يواجه الداعين إلى تبني نظام الملكية الدستورية في (المملكة الأردنية) وإيجاد العدالة في تمثيل إرادة أبناء الشعب الأردني من كافة الأطياف والمنابت بشكل عادل وبما يتضمن إيجاد نظام ذو شرعية حقيقية تقوم على إرادة الشعب الادعاء الذي يروجه البعض بان الشعب الأردني سيواجه فتن طائفية في حال تطبيق نظام ديمقراطي عادل ، وهذا اقرب إلى "التهديد" منه إلى التحذير.
الفتن الطائفية تعد منتج سياسي ذو أهداف محددة لأنظمة سياسية تسعى إلى الحفاظ على بقائها ،عبر توجيه طاقات القهر والغضب الذي تخلقه السياسات المجحفة لها لدى مواطنيها نحو قنوات بديلة بدلا من توجيهها نحو المسببات الفعلية للغضب الشعبي ،عبر عملية إسقاط نفسي يقوم على إنشاء عدو بديل تنشغل به الشعوب عن العدو الحقيقي الذي يمثل السبب الحقيقي لقهرها وتوجه نحوه قهرها وغضبها .
تصنع الأنظمة السياسية والمستفيدين من استمرارها وفسادها الفتنة في المجتمع عبر توظيف أدوات وسياسات تكون في الغالب غير معلنة بشكل صريح. احد تلك الأدوات التي ترتبط بشكل قوي بالفتنة والعنف الاجتماعي والطائفي التغييب المقصود للعدالة. التنوع العرقي في المجتمع الأمريكي والعديد من المجتمعات الديمقراطية الأخرى لا يقود إلى فتن وعنف طائفي بما يعزى إلى تبني النظام الديمقراطي، بينما تشهد المجتمعات العربية والمجتمع الأردني والتي تتصف بتجانس عرقي وثقافي ولغوي وحضاري كبير فتن تطل برأسها بين وقت وآخر وتقود إلى عنف اجتماعي يبعد الشعوب عن تحقيق تطلعاتها وتظهر الأنظمة وأدواتها الأمنية كوسيلة للسيطرة على الفتن والعنف الذي سببته سياساتها وبحيث يتم التركيز على تجليات الفتنة والعنف دون التركيز على المسببات الحقيقية.
التهميش المنهجي لفئات وطوائف من المجتمع وتوجيه موارد البلاد لمصلحة مجموعات وفئات محددة يسهم في إيجاد أساس للفتن الطائفية. فغالبا ما تتصف الأنظمة التي توظف هذه الأدوات باحتكار الموارد الوطنية من قبل مجموعة من الأشخاص الفاسدين وفئات محددة تسعى الأنظمة إلى اكتساب ولائها بحيث يقود ذلك إلى إنشاء واقع مشوه لا يتصف بالتكافؤ بين المواطنين من كافة أصولهم ومنابتهم ومما يقود بالتالي إلى الفتنة والعنف الاجتماعي والطائفي.
وأد الفتن يتطلب قرار سياسي وطني يتضمن إزالة أية تشوهات في توزيع مكاسب التنمية وقرار سياسي بالسماح بكتابة التاريخ الحقيقي للفترات التي شهدت ذروة الفتن والعنف الطائفي والاجتماعي وتحديد القرارات السياسية والاتفاقيات المعلنة وغير المعلنة التي تسببت بتلك الفتن وإخضاع الحكومات والسياسيين الذين تسببوا بتلك الفتن وعواقبها إلى محاكمة التاريخ إن لم يكن لحكم القانون احتراما للتقاليد السياسية السائدة محليا وعربيا بحصانة صناع السياسات !
ولكن لأن القرار السياسي يتماها مع الإرادة والمصلحة الشخصية فمن الصعب أن يتوافق مع الغاية المتمثلة بوأد أسباب الفتن التي تتفق مع الاستراتيجيات التي توظفها الحكومات والأنظمة لبقائها و ويقتصر عملها على مواجهة تجلياتها فان الشعوب ذاتها يمكنها العمل على وأد الفتن عبر توجيه جهودها نحو السعي لاستعادة حقوقها الغائبة من الأنظمة و الحكومات ، ومن الأدلة على ذلك التراجع الكبير في مستويات العنف الاجتماعي في المجتمع الأردني منذ مسيرة ذيبان الأولى .
التعليقات (0)