إذا أردت أن تعرف مستوى تفكير ورقي مجتمع ما فلا بد أن تعرف اهتماماته ولا بد من سبر غورها للوقوف على حقيقة تفكيرها ورقيها، فإن كان هذا الاهتمام منصبا على الأمور العالية فإنه سيكون مجتمعا عاليا، والعكس صحيح وقديماً قال المتنبي «ربنا يبشبش الطوبة إلي تحت دماغه»:
على قدر أهل العزم تأتي العزائمُ
وتأتي على قـدر الكـرام المكـارمُ
هذه المقدمة رأيتُني مضطرا إليها بعد قراءتي لهذا الخبر المفجع والذي ما زال يؤرقني ليالي وأياماً حسوما وخلاصته: أن فنانة عظيمة ومغنية حليمة ومهذبة بهيمة ارتدت نفس الفستان في حفلتين مختلفتين وقتا ومكانا..
يا للهول يا لسخرية القدر على قول صاحبنا «يوسف وهبي»، لعلك هنا تصب جام وقشطة غضبك على المستوى المتدني الذي وصلنا إليه نحن اليعربيين وكيف وصلنا إلى هذا الانحطاط، وهنا لا بد أن تستغفر الله على هذا الظن السيئ وتسجد ركعتي السهو عسى أن تكفر عن ذنبك..
طبعا من منظار سطحي ورؤية مهمشة وفراغ فكري سنؤيدك في رأيك ولكن لو تعمقت معا قليلا فإنك ستجد نفسك مخطئا بل خاطئا حتى الثمالة لأسباب ثلاثة:
• أولا: سمعتُنا وتمرمطها في الوحل إذ كيف انعدم عندنا الإحساس وعدم التكافل إلى درجة ترك هذه المغنية تغني بفستان واحد في حفلتين مختلفتين لخلو خزانتها من الملابس.. وكان جديرا بك أن تصرخ وامعتصماه إذ كيف تضطر هذه الحرة أن ترتدي فستاناً واحدا من عوز وفقر مدقعين ونحن نبعثر أموالنا يمينا ويسارا.. ثم أين دور الجمعيات الخيرية وأهل الخير وكيف لا يمدون أيديهم وأرجلهم لهذه المسكينة، فالكل مسؤول هنا..
• ثانيا: هل تلام بقية الأمم لو وسمتنا بقلة الذوق واللباقة واللياقة فكما يعرف الجميع أن تنويع الملابس نوع من رقي الذوق، وكيف لعَين تعودت على إحساس بالجمال قوي أن يتكرر أمامها فستان واحد لا يتغير
ثالثا: حسب مصادري الموثوقة بها فإن «الفنانة اللولبية» تحتاج في كل مرة أن تمزق جيب فستانها لترفع الستار عن مواهبها وبالتالي لترفع رؤوسنا عاليا، ومع الوقت أصبح هذا ديدنها وعادتها، فلو مزقت في كل مرة جزءا من هذا الفستان فإنه سيتحول بقدرة قادر إلى «بشت».. فهل ترضون لفنانينا المحبوبين أن يخرجوا على الجماهير مرتدين «بشوتا».
أرأيت عزيزي أنك لو تعمقت قليلا فستجد أن الموقع قد أصاب كبد الحقيقة بتسليطه الضوء على هذا الحدث الجلل، وأنه كان مقصرا إذ لم يقد مظاهرة تنطلق من نواكشوط إلى كولالمبور احتجاجا وتقريعا للمسؤولين عن هذا الذنب الكبير..
تعمق تعذر..
وكما قال صديقنا القديم « صلاح جاهين ».. عجبي
التعليقات (0)