اذا أردت معرفة مستوى رقي مجتمع ما فلا بد من الوقوف على اهتماماته وسبر غورها للولوج إلى كُنه تفكيره ، فإن كان هذا الاهتمام منزاحاً لعالي الأمور فإنه مجتمع عالٍ، والعكس صحيح ..
هذه المقدمة رأيتُني مضطرا لها بعد قراءتي لخبر مفجع أليم نشرته صحيفة إيلاف ما زال يؤرقني ليالي وأياماً حسوما قاضاً عليّ مضجعي ، وخلاصته أن فنانتنا اللولبية ومطربتنا العظيمة المهذبة الحليمة ( أليسا ) شوهدت ترتدي نفس الفستان في حفلتين مختلفتين وقتا ومكانا..
يا للهول يا لسخرية القدر على رأي عمنا «يوسف وهبي»، لعلك هنا تصب جام وقشطة غضبك على المستوى المتدني الذي وصلنا إليه نحن - اليعربيين - وكيف بلغ بنا الانحطاط ذروته ، وهنا لا بد أن تستغفر الله على هذا الظن السيئ وتسجد ركعتي السهو عسى أن تكفر عن ذنبك..
طبعا من منظار سطحي ورؤية مهمشة وفراغ فكري سنؤيدك في رأيك ولكن لو تعمقت معنا قليلا فإنك ستجد نفسك مخطئا بل خاطئا حتى الثمالة في اتهامنا بالسطحية ، ولأبعد عن ذهنك المتبلد اتهام الناس بالسطحية .. سأدعمني بأسباب ثلاثة :
• أولا : سمعتُنا وتمرمطها في الوحل إذ كيف انعدم عندنا الإحساس وعدم التكافل لنترك ( أليستنا ) تغني بفستان واحد في حفلتين مختلفتين لخلو خزانتها من الملابس.. وكان جديرا بنا أن تصرخ وامعتصماه إذ كيف تضطر هذه الحرة أن ترتدي فستاناً واحدا ونحن نبعثر أموالنا يمينة ويسرى.. ثم أين أهل الخير وكيف لا يمدون أيديهم وأرجلهم لهذه المسكينة، فالكل مسؤول هنا..
• ثانيا: هل تلام بقية الأمم لو وسمتنا بقلة الذوق وكثرة البَوق وقحط اللباقة وجفاف اللياقة فكما يعرف الجميع أن تنويع الملابس نوع من رقي الذوق، وكيف لقلبٍ أرهف حسا أن تُوأد باصرته بفستان دغدغه به شريط ذكرياته .. كم تتحمل أيها القلب المترنح ( آه بشقق هدومي من القهر)
ثالثا: حسب مصادري الموثوقة فإن «الفنانة اللولبية» تحتاج في كل مرة أن تهبط بجيب فستانها قليلا لترفع الستار عن مواهبها الفاتنة محرضةً ( مرتفعات وذرينغ ) على الشموخ وبالتالي لترفع رؤوسنا عاليا، ومع الوقت أصبح هذا ديدنها وعادتها، فلو مزقت في كل مرة جزءا من هذا الفستان هبوطا فإنه سيتحول بقدرة قادر إلى «بشت».. فهل ترضون لفنانينا المحبوبين أن يخرجوا على الجماهير مرتدين «بشوتا».
أرأيت أيها الظانُ بقدوتك ظن السوء أنك لو تعمقت قليلا فستجد أن الصحيفة قد أصابت كبد وطحال الحقيقة بتسليطها الضوء على هذا الحدث الجلل، وأنها كانت مقصرة إذ لم تتقدم مظاهرة تنطلق من نواكشوط إلى كولالمبور احتجاجا وتقريعا للمسؤولين عن هذا الذنب الكبير..
( الشعب يريد قماشا لأليسا )
تعمق تعذر..
وكما قال صديقنا القديم « صلاح جاهين ».. عجبي
التعليقات (0)