنتها   بدعم نظام عسكري  على شاكلة السيسي,,,,

سلمت تونس حين سلمت ثورتها من أي تدخل إقليمي و حافظت على نقاءها على عكس باقي بلدان الربيع، و رغم بطئ المسار الانتقالي و محاولة دول عدة لإفشال التجربة كما قال الرئيس التونسي فقد استطاع الفرقاء التونسيون إنجاح ثورتهم بكثير من التوافق و التضحيات و عدم الاستقواء بالخارج في معاركهم الداخلية .

بقلم    ماءالعينين بوية

من المغرب