مواضيع اليوم

فاستبقوا الخيرات

عبد الله السكرمي

2012-03-20 06:53:51

0

الحمد لله نحمده كما أمر، والصلاة والسلام على خير البشر، وبعد/

لا يوجد دين على وجه الأرض، دعا إلى فعل الخير والمسابقة إليه، مثل دين الإسلام، ففي القرآن الكريم آيات كثيرة تحث على فعل الخير، بل والمسارعة إليه، والتنافس عليه، وأثر ذلك على الفرد والمجتمع، وكذلك في السنة النبوية. ولهذا ضرب لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه أروع الأمثال في المسارعة إلى الخيرات.
فمن آيات القرآن الكريم التي تحث المسلم على فعل الخير، قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}[الحج:77].
وقوله: {وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ}[البقرة:148].
ونجد في القرآن أن فعل الخير من صفات أهل الإيمان، يقول تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ وَالَّذِينَ هُمْ بِرَبِّهِمْ لَا يُشْرِكُونَ وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ}[المؤمنون:57-61].
وأهل الإيمان في ذلك يقتدون بالأنبياء، أشرف الخلق، وأمناء الوحي، فمن صفاتهم في القرآن الكريم: {وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ..}[الأنبياء:73].
{فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ}[الأنبياء:90].
وفي القرآن يبين الله تبارك وتعالى أن أول من يجني ثمرة فعل الخير، هو العامل له، الحريص عليه نفسه، فيقول تعالى: {وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلِأَنْفُسِكُمْ وَمَا تُنْفِقُونَ إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ}[البقرة:272].
ويقول صاحب الظلال: ويكفي في حس المؤمن أن يتذكر أن اللّه يعلم ما يفعله من خير ويطلع عليه، ليكون هذا حافزا على فعل الخير، ليراه اللّه منه ويعلمه، قال تعالى: {وَما تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ}[البقرة:197]، وهذا وحده جزاء.. قبل الجزاء .
وكما دعا القرآن الكريم إلى فعل الخير، والمسابقة إليه، دعت السنة النبوية، إلى ذلك..
ففي الصحيحين، من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه، ومن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، ومن فرج عن مسلم كربة، فرج الله عنه كربة من كربات يوم القيامة، ومن ستر مسلما ستره الله يوم القيامة" .
وفي البخاري، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تحاسد إلا في اثنتين: رجل آتاه الله القرآن، فهو يتلوه آناء الليل والنهار، يقول: لو أوتيت مثل ما أوتي هذا لفعلت كما يفعل، ورجل آتاه الله مالا ينفقه في حقه فيقول: لو أوتيت مثل ما أوتي لفعلت كما يفعل" .
وفي مسند الإمام أحمد، من حديث أبي كبشة الأنماري رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنما الدنيا لأربعة نفر، عبدٌ رزقه الله مالًا وعلمًا، فهو يتقي فيه ربه، ويصل فيه رحمه، ويعلم لله فيه حقه" قال "فهذا بأفضل المنازل.." .
فهي دعوة صريحة إذًا، من النبي صلى الله عليه وسلم، إلى المسارعة في فعل الخير، والتسابق عليه، وشحذ الهمم لذلك، من خلال بيان كثرة طرق الخير ، وسعتها، والتي كان أولها وآخرها التمني. فمن تمنى فعل الخير، كان من أهله، وإن لم يُوفَّق إليه.
يقول الشيخ القرضاوي: وأستطيع أن أقول وأنا مطمئن: إن عمل الخير وإشاعته وتثبيته يعد من أهداف الرسالة المحمدية، ومن مقاصد الشريعة الإسلامية الأساسية، وإن لم يذكره الأصوليون القدامى –صراحة– في المقاصد أو الضروريات الأصلية التي حصروها في خمس أو ست؛ وهي: المحافظة على الدين، وعلى النفس، وعلى النسل، وعلى العقل، وعلى المال، وزاد بعضهم سادسة؛ وهي: المحافظة على العرض.
وإنما لم يذكر علماؤنا القدامى الخير وحبه وفعله والدعوة إليه ضمن الأشياء الأساسية التي جاءت الشريعة للمحافظة عليها؛ لأنهم أدرجوها ضمن الضرورة الأولى والعظمى، وهي: الدين، فالدين عندهم –وهو أس الشريعة وجوهرها– يشمل فيما يشمل معرفة الحق، وفيه تدخل العقائد التي هي أساس الدين، وحب الخير وفعله، وفيه تدخل الزكاة والصدقات وغيرها من دعائم الخير .
ولهذا استبق المسلمون -في كل جيل من الأجيال- الخيرات، وسعوا إليها، بل وأبدعوا فيها، فما فُتح باب من أبواب الخير، تطلَّبه الوقت أو الحاجة، إلا وجدنا من المسلمين من انبرى له، ورفع الحرج بذلك عن الأمة، ولم يخل منهم عصر، ولا مِصر، ولا مجتمع.
 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !