عرف المجتمع المصري ظاهرة توظيف الأموال في ثمانينيات القرن الماضي عندما أعلنت شركات مثل الريان والسعد والشريف والهدى مصر والبدر والهلال عن منح عملائها من المودعين نسبة أرباح شهرية تصل إلى 30% وأن استثماراتها إسلامية وشرعية بخلاف فوائد البنوك المحرمة شرعاً وروجوا وقتها لفتاوى استصدروها لهذا السبب بتحريم فوائد البنوك وهو الأمر الذي دفع آلاف المودعين لاستثمار أموالهم عن طريق هذه الشركات التي كانت حملاتها الإعلانية في الصحف لا تخلوا من صور مشاهير السياسة والفن والرياضة والدين والتليفزيون وهو ما ساهم بشكل كبير في الإيقاع بعدد كبير من الضحايا..وبلغت خسائر المودعين وقتها مليار و500مليون جنيه وجاء في تحقيقات مباحث الأموال العامة والنيابة أن شخصيات سياسية كبيرة بالدولة وأبناء وزراء كانوا متورطين في القضية وساعدوا أصحاب تلك الشركات في استقطاب وخداع المودعين مقابل عمولات عرفت باسم (كشوف البركة).
انتهت الضجة الهائلة التي صاحبة تلك القضية المعروفة إعلامياً باسم (شركات توظيف الأموال) عام 2005 عندما انتهى جهاز المدعى العام الاشتراكي من تسليم أخر دفعة من المودعين أموالهم،وما أن انتهت القضية التي كان من المفترض أنها درساً للمواطنين وعظة إلا وتفجرت قضية جديدة في محافظة الإسكندرية عرفت إعلاميا باسم (شركة الفرسان) والتي ألقت مباحث الأموال العامة بالإسكندرية القبض على صاحبها في مارس 2006 ووجهت له اتهام تلقى أموال بالمخالفة لقانون توظيف الأموال رقم 146 لسنة 1988 والامتناع عن رد الأموال لمستحقيها البالغ عددهم 140 مودع والذين حرروا محاضر نصب ضده اتهموه فيها بالاستيلاء على أموالهم بعد أن أغراهم بالأرباح التي بلغت 45% شهريا من قيمة الوديعة بالإضافة إلى أسماء الشخصيات السياسية الكبرى التي ورد أسمائهم في إعلانات الشركة والتي أكدت الثقة في الشركة ودفعت المودعين إلى الاستثمار عن طريقها، وبلغ إجمالي الأموال التي تحصل عليها من المودعين 80 مليون جنيه،وتم مصادرة أمواله وتصفيتها قضائيا وتسليم المودعين أموالهم وحكمت المحكمة عليه بالحبس لمدة سنة وألزمته المحكمة برد الأموال لأصحابها.. وبينت تحقيقات النيابة حصول شخصيات سياسية وحكومية كبرى ورجال دين من الإسكندرية على عمولات كبيرة مقابل استغلال الشركة لأسمائهم في الدعاية للشركة وأنشطتها!!.
وبعد عام تقريبا - ابريل 2007- ألقت مباحث الأموال العامة بالقاهرة القبض على متهم جديد عرف إعلاميا (بريان حلوان) بعد أن تقدم 210مواطنا ببلاغ ضده للنائب العام اتهموه بالنصب عليهم والاستيلاء على أموالهم بحجة استثمارها في الأعشاب الطبية والجلود والخردة مقابل أرباح شهرية بلغت 30% ..وكشفت تحقيقات المباحث والنيابة العامة استيلاء المتهم على مبالغ تتعدي 800 مليون جنيه وأنه استغل أسماء شخصيات سياسية وفنية ودينية كبيرة في الدعاية لشركته والإيقاع بضحاياه مقابل عمولات كبيرة حصل عليها هؤلاء الأشخاص.
وقبل أن ينتهي العام – ديسمبر 2007 – تقدم أكثر من 220 مواطنا ببلاغات إلى النائب العام المستشار عبد المجيد محمود ضد صاحب شركة (الأصيل) لتجارة المحمول بمدينة طوخ قليوبية اتهموه فيها بالنصب عليهم والاستيلاء على أكثر من 350 مليون جنيه منهم بزعم توظيفها في الاتجار بكروت شحن الموبايل مقابل أرباح شهرية 20% وهي القضية التي عرفت إعلاميا باسم قضية (توظيف الكروت)..وكشفت تحقيقات النيابة العامة وقتها تورط شخصيات كبيرة وأعضاء بمجلس الشعب في القضية وحصولهم على نسبة من الأرباح مقابل استقطاب المودعين واستغلال أسمائهم في الترويج لنشاط الشركة.
وفي فبراير 2008 - ألقت أجهزة الأمن بمحافظة القليوبية القبض على طبيب بشرى بجامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا بمدينة السادس من أكتوبر استولى على 5 ملايين جنيه من المواطنين بشبرا الخيمة بزعم توظيفها لهم في مجال اتصالات الهواتف المحمولة، وأكدت التحريات أن المتهم يعمل بجامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا بمدينة السادس من أكتوبر وأنه بدأ نشاطه منذ عام ونصف في تجارة اتصالات المحمول على نطاق واسع وذاع صيته بين أهالي المدينة عن طريق أبناء كبار المنطقة وكان أبرزهم أبن عضو بارز بالحزب الموطن مما جعل الكثير من المواطنين يقدمون عليه لاستثمار أموالهم.
وفي مارس من نفس العام تلقت نيابة الشئون المالية والتجارية بالقاهرة بلاغات من أكثر من 500 مواطن يهمون عامل بكفي شوب من مدينة نصر بالاستيلاء على مبالغ بلغت 350 مليون جنيه فيما عرفت إعلاميا بقضية (ريان مدينة نصر) و (ريان أبناء الوزراء) وأن المتهم قام بجمع الأموال من الضحايا من أبناء الأثرياء بمساعدة بهاء ابن الوزير عثمان محمد عثمان وذلك بدعوى استثمارها في تجارة المحمول..وتبين إن المتهم هرب إلى دولة كندا بعد استيلاءه على الأموال ..وأمرت النيابة بسرعة ضبط وإحضاره وإبلاغ الانتربول الدولي لسرعة ضبط المتهم الهارب.
وفي أول فبراير الجاري شهدت المحاكم المصرية دعوى قضائية من 32 مواطنا ضد نبيل البوشي، وذلك بتهمة النصب عليهم والحصول على ملايين الدولارات منهم، بغرض استثمارها في البورصات العالمية نظير نسبة أرباح محددة، مع ضمان رأس المال، وأكدت التحقيقات تلقى البوشي أموال بلغت جملتها 37 مليون دولار أمريكي من المواطنين في مصر، بزعم توظيفها واستثمارها في نشاط تجاه الأوراق المالية مقابل عائد شهري، إلا أنه استولى على تلك المبالغ، وامتنع عن ردها والفوائد المستحقة عليها للمواطنين..وضمت قائمة ضحايا البوشي فنانين ومشاهير المجتمع المصري،وبعد أن تم القبض عليه في دبي أعلن من محبسه تورط شخصيات كبيرة في الدولة، وهدد البوشى بالكشف عن أسماء مسئولين جدد في مناصب مختلفة، بينهم وزراء وأبناء وزراء كانوا يحصلون على ١٨٠٪ فوائد على أموالهم، وقال: «هكشف عن كل الأسماء الكبيرة التي حصلت على نصيبها من التورتة»..وها نحن ننتظر كشف المستور.
التعليقات (0)