فاقد الشئ أكثر من يعطيه
لطالما آمنا بأن فاقد الشئ لا يعطيه وكان في الغالب إيمان نقلياً آ منا به فقط دون تفكير عميق أو بحث و تقصي عن معاني هذه العبارة ودلالاتها الواضحة والخفية وسلمنا بالأمر هكذا لمجرد أن من سبقونا قد قالوها في زمانهم مع أن الواقع يقول بعكس ذلك وهو ضد تلك العبارة جملة وتفصيلا فعلى سبيل المثال نأخذ الفقراء فنجد أنهم أكثر من يقدرون الطعام ويحرصون على عدم تبذيره حتى لو كان قطعة خبز بسيطة لا تسمن ولا تغنى من جوع لكنهم يعطون غيرهم من الفتاة الذي يملكون وهو عطاء نابع من شعورهم بمدى حاجة غيرهم للطعام النابع من إحساسهم بالجوع والعوز .
وأولئك الذين فقدوا الأم ولم يشعروا بحنانها نجد أنهم أحرص الناس على توفير أنواع الحنان لأطفالهم وتدليلهم بأنواع الأشكال الألعاب والصور لأنهم جربوا شعور فقدان الأم وحنانها وعرفوا كم هو مؤلم غياب الأم في عالم الطفولة ولم يريدوا أن يشعر أطفالهم بنفس الشعور القاسي.
ونفس الشئ ينطبق على من يفقد وظيفة أو عمل بسبب أو بغيره ومن ثم نجده يتحول إلى شخصا آخراً ، مختلفاً وحريصاً على عمله لأنه لا يريد أن يفقده مرة أخرى.
ودائما ما نرى أن تجارب المحرومين وفاقدي أشياء الحياة هي أكثر التجارب انتشاراً وأكثرها عظة وعبرة ودائماً ماتكون مفعمة بالحكمة ولا تكون هناك أمنية لذلك الفاقد أكثر من أن يعيده الزمن للوراء حتى يستحوذ على ما فقد ويعود لقدره حق تقديره.
فمن يفقد شيئا هو أكثر الناس حرصا عليه وتقديسا له بل تجده أكثر الناس حرصا على ألا يسبب الألم للآخرين بأخذ أشيائهم المادية والمعنوية لأنه هو أكثر من عرف مرارة ذلك الشعور وآلمه فكيف يكون فاقد الشئ لا يعطيه. !!
كاتبة سعودية
التعليقات (0)