نجحَ الشعب الليبي في إزاحة صخرة القذافي التي جثمت طويلا على صدره، لكنه لم يجتز مرحلة الخطر بعد، لأنه لايزالُ يتنشق هواء الحرية بصعوبة !.. الهواء الذي كان مقطوعا عنه لعقود، فلم يصدّق أن باستطاعته النهل منه أخيرا، وبشراهة تكاد تكون ضارّة وغير صحيّة !..
ففي الفترة الأخيرة تعالت أصوات منادية بتقسيم ليبيا إلى أقاليم، حيث يكون لكل إقليم أو محافظة أو ولاية حكمها الذاتي الذي يتيح لها تسيير شؤونها، واستغلال ثرواتها وإمكاناتها واتخاذ قراراتها بإستقلالية !.. وهو أمر جميل بالنظر إلى خصوصية ليبيا القبلية، وبالنظر إلى النجاح الذي أثبته النظام الفدرالي في دول عدّة من العالم، لكن الخلط الرهيب للأشقاء الليبيين بين الفدرالية والكونفدرالية يدعوا للتساؤل حول حقيقة تلك الدعوات ؟!..
لأن الفدرالية تعني إستقلال ذاتي داخلي، لكنه يبقى خاضعا لسلطة مركزية (قوية) هي التي تتولى الإشراف على مجموع الأقاليم، وهي المُخولة بتسطير السياسات الخارجية للدولة عموما، أما الكونفدرالية فهي على العكس من الأولى، تكون فيها الحكومة المركزية (ضعيفة) ـ تماما كما هو حاصل في ليبيا ـ ويكون لكل إقليم حق الإنفصال النهائي عن الدولة، بالتالي تسطير جميع سياساته بما فيها الخارجية بنفسه .. فإلى أين تتجه ليبيا بين الخيارين على ضوء الحاصل وما سيحصل ؟!..
الحاصل أن المناطق الشرقية من ليبيا خطت خطوة (أحادية)، وأعلنت عن نفسها إقليما مستقلا، وحتى إنتخبت حاكمه، دون مباركة الحكومة المركزية الممثلة في المجلس الإنتقالي، ما يعني أنها لاترضخ لسلطته، لأن المنطق يقول أن بيان (هام جدا) كإعلان أو تغيير نظام حكم، يكون من أعلى لأسفل وليس العكس !.. أي أن الحكومة هي التي تضع اللبنة الأساسية للقانون، وتطرحه للإستفتاء الشعبي العام لمعرفة مدى قبول عموم الشعب للنظام الجديد، أما أن نسمع عن جهات شرقية أم غربية أم شمالية أم جنوبية من ليبيا وهي تعقد مؤتمراتها الخاصة، وتحدد مصيرها بنفسها دون مناقشة أو محاسبة، فذلك ليس له سوى تفسير وحيد هو أنها وقعت في فخ الكونفدرالية عن قصد أو عن غير قصد !..
أما ما سيحصل في مستقبل ليبيا، فهو متوقف على إرادة الشعب في وطن واحد وموحّد من عدمه.
07 . 03 . 2012
التعليقات (0)