فتوى جديدة في اسرائيل تجيز بيع الاراضي للعرب
تتوالى ردود الفعل في اسرائيل في اعقاب الفتوى التي وقع عليها مؤخرا عشرات الحاخامات في اسرائيل (عريضة حاخامات المدن) والتي تمنع بيع وتأجير اراضي ومساكن للعرب.. وقد أثارت هذه العريضة زوبعة من ردود الفعل الصاخبة وعبارات الشجب بين كافة قطاعات الشعب اليهودي في اسرائيل والعالم... وبعد ان رفضها كبار الحاخامات في اسرائيل وفي مقدمتهم الحاخام يوسيف شالوم أليشيب والزعيم الروحي لحركة شاس الراب عوباديا يوسيف الذي قال إنه لا يجوز ان نحرّم بيع الاراضي والمساكن لغير اليهود في الوقت الذي ندين مثل هذه الاقوال والممارسات عندما تصدر بحق اليهود ... فقد جاء دور الحركة اليهودية التقليدية لتحذو حذوهم.. حيث وقع مؤخرا 40 راب (حاخام) هم أعضاء المجلس الاعلى لحاخامات المذهب اليهودي التقليدي في اسرائيل، على فتوى للحاخام بروفيسور دافيد جولينكين، جاءت بحسب قولهم لرد الاعتبار للديانة اليهودية السمحة التي ترفض قمع الاغيار واذلالهم واقصاءهم...
وعممت الحركة اليهودية التقليدية بيانا بنص الفتوى الصادرة عن البروفيسور جولينكين والتي تناقض ما ذهبت اليه (عريضة الحاخامات)، حيث يقول ن الفتوى إن الهالاخاه اي الشريعة اليهودية تجيز تأجير وبيع شقق سكنية لغير اليهود ، ووافقه هذا الرأي 40 عالما يهوديا (حاخاما) قاموا بالتوقيع على الفتوى... وقد أوضح الحاخام جولينكين في فتواه المفصلة ان علماء يهود على مر العصور استندوا في فتاوي كثيرة تختص بغير اليهود الى الآية الواردة في سفر التثنية الاصحاح 7 والتي تقول : לא תִכְרת לָהֶם בְּרִית וְלא תְחָנֵּם: حيث يقول ظاهر الآية لا تقم معهم حلفا ولا ترحمهم والحديث عن سبعة أقوام وثنية ذكرتهم التوراة.. وفي رواية أخرى لا تتهادى معهم ولا تمجدهم.. وقيل لا تجعل لهم موطأ قدم في ارض اسرائيل بمعنى لا تبيعهم ارضا... علما ان معنى الآية واضح فهي تتحدث فقط عن المشركين وعبدة الأصنام... اما المسلمين فهم موحدين ولا تنطبق عليهم هذه القاعدة.. وقد أجمع على هذا الرأي كبار علماء الأمة ماضيا وحاضرا امثال كوك ويتسحاق هرتسوغ وعوباديا يوسف ورمبام موسى ابن ميمون وآخرون...
كما ذكر جولينكين ان فتوى الحاخامات المذكورة تخالف قواعد يهودية قطعية وما ثبت من الدين اليهودي بالضرورة من سبيل قاعدة درء المفاسد والعداوة هذه القاعدة تبطل افعالا واقوالا من شأنها ان تثير عداوة الشعوب وغضبهم تجاه اليهود.. وهناك قاعدة السعي في سبل السلام التي تطفح بها المراجع التلمودية والتي ترتكز بدورها على تعاليم التوراة علما ان التوراة ذكرت في 36 موضعا اوامر صريحة بمعاملة الاغيار واليتيم والارملة بالحسنى.. وورد في المشناه ان العالم يقف على ثلاثة اركان هي التوراة والعمل واعمال البر والامر بالمعروف.. وتتضمن اعمال البر גמילות חסדים مد يد العون لفقراء الاغيار كما لو كانوا فقراء اسرائيل وزيارة مرضاهم جنبا الى جنب مع مرضى اسرائيل ودفن موتاهم مع موتى اسرائيل... هذه القواعد هي أساس التعامل بين اسرائيل وبقية الشعوب حسب أقوال جولينكين..
مضافا الى هذه القواعد قاعدة اخرى هي من ثوابت التوراة وهي قاعدة (أحبوا الأغيار)... وهي تفرض على كل اسرائيلي ان يتعامل مع سكان ارض اسرائيل غير اليهود باحترام... كذلك قاعدة (قانون الملك يسري على الرعية) وفي زماننا قانون دولة اسرائيل الذي يحرم التمييز العرقي فهو يلزم كافة مواطني الدولة...
ويخلص جولينكين الى ان الشريعة اليهودية تجيز بشكل لا لبس فيه بيع الاراضي والمباني السكنية لغير اليهود في ارض اسرائيل.. واذا كان ثمة يهود يرغبون في الحفاظ على الهوية اليهودية في مدينة صفد او غير صفد فليفعلوا ذلك بالتربية الحسنة وبالتي هي أحسن لا بطرق عنصرية ... وقد يقول قائل إن أعداء الأمة قد يستغلون هذه الروح اليهودية السمحة للاستيلاء على ارض اسرائيل فنقول لهؤلاء وقت ذاك ستكون هذه قضية تتولاها الدولة كمسألة وطنية ولا يجوز ان نتلاعب بها كأفراد ...
ويعلق الحاخام أندي ساكس أمين عام مجلس الربانيم (الحاخامات) للمذهب اليهودي التقليدي على فتوى جولينكين بالقول :
ان الفتوى المذكورة التي وقع عليها حاخامات المدن انما هي إساءة للتوراة وتخلق انطباعا مضللا وكأن الشريعة اليهودية هي شريعة عنصرية تقصي مواطني دولة اسرائيل غير اليهود بل انها تسيء الى الذات الالهية .. نحن شعب عانى الويلات ولا يجوز لنا الا ان نتعامل باحترام مع غيرنا من البشر ...
وفي سياق آخر متصل عقد الاسبوع الماضي مؤتمر احتجاجي أدان (فتوى حاخامات المدن) معتبرين ان هذه الفتوى قد أساءت الى الديانة اليهودية ولا يجوز ان تكون مثل هذه الفتاوى باسم الدين اليهودي وهو منها براء... وقد شاركت في هذا المؤتمر الذي دعا اليه حلف (جئنا نطرد الظلام)، وفود من كافة الوان الطيف في اسرائيل سياسية واجتماعية بمن فيهم علمانيين ومتدينين بكافة مذاهبهم وتوجهاتهم .. علما ان حلف (جئنا نطرد الظلام) يتشكل من 16 تنظيما ورابطة اجتماعية وتعددية نادت جميعا بكبح مثل هذه الممارسات العنصرية المتمثلة بفتوى حاخامات المدن وكل من يقف من وراءها ....
هذا نزر من الأقوال والنشاطات التي جاءت ردا على الفتوى المذكورة مع العلم ان المواقع باللغة العبرية تنضح بتداعيات هذه القضية لمن اراد الاستزادة ...
نتمنى لكم عيدا سعيدا واسبوعا جميلا
التعليقات (0)