السينما الإمريكية أعرق من كل قريناتها عبر العالم ، وأكثرها مجدا فنيا ، وعوائد إقتصادية ، وأكبرها بسطا للأسواق والمبيعات على العالم ، بل إن ما تدره الأعمال السينمائية الأمريكية يفوق أحيانا ميزانيات بعض الدول الفقيرة الرازحة تحت وطأة التبعية ..
ومع كل الزخم والمتابعة التي تحظى بهما الأفلام الأمريكية ، إلا أنها في مجملها صورة عاكسة لعقلية أمريكا ، وشعورها بالعظمة ، وبروزها للعالم كبطل من أبطال هوليوود الخارقين ، وكمنقذ ومخلص للعالم من كل مايحل به من كوارث وأزمات ، والحق أن هذه الصورة لاتخرج عن إطارها السينما الإمريكية أبدا ، إلا ما ندر من أعمال ، كفيلم ( فتى الجحيم ) ..
فتى الجحيم يصور الحقبة النازية وسطوتها ، وسيطرتها ، وكيف كان التدخل الأمريكي حاسما وقالبا لموازين القوى بإنقاذ مخلوق هو وليد التجارب النازية ، وكيف تبناه أحد الفاتحين المستكشفين ، ليكبر المخلوق في كنف الرعاية الأمريكية وتوجيهها ، ومع أن أصله شرير إلا أنه إستطاع أن ينتصر لجانب الخير بداخله ، ويبقى مظهره فقط ما يوحي بالشر ، أما جوهره وفعله فهو جميل ونبيل !..
أمريكا سردت بهذا الفيلم حكايتها (الفعلية) ، وكيف أنها تحارب الشر مع أن أصلها شرير ، وهو ما يتمخض عن أحداث الفيلم ، حين يتدخل الدجل الذي ساهم في إخراج المخلوق إلى الوجود أول مرة ، فيحاول إعادته إلى أصله ، ويأمره بفتح الباب (بقبضته) أمام قوى الدمار للخروج ، فتتنامى القرون التي كان الوحش النبيل يبردها لإخفاء بشاعته وحقيقته ، ويبدأ تدمير العالم بتدمير القمر ، وكريستالات معلقة بالفضاء الخارجي تؤوي وحوشا ، تخرج هي الأخرى للتدمير ، فيأتي دور الصداقة لتقدم يد العون للمخلوق (المُوجّه) بالصليب رمز الخلاص !..
أما لو كانت نهاية وحش أمريكا بالخلاص من الشر ، ومن قواها التدميرية بالصليب أو بالنجمة السداسية ، أو بأي رمز ديني آخر ، كفيل بتجنيب العالم شرها الخفي .. أما لو لم يتدخل أطراف إعتباريون تربطهم بأمريكا علاقات زمالة أو صداقة أو إنسانية ، فإنها شر مطلق سيدمر العالم دون أن يشعرحتى..
على العموم لست ناقدا سينمائيا ، ولا ناقما على أمريكا ، بل هي رؤيتي التي قد تشبه رؤية المخرج وقد تختلف عنها ، لكنني مشاهِد ، وأرى كل عمل فني بأبعادي الخاصة.
ـــــــــــــــ
تاج الديــن : 03 - 2010
التعليقات (0)