مواضيع اليوم

فجر يوم الخامس والعشرون

فوزي مواطن

2011-10-06 18:07:40

0

صحوت في الصباح الباكر ,,, أنا قلت صحوت ؟؟ لا لم اصحو للأنني ببساطة لم أنام في تلك الليلة .. كيف أنام وأنا ذاهب إلى الجامعة ,,, عالم جديد لم أسمع عنه من قريب أو من بعيد ؟؟؟

فجر يوم الخامس والعشرون من شهر سبتمبر لعام 1970 , انا ذاهب للجامعة , كلية التربية - قسم أيه اختر قسم الرياضيات قسم ممتاز , نعم سوف أدخل قسم الرياضيات , هكذا قلت في نفسي ,,, طيب مش الأول حتقول أية في الطابور -آه والله كنت اعتقد أن هناك طابور الصباح في الكلية وسيقف الدكاترة والمعيدين أمام الطابور ويذاع عن الطلاب الجدد ويرحبوا بهم ,,,  أنا لم اكن اعرف شيئ أي شيئ عن الجامعة ,, أيوة كنت أول واحد يدخل الجامعة ولم يكن لي أصدقاء في الجامعة أو في الشارع يحكوا لي ,,,

المهم وصلت لكلية التربية في كلية العلوم في محرم بك , لم يكن لنا مبنى مستقل بنا , ووجدت سوق وصاحبة غائب أسأل مين ومين يرد علي الكل بيجري اللي ذاهب لمدرج واللي خارج منه , وجدت لوحة اعلانات وفيها أسماء الطلاب المقبولين الجدد ووجدت أسمي في قسم الرياضيات كما توقعت ,, طيب فين الطابور ؟؟ اسكت يا أحمد بلاش فضائح طابور أيه يا عم أحمد انت فاكر نفسك في مدرسة ثانوي .

دخلت أول سكشن وكان عن التفاضل , مش فاكر أو جبر المهم حضرت وكنت سعيد جدا ومستمع للشرح وبأحل التمارين وحليت التمرين الأول ووجدت نفسي بأقول يا أخ يا أخ أنادي على الدكتور !!! والله منا عارف كلمة دكتور كانت جديدة عليه ,,, جرى عندي المُعيد وقال لي أخ إيه يا طالب أنت مش عارف بتنادي على مين قلت يا سيدي ما تزعلشي علشان يا عني  انا قلت له يا أخ !!! كلنا أولاد حواء وآدم , ضحك !! فقلت له أحفظ الأسم دا حيكون زميلك في يوم من الأيام أحمد عبد الرحيم الزاغ ,,, نظر إلي ولم يرد.

حضرت حوالي ثلاث محاضرات وكنت في هذه الأيام أسأل عن قسم البيولوجي وأحضر معهم محاضرات ,,, كنت احب الرسم وكذلك مادة الاحياء " التاريخ الطبيعي " البيولوجي , فسألت نفسي ليه ما أنقلش نفسي وأحول لقسم الاحياء وقدمت طلب ونقلت وواظبت الحضور في هذا القسم .

قسم صغير العدد لا يزيد عن 45  معظمهم من الطالبات حوالي ثلاثون طالبة إلى 15 طالب , كانت أول محاضرة عن Visia Faba فول الصويا أعتقد دا كان اسم المحاضرة الإنبات والتشريح وغيرها وكأنني وجدت ضالتي كنت اذهب للمحاضرة ومنها على المكتبة , إلى أن يحين موعد العودة إلى دمنهور أركب قطار السكة الحديد مستخدما الاشتراك.

كنت استيقظ في الخامسة صباحا واسير في الشارع بعد الصلاة ومازال الظلام حالك , واصل إلى المحطة لأركب أول قطار للأسكندرية قطار السادسة وعشر دقائق , كان المصروف اليومي خمس قروش أي نعم لم أقل خمس جنيهات أنا قلت خمس قروش فقط لا غير وكان توزيعهم كالتالي : قرش أركب به الترام من محطة سيدي جابر إلى الشاطبي لما يكون عندنا محاضرات مواد تربوية كعلم النفس التربوي أو طرق التدريس أو غيرها من تسع مواد كانت مقررة , وقرشان شاندوتشان من عند جاد للفول والطعمية أطعم ساندوتشات أكلتها في حياتي , وقرشان اشرب لبن سيكلم نصف ليتر ساخن عليه تاريخ اليوم والتاسعة صباحا , وبالطبع كان معي اشتراكان احداهما لمطعم الكلية والأخر للسكة الحديد… قارنوا باليومين دول فيه طالب بياخذ في اليوم أقل من ؟؟؟؟ قولوا انتم كام… والله المستعان على الغلاء.

كانت الدراسة جميلة كنا نجلس بالساعات على أجهزة الميكروسكوب ,, لقد أمضينا معا أكثر مما أمضينا مع أهالينا كنا نشعر بالصداقه الصافيه العذبة وكان يخاف كل منا على احاسيس الآخرين , كانت ضحكاتنا وردية , ونظراتنا كلها اخوية ,,,, انا عارف السؤال يعني لم تشعر بالحب أو أي عاطفة ناحية أي من زميلاتك … شعرت وكادت عيناي ان تفضحني , لقد كان البعض يدرك ذلك كنا دائما نجلس بجوار بعضنا البعض نهمس كل منا للآخر عن مشاكله عن احلامة خواطرة ,,, كلما رأيتها اشعر بسعادة ما بعدها سعادة ,,, هي شريكة حياتي لا مُحال ,,,

ومرت الأيام وكنت أذاكر واذاكر وعلى رأي زملائي كلما شاهدوني يوم اعلان النتيجة ليه انت حاضر يا عم ناجح والله ناجح أقول لهم انا جاي اشوف نفسي طالع بجيد جدا ولا جيد , كان زملائي دائما من المتفوقين , وجلستي دائما في المكتبة وبالطبع مع شلة الدحيحة , الجماعة بتوع المذاكرة , كانت صداقتنا تدفعنا للأمام و لا تجرفنا للأسفل.

واتذكر عميد الكلية الأستاذ الدكتور شلتوت " رحمة الله " كان رجلاً بمعنى الكلمة وعالما من خيرة العلماء كان على زراعة وشم طائر ,,,  لقد كانت طريقته في التدريس فريدة من نوعها فكان راسم للمدرج خريطة وكل طالب عارف مكانه لا يغيرة واللي غائب لا يجلس مكانه أحد وكان يأخذ الغياب في كل محاضرة ويجعل الطالبات في أول صف والطلاب بعدهم ويكرة كلام الطلاب مع الطالبات اثناء المحاضرة ويطرد أي مخالف ,,,

أتذكر في محاضرة من المحاضرات قال محاضرتناالقادمة عن كذا وحدد اسم الموضوع ثم قال مين يحب يشرح المحاضرة دي بعد ما يستعد لها من المكتبة رفعت  يدي وقلت انا يا دكتور أخذ أسمي , فذهبت إلى أكثر من مكتبة واستعديت لها تماما وقبل المحاضرة بساعة جلست مع أحد الزملاء نتحدث عن المحاضرة وجوانبها المختلفة ثم قلت لزميلي  توجد أحدى النقاط في المحاضرة انا مش فاهمها  يارب تعدي على خير وما حدش يسألني عنها قال إيه قلت له الجزء الفلاني من المحاضرة ,,, ثم جاء موعد المحاضرة واخذت اشرح واسترسل في الشرح واشاهد الدكتور ووجهه سعيد ثم احسست بشئ وكأن زميلي يريد أن يرفع يده ليسألني فبادرته بصوت عال أطلع بره يا طالب ياللي بتكلم زميلتك وكان جالسا في الصف الثاني خلف الطالبات وأشرت على زميلي فقال أنا ؟؟ !!  قلت له أيوه انت قال له  الدكتور مساندا لي اطلع برة واسمع الكلام قال والله ما اتكلمت قلت له اطلع برة ما تعطلش المحاضرة … فسر الدكتور كثيرا من تحكمي في المحاضرة وأثنى على وانتهت المحاضرة وقابلت زميلي فقال لي أنا كنت بأتكلم يا أحمد ؟؟قلت له مش كنت عايز تسألني في الجزء اللي انت عارف أني مش فاهمة ,, وضحكنا وكلما تذكرته ضحكت كثيرا ,,,

ومرت الأيام وحان موعد ظهور نتيجة البكالوريوس السنه النهائية  وتجمعنا وباركنا لبعض لقد كانت لحظات حاسمة نظرت إليها كثيرا كنت أودعها كيف لي أن اخطبها أو أتزوجها ولم يكن في جيبي غير ما تبقى من الخمس قروش ,,, أرسلت لي احدى  الزميلات وقالت بتقول لك هي مستعدة تنتظرك لغاية لما تستعد نظرت إليها وكنت قد سبقتهم إلى باب الكلية واخرجت جيبي فارغا وقلت لها حرام تنتظرني طول العمر انا مش عارف امتى حأستعد…. ورغرغت عيني بدموع لم يشعر بها غيري على حياة مجهوله وحبيب سيصير في عالم الغيب يا ترى سنرى بعض أم لا ….

مرت الأيام ولم اسمع عنها إلا القليل عن طريق زملاء لي اثناء الدراسات العليا في الدبلوم الخاص  ,, والغريب انني خطبت وتزوجت عام 1977م أي بعد ثلاث سنوات فقط من تخرجي.

ومرت السنوات وذات صباح كنت ذاهب في محطة الرمل بالأسكندرية ناظرا على المحلات , فإذا بي أستضدم بسيدة نظرت إليها ونظرت إلي …. أزيك وازي احوالك…. انا كويسة ردت عليه…. أيوه هي… !!  مش معقوله !!! كم كانت مفاجأة أنتظرتها سنوات وسنوات أحصيتها بالثوان وبالدقائق وكم دعوت أن أراها ولو مرة واحدة ماذا سوف أقول لها  ؟؟؟  كل الكلمات لن تكفي…   كل المشاعر سوف تتزاحم لتعبر ولن تستطيع ,, قلت لها انتي تزوجتي ؟؟ أيوه وانت ؟؟ أيوة ….. عاملة أيه؟؟؟؟ …. كويسة ,,,,  وانت ؟…  كويس ……….. طيب !!!  السلام عليكم … وعليكم السلام !!! ايه دا طيب ليه؟؟؟؟  مش عارف !!!   وحصل كدة ليه برده مش عارف ,,, وكأنني اكرر البيت الأخير من الأغبية العبقرية للشاعر الدكتور ابراهيم ناجي " الأطلال " وتلاقينا لقاء الغرباء   ….   ومضى كلا إلى غايته   …..    لا تقل شئنا   ….   فإن الحظ شاء …!!!  …  فإن الحظ شاء ,,,,

اتذكر هذه الأيام وأقول هل كان هذا حبا فعلا أم صداقة , أما زمالة ,,, أما شعور ذلك الصبي الذي خرج ولأول مرة من بلدته دمنهور فقابل زميلات وزملاء فأعتقد انه الحب ….

ان الحب الحقيقي هو الذي يعبر عن نفسه في معارك الحياة ينازل ويصارع ليبقى حيا يقف مع المحبوب في المصاعب ويحل معه المشاكل ,, ينعم مع المحبوب في اليسر ويشعر معه بلذة الكفاح في العسر ,,,مرت السنوات وحدث الكثير من الأحداث وجميعها تساعدنا في نفخ التراب ومحو العتمة عن المعادن ليظهر لنا أيهما صدأ وأيهما نقي لا يمكن أن يصدأ أبداً ……كذلك الناس لا يعرفون إلا عند الشدائد.

الحياة كفاح ,,, والحمد على النعم وعلى الصبر على البلاء وكله خير…..

وإلى اللقاء

أبو عمرو

 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

LOADING...

المزيد من الفيديوهات