فراق الأحبة
لعله يتبادر إلى الذهن من الوهلة الأولى عندما يقرأ هذا العنوان أن المقصود منه هو رحيل المقصود أو المقصودين فيه عن هذا العالم أو هذه الحياة من كلمة فراق،وفي واقع الأمر أن المقصود غير هذا، فمن المعلوم أن هناك فراق طويل ومعلومة وجهته ونتيجته وهناك فراق من نوع آخر ألا وهو الرحيل من مكان إلى آخر في الدنيا وإليها (( إن صح التعبير)).
فعندك أحباب كثر قد ملؤ عليك الدنيا سعادة وذكريات جميلة وكانوا وكنت معهم تستمتع بأحاديثهم وفوائدهم التي لا تخلو منها جلساتهم الشيقة ، وإذا بالدنيا تضطرك أحيانا وتضطرهم أحيانا أخرى بالرحيل عن حياتك إلى جهات أخرى ومدن أخرى من أجل طلب العلم أو لقمة العيش أو كسب الرزق.
وكثيرا ما حصل معي ذلك ولا سميا في الثلاث السنوات الأخيرة فقد أرتحل عني وفارقني كثيرا من الأحبة للأسباب المذكورة أو غيرها وقد تفرقوا في بلاد شتى في داخل المملكة وخارجها ،فهذا احدهم يرحل لطلب العلم منذ أشهر ليست باليسيرة في إحدى الدول العربية ويخلف وراءه الذكريات التي لا زالت خالدة في ذاكرتي كلما تذكرتها ،تذكرت تلك الليالي التي كنا نقضيها سويا في المذاكرة مرة وفي المطالعة أخرى.
ويحصل الآخر على وظيفة في العاصمة ويتركني ويرحل إلى هناك وكأنه يعمد لتذكيري بألم الفراق ليقول لي (( وكل سالك سبيلي)) أنه لابد لكل حي أن يسلك سبيله في هذه الحياة التي لا تخلو من الأفراح والأتراح.
ويأتي آخر ليزيد الهم ويعمق الجرح ليذهب مبتعثا إلى حيث البعيد إلى (( أستراليا )) ليوقف بهذا قلمي شهور طوال لأنني كنت أحسه مناصري فيما أكتب ورفيقي فيما أفكر!!.
فكلما فكرت واسترجعت الذكرى استرجعها ونحن على أعتاب معرض الكتاب بالرياض ونحن ننتقي الكتب ونحن نتحدث عن المؤلف الفلاني والموضوع الذي يشدنا فنتجاذب أطرافه.
أهز رأسي لينتهي كل شيء ولأعرف أنها مجرد أفكار وذكريات وأن صاحبي ليس بجانبي وليس بصحبتي وإنما هو في ( سيدني) حيث ودعني منذ شهور خلت ولم يأتِ بعد.
وأخيرا لن أصور هذه الأيام على أنها أيام محنة بالنسبة لي لأنها غير ذلك عند من رحلوا عني بل هي سحابة ستمطر فرحا برجوعهم إلى وطنهم وإلى أحبابهم ليجدوهم قد فتحوا أذرعهم لاستقبالهم فرحين مستبشرين بعودتهم.
محمد المبارك - الاحساء
التعليقات (0)