عبد الرحمن البراك، هو أحد فقهاء السلفية في المملكة العربية السعودية· هذا الشيخ الكفيف صاحب السبعة والسبعين سنة، لا يبدو أن عموم الناس يعرفونه، لكن أفراد ما يسمى التيار السلفي العلمي على اطلاع كبير بـ علمه وهو الذي أسس له مريدوه موقعا على الأنترنت باسمه، يتلقى من خلاله الأسئلة ويجيب عنها وفق ما يراه حلالا وحراما·
الشيخ الذي فقد نعمة البصر وهو في سن التاسعة من عمره، يؤكد من يعرفه بأنه يكره الأضواء والشهرة ويفضل البقاء في مسجده للتدريس، ورفض الانتساب إلى هيئة الإفتاء في السعودية رغم إلحاح عبد العزيز آل الشيخ، لكنه بالمقابل وجد نفسه وسط الأضواء قبل سنتين عندما أفتى من خلال موقعه الإلكتروني باستباحة دم بعض الكتّاب السعوديين لأنهم اعتبروا في تصريحاتهم وكتاباتهم أهل الكتاب من النصارى واليهود ليسوا كفارا، ومرت العاصفة الإعلامية بسلام وبقي الكتّاب يكتبون وبقي هو يفتي على الهواء، قبل أن يصنع الحدث مرة أخرى وهو يكفّر ضمنيا ملايين العرب والمسلمين الذين انخرطوا في الحياة العصرية ورضوا بحياة الاختلاط على حد قوله، فهو يجيب بلغة قاطعة الاختلاط بين الرجال والنساء في ميادين العمل والتعليم ـ وهو المنشود للعصرانيين ـ حرام لأنه يتضمن النظر الحرام والتبرج الحرام والسفور الحرام والخلوة الحرام والكلام الحرام بين الرجال والنساء· والأخطر هو قوله ومن استحل هذا الاختلاط وإن أدى إلى هذه المحرمات فهو مستحل لهذه المحرمات ومن استحلها فهو كافر، ومعنى ذلك أنه يصير مرتدا فيُعرَّف وتقام الحجة عليه فإن رجع فلا عقاب له وإلا وجب قتله· والأصل في ذلك أن من جحد معلوما من دين الإسلام بالضرورة كفر لأنه مكذب أو غير ملتزم بأحكام الشريعة·
لقد قذف الشيخ الكفيف من حيث لا يحتسب بصخرة كبيرة وسط مستنقع الإعلام العربي الساكن، ولا يجد الجرأة في الاقتراب من المشاكل الحقيقية التي تعاني منها هذه المنطقة المنكوبة التي تعيش خارج التاريخ، وسيكون مضمون فتواه الغريبة مادة دسمة للكتّاب وسيوصف بأبشع النعوت، ولن يقرأ ما يكتبه أعداؤه فزيادة على ذهاب بصره، فهو لا يعرف شيئا عن الإعلام ولا يهمه ما يقال عنه، ورغم أن فتواه جاءت في موقعه على الأنترنت، فربما لا يعرف شيئا عن هذا الموقع، وإنما سيتلقى الأسئلة الخبيثة في كثير من الأحيان ويجيب عنها كما يملي عليه ضميره وثقافته الدينية، ولا يعلم أنه ضحية أصحاب تلك الأسئلة التي يجيدون كيفية طرحها، ويوجهون المجيب على الوجهة التي يريدونها، من أجل إثارة قضايا لا معنى لها على حساب المواقع المزرية، إننا بالفعل في زمن فتاوى على الهوى·· هوى السائل قبل هوى المجيب·
التعليقات (0)