مواضيع اليوم

فتاوى تشرعن السادية.

محمد مغوتي

2011-05-09 18:52:12

0

    يقول المثل المغربي الدارج: " عيش نهار، تسمع خبار ". و يبدو أن الأخبار المتواترة على مسامعنا في عهد فوضى الفتاوى تأبى إلا أن تتلبس بالإسلام و تتدثر به لتكرس النظرة السائدة عن هذا الدين. فبعد فتوى إرضاع الكبير التي جاءت من الخليج و غيرها من الفتاوى الغريبة و المضحكة، أصبح للمغرب فقهاؤه المختصون في فن الفتاوى العجيبة التي تقول في طبعتها الأخيرة إنه: " لا حرج إذا أراد الزوج ممارسة الجنس مع زوجته بعد ساعات من موتها."...
    هذه النازلة الجديدة جاءت في اتصال هاتفي مع " جريدة الصباح"، و تناقلته عدد من المواقع الإلكترونية( و العهدة على من روى) مع الشيخ عبد الباري الزمزمي الذي يشرف على " الجمعية المغربية للبحوث و الدراسات في فقه النوازل". و ما لم يصدر عن المعني بالأمر تكذيب لما جاء في الصحيفة، فإن ذلك يعني أن الكلام المنسوب إليه صحيح. و ذلك يقتضي البيان و التبيين... و مثل هذه  الآراء تؤكد المرجعية الماضوية التي تؤطر خطابات عدد من الفقهاء كلما تعلق الأمر بشأن يخص المرأة، أو تحضر كطرف فيه. فالقول بأحقية الرجل ممارسة الجنس مع جثة زوجته الميتة يتأسس على منطلقات نظرية تجعل المرأة متاعا للرجل، ومن حقه أن يفعل بها ما يشاء. المرأة هنا تحضر كملهاة يعبث بها الرجل كما يشاء، رغم أن التعاليم الدينية نفسها تركز على أن رضا الزوجة شرط ضروري في العلاقة الزوجية. ( و لا أدري أي رضا هذا الذي يصدر عن جثة هامدة). و من تم فإن الفتوى المذكورة تتأسس على عقلية ذكورية تنظر إلى المرأة نظرة دونية، وتعتبرها ملكا خاصا للرجل يحق له التصرف فيه، والفتوى تمنحه حق التصرف فيها حتى بعد موتها... لكن خطورة الأمر تكمن في أن مثل هذه الفتاوى العجيبة تستند إلى فهم خاص للنصوص الدينية التي تذهب فيها " اجتهادات" البعض حدا لا يقبله المنطق السليم و يسيء إلى الإسلام باسم الإسلام نفسه. فلا يوجد أي قانون في الكون يستسيغ مثل هذا التصرف، بل إن الأمر غير مقبول حتى استنادا إلى قانون الطبيعة الغريزي كما تعبر عنه الحيوانات.
    إن مثل هذه الفتاوى و الآراء التي باتت تعج بها الخرجات الإعلامية لعدد من "الشيوخ و الفقهاء" لا يمكن أن تقدم الصورة الحضارية عن الدين الإسلامي، بل إنها تكرس النظرة النمطية التي تكونت لدى غير المسلمين عن هذا الدين بفعل كثير من الممارسات و التصرفات الصادرة عن المسلمين، فبعدما نجح الفكر الوهابي في رسم صورة قاتمة عن الإسلام أثثت مشاهدها " فتوحات " الإرهاب التي ضربت رسالة الإسلام الوسطي و المعتدل في الصميم، و قدمت المسلمين كقتلة و إرهابيين متعطشين للعنف و سفك الدماء، جاءت موضة الفتاوى لتقدم الإسلام في صورة تضعه موضع شك من طرف كل من لا يمتلك معرفة واضحة عن التعاليم الصحيحة لهذا الدين. فالقاسم المشترك بين أغلب هذه الفتاوى هو اللامنطق و اللاعقل، و في مثل حالتنا في هذا الموضوع، يحضر الإسلام كدين يتنافى مع القيم الإنسانية. فكل سلوك من هذا القبيل لا يمكن أن يصدر عن إنسان عاقل وسليم. و كل من يصدر عنه سلوك مماثل مكانه هو السجن أو مستشفى الأمراض العقلية، لأن ممارسة الجنس على جثة هامدة لا يصدر إلا عن من يعاني اضطرابات نفسية، و تلك حالة مرضية تستدعي العلاج انطلاقا من أدبيات علم النفس المرضي. فكيف يمكن أن نشرعن لممارسات سادية من هذا النوع باسم فهم ديني من هذا القبيل؟.
     صحيح أن هذا النوع من الفتاوى لا تخص إلا أصحابها، لكن صورة رجال الدين الذين ينظر إليهم في الثقافة الشعبية في بلاد المسلمين على أنهم علماء بأمور الدين، من شأنها أن تؤثر في السلوكات الإجتماعية،و تفسح المجال أمام ظهور " نوازل " جديدة لا تمت للتعاليم الدينية بأية صلة، ومع ذلك تجد سندا لها عند البعض باسم الدين.
              محمد مغوتي.09/05/2011.
 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !