فخامة رئيس الجمهورية عبدالعزيز العزيز : قادني فضولي (الإنترنيتي) إلى البحث عن إسمك خصّيصا في محرك البحث بموقع (الفيس بوك) ، لالشيء سوى لأن الموقع المذكور يحظى باهتمام واسع ، ومشاركة جماهيرية كبيرة للآراء ، والتوجهات ، والإهتمامات ، والرؤى .. كما أنه يستقطب أعدادا لابأس بها من البشر الذين يصولون ويجولون في أرجائه بحرية كبيرة يتيحها لهم ، يتوق الكثيرين منهم لمثلها في واقعهم المعاش وبين جنبات أوطانهم .. ولأني أيضا أردت التأكد من مكانتك في قلوب شعبك الذي ينادي بمناسبة وبدونها ويهتف باسمك ، خصوصا بعدما وجدت هناك جام السخط والغضب الذي تصبه الشعوب المقهورة ، والمقموعة ، والمظلومة ، والمغلوبة على أمرها ، والمقصية ، والمهمشة ، والمغتالة الأحلام على حكامها ، فخفت أن تكون حالك كحالهم ويكون كل ما يقال عنك في الظلمات ، وخلف الجدران ، وعلى قارعات الطرق ، وفي جلسات المقاهي والأسواق صحيحا ..
فخامة الرئيس لم أجد ما كنت أخشاه من غضب ، ونقمة ، وتهديد ، ووعيد ، لشخصكم كما هو حال أقرانكم في الحكم ، أوحال قدامى الضباط الأحرارالمحررين مُستعمِري اليوم ، لكنني لم أجد ما يثلج صدري من تفاعل مع شعبكم حتى في ركن كالفيس بوك ، البعيد عن أنظار المتتطفلين ، والمعارضين ، والمنتقدين لكل صغيرة وكبيرة في سياساتكم ، بل إني لم أجد مايوحي بوجود روح حقيقية لشخصيتكم على صفحات الفيس بوك ، سوى ما تعلق بصورة عُلقت يمكن لأي معجب ساذج لايدري بما خفي من صفقات مشبوهة لإطارات سامية في نظامكم تعليقها ، ودعوة الناس من أشباهه لمناصرتكم ( ولو عن ضلال وجهل) .. كما يمكن لأي فرد من عائلتكم الكريمة ، والمقربين منكم فعل ذلك ، ماداموا يملكون فائضا من الوقت (المدفوع أجره من خزينة الشعب ) ، بل وحتى الحواسيب التي يستعملونها هي من القصر الرئاسي ، أو قصر الحكومة بالتالي هي ملك للشعب ، وكذا النت الذي يلجونه 24/24 ساعة هو خط مفتوح محسوب على مؤسسة من مؤسسات الدولة ، أو على ذات الأشخاص الذين لايدفعون الفواتير (في الغالب) ، لكن لايجرؤ أحدا ، حتى وزير الإتصالات على إيقاف حساباتهم ! ..
فخامة الرئيس خوفي من صب جام غضب الشعب الجزائري عليكم في موقع الفيس بوك ليس مُبررا لمواطن مثلي ، خصوصا مع ما يتبادر إلى ذهني من تساؤلات (مجنونة) عن أوضاع الشارع الجزائري وأوضاعكم الراهنة ، لكنه الهدوء الذي يسبق العاصفة .. الهدوء الذي أبقى على نقاشات مجموعات الفيس بوك فارغة من كل شكاوى حتى وإن إعتبرها مستشاروا نظامك ، والقائمين عليها من مُوالين ومُعجبين كذلك .. الهدوء الذي جعل المجموعات القليلة التي تنسدل قائمتها اليتيمة تقتصر على الإعجاب والتأييد وكل الحب والود لكم ولحكومتكم وسياساتها .. الهدوء الذي سيتفجر غضبا عارما لو بقيت علامات الإستفهام تتزايد أعدادها فوق رؤوس مواطنيك وشعبك حول ما يحدث في (عهدتك الأخيرة) ..
العهدة التي تجمهرت شخصيا مع المتجمهرين فيها ومعك بالأمس ، والتي صرخنا فيها حتى إحترقت أحبالنا الصوتية أو كادت : (العهدة الثالثة لبوتفليقة) .. العهدة التي تنازلت فيها عن عزلتي السياسية رغم ماتدفعه لي الدولة من رواتب ، وهي للإشارة رواتب مستحقة ولاعلاقة لها بالسياسة .. العهدة التي أصبحت فيها إمّعة بامتياز وبشهادة أصدقائي الذين لم يعرفوا عن شخصي تلك الحمية لأي نظام ، ولأي فكر أو تيار .. العهدة التي أخرجتني من دائرة الإعتدال النخبوي والوقوف على الحياد في أغلب المرات .. العهدة (اللغز) - فخامة الرئيس - والتي أصبحت تؤرقنا ؟!..
نعم يا فخامة الرئيس عهدتكم الثالثة في قصر المرادية ، والتي سبقتها عهدتين مستبشرتين بالتغيير وبالتطوير وبالنهضة ، تهللتا بالإطاحة بخلايا العنف والإرهاب ، بإقرار الوئام المدني وتبنيه كحل أنجع للخروج بالجزائر من مستنقع الدماء والتناحرات ، وبارك الشعب التوجه وصوت عليه بالأغلبية لأنه رآى فيه الأمل بعد يأس كاد أن يستتب به .. واستئصال سوسة الفساد التي كانت تنخر جسد الجزائر وكان أكبرها سوسة الإمبراطورية الورقية للمدعو عبدالمؤمن خليفة وكل من يقف خلفه من ساسة وأجهزة دولة ، و جنرالات .. الجنرالات الذين أعجب الشعب ماصنعتموه في صفوفهم من تقليم ، وكيف أخرجتم الجزائر تدريجيا من عباءتهم المشؤومة .. كل هذه الإنجازات وغيرها باتت على حد السيف ما لم تتداركوا ما تبقى من عهدتكم الأخيرة ..
لأن الشعب الجزائري يافخامة الرئيس بات يشكك في قدرتكم على إكمال المشوار .. المشوار الذي إبتدأ بالأمل وانتهى بالوقوف في محطات الحيرة ، والخوف من اليوم قبل الغد .. اليوم الذي أصبحت فيه أموال الشعب في متناول المفسدين المحسوبين على النظام من مدراء ووزراء .. الفساد - فخامة الرئيس - الذي حاربته حكومتكم في بداياتها وحين كانت أوراق الجزائر السياسية والإجتماعية ، والإقتصادية ، والأمنية ، كلها مبعثرة ، لم تعد قادرة على محاربته بعدما إنتظمت أوراق الجزائر نسبيا وبعدما بانت الأخطاء والإمكانات والثغرات ؟! ..
الفضائح المالية ، والإنتهاكات الصارخة لخيرات الجزائر الحبيبة ، تملأ سماءها يافخامة الرئيس ، في الوقت الذي لم نعد نسمع لشخصكم حسا ولاخبر ، بعدما كنتم تطلون علينا من خلال قنواتنا المحلية بمعدل (كل يوم) ، وكنتم تتحفوننا بالخطابات المهدئة أحيانا ، والمؤمّلة أحيانا ، والمتوعدة أحيانا أخرى ، فأصبح مستشاروكم ومبعوثيكم يقرؤونها على مسامعنا في كل المناسبات ، ويبلغوننا بكل المستجدات (القليلة والشحيحة) ؟! .. فأستنتجت (بمنطقي المنقوص والمتواضع) أن لظهوركم - ولو على شاشات التلفزيون - أثرا بالغا في كبح جماح الفاسدين ، المتصيدين لغيابكم عن الساحة ..
هل أنتم أحياء يا فخامة الرئيس ؟ .. وهل وصلكم ما صنعت سوناطراك بعدكم ؟ .. وهل سمعتم عن رحلة الطريق السيّار ( شرق غرب) التي توقفت فجأة ؟! .. وهل تصلكم أصوات المجاهدين القدامى ، ورفقاء دربكم ، ومن حرروا الجزائر بالأمس ، التي تئن لاتريد شيئا سوى أن تموت بكرامة في (جزائرالعزة الكرامة) على حد قولكم ؟! ..
هل سمعتم .. وسمعتم - فخامة الرئيس - عن أشياء كثيرة حصلت وتحصل في عهدتكم الثالثة أم أن الدولة تديرها شخصيات لانعرفها تطل علينا في كل مناسبة ، لتتلوا علينا - في عجالة - كلمات مقتضبة وغير مفهومة عن حقيقة الوضع؟! .. هل أنتم أحياء يا فخامة الرئيس أم أنكم أصبحتم شخصية إفتراضية من شخصيات الفيس بوك ، لاندري أهي حية أم ميتة ، ولا ندري أهي موجودة أم غائبة عن الوعي والإدراك ، ويتم إيهامنا بالعكس ؟!.
أخاف - إن بقيت الأوضاع على ماهي عليه - أن تكثر المجموعات التي تقطع نظامكم إربا على الفيس بوك ، وأشك أن تختلف عن باقي مجموعات إخواننا العرب : الموت لـ .. فليسقط .. لعنة الله على .. القصاص من .. نظام عميل .. نظام فاسد .. الرئيس العميل .. ؟!.
ــــــــــــــــــــ
تاج الديــن : 02 - 2010
التعليقات (0)