فرار القائد..
من عجائب ما نرى ، أن من حارب إسرائيل ، وحاول ان يطفئ نارها ، يسجن ، وان من حاورها ومهد لها الطريق لدخول البيت والمسجد يشكل ما يسمى المعارضة ، وان من كان بالأمس من أركان النظام الرئيسة ، ومن كان اليد الطويلة له لتضرب حيث لا يقدر أن يضرب ، ولتأخذ حيث لا يستطيع أن يأخذ ، ينقلب على نفسه ويشكل جبهة المعارضة ويدعي الثورة ويقف الى جانب الثوار ، ومن كان يظلم نراه اليوم يدعي نصرة المظلوم .
تلك من حالات الانفصام التي يعيشها مجتمعنا العربي هذه الأيام ..
فقادة الثورات ودعاة الإصلاح هم من رجال النظام( وقد انقلبوا اليوم الى جهة أخرى ) لماذا ؟؟ لان في الانقلاب الان ما يخدم مصالحهم .
فنراهم يشكلون جبة للإصلاح ويسمونها الجبهة الوطنية ، او المجلس الوطني ، او المجلس الانتقالي ، ولا ينتقلون اذا ما تحققت أحلامهم بالإطاحة بالنظام .
اليوم يرون في النظام العربي انه نظام فاسد .. وقد كانوا من ابرز الرموز التي مهدت للفساد وبنت أسسه..) فهل نصدقهم .. وهل نؤمن بثورتهم ..ولا تزال آثار ما فعلوه على الأجساد والعقول بارزة شاهدة الى اليوم ..
أرى في كثير من الأحيان أن الأنظمة العربية ( تسبق من يدعون الثورة .. في بعض الحالات ..ونراهم يدعون للإصلاح ويقدمون الأفكار التي تسهم في وأد الفتنة .. وقتل المؤامرة .. ورفض الاستعمار من جديد .. تعالوا الى مائدة الحوار ... ولكم ما تريدون ) ولكنهم لا يقبلوا إلا الثورة .. الثورة فقط . كما نرى في ليبيا اليوم وهم يندسون تحت عباءة المستعمر الجديد ، ويركعون تحت اقدام الغرب ، كما يليق بماسح الاحذية ان يفعل . ويجندون من يكتب عنهم ولهم .. من الرموز التي تشترى بالمال .. الى جانب الوعود الكاذبة بالتغيير .
فماذا كسب الشعب الليبي ، وماذا استفاد اليمن ، والى أين يسير الشعب السوري بسوريا الحبيبة ، والله عندما ارى ما ارى في سوريا يتمزق قلبي حزنا ، على الشعب والأرض والإنسان ، وتلك الحضارة.. كنت أقول ولا زلت هناك مدن اسمها له وزن كبير ، وعندما يسمعها الغرب وقوى الاستعمار القديم والجديد .. تسقط في قلوبهم الغيرة والحقد والحسد وترغي في قلوبهم آثار الثأر القديم : من مكة والمدينة ، والخبر ، الى بغداد والكوفة فالبصرة ، الى القاهرة ، فدمشق فحلب ، فمراكش ، وطرابلس الغرب والشرق ، واسطنبول .. تلك مدن لها ثقلها ذهبا فقط للاسم وما يحمل من معنى وتاريخ .. تلك حقبة لن تنسى من تاريخ العالم ولعلها مدن الدنيا بكل ما فيها .. شغلت الدنيا قديما ولا زالت الى اليوم .. فالمؤامرة اكبر مما نتصور وأعظم مما نتخيل .. هي ليست بقضية أنظمة فاسدة أو عميلة .. هي قضية تاريخ وحضارة ومستقبل ..
كل يوم نسمع عن انشقاق احد كبار رموز الأنظمة الحاكمة ، أو هروبه خارج البلاد لينادي من لندن ( مقر المعارضات العربية الفاسدة المفسدة العملية ..كتلك العراقية والسورية والليبية و.. ) وقد قضى ردحا من الزمان تحت إقدام النظام كماسح أحذية ، ولما انتهت مهمته هرب كما يليق به أن يهرب كلص أو طريد .. يسوق لبيع وطنه وشعبه وأمته بسوق النخاسة والبغاء والعهر .. ولا يخجل من أن يظهر على شاشات التلفزة وهو ينادي بالإصلاح والديمقراطية والحرية والكرامة .. وكأن الكرامة لا ينادى بها الا من هناك .
ربما نقول قولا يثير بلبلة في النفوس ولكن : ارى الكثير من الناس ممن يساقون الى الميادين العامة ، أراهم لا يدركون ماذا يريدون ولا ما هي مطالبهم بالتحديد ، ولا يعرفون الغاية الرئيسة من التظاهر .. فربما يكون الكثير من الناس يجري وراء فكرة لماعة لجماعة لا تريد الخير الا لنفسها وتنفذ أجندتها الخاصة ، ويكون العامة مطية لتلك الغاية ... والله اعلم .
التعليقات (0)