مواضيع اليوم

فارس … روح ايران القديمة (ماض عريق يلهم الجميع وسط معارضة الامة

فريد دولتي

2009-06-02 00:53:56

0

ما يلفت النظر في انقاض ( برسيبوليس )العاصمة القديمة للامبراطوريه الفارسيه والواقعة جنوب ايران ، والتي احرقت بعد ان غزاها الاسكندر الأكبر … هو عدم وجود الصور العنيفه على ما تبقى من الجدران الحجريه…توجد صور للجنود بين المنحوتات ، ولكنهم ليسوا للقتال ؛ وهناك ايضا الأسلحة ، ولكنها ليست متورطة في وطيس المعركة… الانسان موجود كشعار منحوث ، مما يوحي انه كان هناك شيئا… ومضى من هنا - تجمع بشري من مختلف الامم… ينم عن حالة سلم ،تعبر عنه بوضوح الهدايا الموضوعة… الحميمة ظاهرة فايدي بعضهم على اكتاف بعضهم. فالملاحظ انه في عصر الهمجيه ، كانت برسيبوليس ، على ما يبدو ،مكان حضري..عالمي نسبيا … اليوم آثارها ومعالمها ترغمنا على تذكرها،بانها مذهلة..وبانها ذاكرة للاجداد الفارسيين على ما كانوا يفعلون.

هذه المعالم سجل لتاريخ بلاد يمتد نحو 2500 عام ، الذي بلغ ذروته اليوم في جمهورية ايران الاسلامية ، التي تكونت في عام 1979 أثر ثورة من جانب رجال الدين المحافظين ضد الرموز الغربية المدعومه من الشاه. يمكن القول انها الثورة الاولى في العالم الحديث…نتاجها تجربة كبيرة دستورية ودينية…والتي لا ينفك يلح السؤال حولها.. هل يمكن لبلد ان تدار على نحو فعال من قبل رجال دين تفرض على الناس أقصى ما وصل اليه الاسلام من احكام،ضمن عقلية غنية بماضي فارسي ؟

لا يمكنك حقا ان تفصل بين ايران وهويته وبشكل عام ،لا يمكنك ايضا ان تجد الحدود بين الجانب الفارسي ، والجانب الاسلامي ، والجانب الغربي ، فجميع التناقضات متواجدة معا. ولكن ثمة هناك الهوية الفارسيه التي ليس لها علاقة بالاسلام ، وان كانت في نفس الوقت مختلطة مع ثقافة الاسلام (كما يتضح من دعوة المسلمين الى الصلاة من مكبرات الصوت فى جميع انحاء برسيبوليس …اشارة الي ان الزوار ليسوا فقط في المملكه الفارسيه وإنما أيضا في الجمهورية الإسلامية). وهذا من شأنه ان يكون قصة عن هؤلاء الايرانيين الذين لايزالون ، على الاقل جزئيا ، مع تحديد الجذور الفارسيه. حتى وان كان هذا الامر يتعارض مع امتداد آلاف السنين لبلد كان دائما بؤرة للتوتر. فهم اسرى لبقايا من حياة حب الطبيعة الفارسيه المتمثلة في (النبيذ ، الحب ، الشعر ، الاغنية) تنسج متداخلة مع نسيج العفه … كالصلاة ، والقدرية اللتان كثيرا ما ارتبطا بالدين الاسلامي .

العاصمة في ايران هي… طهران المثيرة …التلوث يخنقها،عند سفح جبال البورز. العديد من المباني الصغيرة و المصنوعة من الطوب ولها اسوار معدنيه ،يتخللها عديد من المركبات الصغيرة القادمة واحدا تلو الآخر ، لتتكدس حول مشاريع للبناء وحدائق. فلا تزال هناك بعض الحدائق الجميلة ،من الميراث الفارسي ، والتي تحوي ، أشجار الفاكهة والنافورات ، بالاضافة الي اقفاص الأسماك.

الضيف في ايران ، يمنح وضغية خاصة ،فلا تستغرب ان تمنح احلى قطعة من الفاكهة اثناء تجوالك في السوق. يوجد جزء من نظام معقد من الطقوس…يعنون تحت عنوان التادب وهو عرف ( تاروف ) حسب اللغة الفرسية - الذي يحكم الحياة هناك. فالضيافة ، والمراوده ، وشؤون الاسرة والمفاوضات السياسية …عرف فهو قانون غير مكتوب للشعب، يبين كيف ينبغي ان يعامل كل منهما الاخر.هذه الكلمة من جذور عربية ..في الأصل الفارسي يمكن ان تعرف بانهاالنضال في الدنيا من اجل غاية ، وانما بطريقة انيقه وبشكل رائع ، مما يجعل من الممكن ، في التسلسل الهرمي للمجتمع الايراني … ان يتعاملوا مع بعضهم البعض على قدم المساواة.مع عدم التعرض للخطر…فطوال التاريخ الايراني كان هناك الكثير من الخطر

وبالفعل ، فإن المسار الطويل للتاريخ الايراني كان مشبع بالحروب والغزوات ، والشهداء ، بمن فيهم الأولاد في سن المراهقه خلال الحرب بين ايران والعراق في الثمانينات …فقد ساروا على الاقدام بشجاعه عبر حقول الألغام لتطهيرها. قصة كل مسرحيه هي … الموقع. فاذا كانت رسم الخطوط من البحر الابيض المتوسط الى بكين ومن بكين الى القاهرة او باريس او لدلهي ، تمر جميعها عبر ايران ، فلا غرابة اذا كان المشهد هو عبارة عن منطقة فيها الشرق بالغرب. أكثر من ست وعشرين قرن ، مزج فيها نصفي الكرة في هذا الموقع… من خلال التجارة والتبادل الثقافي ، الاحتكاك مع ايران ولد علامة لايمكن مسحها.

نظرا للثروة والموقع الاستراتيجي ، فإن هذا البلد تجاوز الغازي الواحد تلو الاخر ، لهذا السبب انشئت الامبراطوريه الفارسيه ،التي واجهت الاتراك ، وجنكيز خان ، والعرب.الذين اطلقوا بحماسة الدعوة لدين جديد ،الا هو… الإسلام ، الامبراطوريه الفارسيه القديمة تخضع خانعة في القرن السابع ، لتعلن ايذانا ببدء فترة من الحكم الاسلامي الذي كان واضحا اندماجه مع العظمة الفارسيه. التوسع العربي في فارس يعتبر واحد من اكثر الحركات المثيرة لاي شعب في التاريخ. المعارضة من قبل فارس …كانت طريق لاتوجد فيه رحمة .. منذ ذلك الحين ، والايرانيون جادون في ايجاد طرق آمنة لإبقاء هويتهم المتميزة عن بقية المسلمين والعالم العربي. ان ايران كبيرة جدا وقديمة جدا ، فليس بالأمر الهين ،تغيير هوية وقلوب الناس بسبب ذلك.
هناك قول شهير في ايران يقول ، انه عندما جاء الغزاه الى ايران ، فإن الايرانيين اصبحوا هم الغزاه. فالجميع ذهب وبقت الفارسيه ، فالاسكندر ، بعد ان وضع النفايات على المهزومين الفارسيين ، اعتمد الثقافة الفارسية والممارسات الاداريه فيها ،كما انه اتخذ زوجة فارسيه (روكسانا) ، وأمر الآلاف من قواته ان تفعل نفس الشيء في عرس جماعي. ويبدو ان الايرانيين يفتخرون بقدرتهم على استيعاب الآخرين من الغزاه ‘بطرق توافقية خاصة بهم تجعل الاخرين يتنازلون عن ثقافتهم بمرونة ليندمجوا في صميم الهوية الفارسيه.
الاستيطان البشري في ايران يعود على الاقل الي عشرة الالاف سنة ، واسم البلد مستمد من الاوروبيون الشماليون المهاجرون حوالى 1500 قبل الميلاد… طبقات من الحضارة … عشرات الالاف من المواقع الاثريه … لم يتم حفرها..

الان في ايران … أسعار اللحوم مرتفعة ، ولا يوجد عدد كاف من فرص العمل ، والبيروقراطيه متفشية ، وانعدام الكفاءه والفساد يهيمن على الدولة - كما وصفت من قبل ثلاثة أشخاص مختلفين لا يريدوا لاسمائهم ذكرا ،والحالة العامة هي أسوأ من اي وقت مضى ، حسب اضافتهم.
من تراث العصور القديمة التي كانت نسيما يلوح دائما في الروح الوطنية يقول لك الايرانيون ان مفاهيم الحرية وحقوق الانسان لا يجوز انها قد نشأت في صفحات التاريخ الاغريقي الكلاسيكية ولكنهم عرفوها هنا… في ايران ، ففي القرن السادس قبل الميلاد … الامبراطور سيروس الكبير ، انشأ الامبراطوريه الفارسيه ، التي ستصبح أكبر واقوى مملكة على وجه الارض. … ، سايروس ، كما يعتقد كان شجاعا ومتواضعا جدا ، قام بتحرير اليهود المستعبدين في بابل سنة 539 قبل الميلاد ، وارسالهم الى القدس صحبة الاموال لاعادة بناء الهيكل ، كانت الامبراطوريه في عهده متسامحه ثقافيا و دينيا. وفي نهاية المطاف كان مجتمع الامبراطورية يتألف اكثر من ثلاثة وعشرون شعبا من مختلف الشعوب تتعايش بسلام في ظل وجود حكومة مركزية .. ان المملكه بلغت الذروة ، في عهد سايروس خليفة داريوس.


فارس يمكن القول..انها في ذلك الحين ، كانت القوة العظمى الاولى في العالم.

لديهم حنين الى ان يكونوا دولة عظمى مرة أخرى فطموحات البلد النووية ذات صلة مباشرة بهذه الرغبة… العناوين المالوفه وا لتقارير التي تتوافق مع الاراء من وكالات التجسس حسب تقديرات الاستخبارات …مفاده ان القوات المسلحه تدير برنامج لتطوير الأسلحة النووية في ايران،وهذا البرنامج قد توقف فى عام 2003…ومع هذا استمرت ايران فى تخصيب اليورانيوم ، واصرت على انها تريد فقط انتاج الوقود لمحطات الطاقة النووية … لكن اليورانيوم المخصب بدرجه عالية يمكن ان يكون ايضا عنصرا اساسيا لقنبلة نوويه. على سبيل الردع … الامم المتحدة فرضت عقوبات اقتصادية متزايدة. ولكن الرئيس الايراني، محمود أحمدي نجاد … المحافظ و المتشدد ،وصاحب المعطيات على أرض الواقع المصاحبة في الوقت نفسه الملاحظات المتكررة حول تهديد اسرائيل.. القريبه ، والذي انكر حدوث الهولوكوست ، وقام وفقا لحكومة الولايات المتحدة ، بارسال الاسلحة والذخائر الى المليشيات المتطرفة في العراق التي يجري استخدامها ضد العراقيين والقوات الامريكية هناك.

 

في زمن الامبراطورية كانت مساحة البلاد ثلاثة أضعاف ما هي عليه الآن ، وكانت القوة العظمى مستقرة لأكثر من ألف سنة ،و تشمل بما يعرف اليوم العراق وباكستان وافغانستان وتركمانستان ، اوزبكستان ، طاجيكستان ، تركيا ، الاردن ، قبرص ، سوريا ، لبنان ، فلسطبن ، مصر ، ومنطقة القوقاز.. .الحدود تبدلت على مر القرون ، ولكن الحنين الي القوة العظمى …حتى وان كان في تناقض مع الواقع لم يتبدل : كل ذلك بسبب التاريخ.
هم يتفاخرون باسطوانة سايروس …الموجودة بالمتحف البريطاني في لندن ، مع نسخة طبق الاصل موجودة بمقر الامم المتحدة في مدينة نيويورك. الاسطوانه تشبه كوز الذرة مصنوعة من الطين ؛ مسجلة بكتابة مسمارية … تعرف بانها المرسوم وقد وصفت بانها الوثيقة الاولى من ميثاق حقوق الانسان…فقد سبقت الميثاق الاعظم ما يقرب من ألفى سنة. ويمكن ان تقرأ فيها… على انها دعوة الى الحرية الدينية والاثنيه ؛ كما منعت العبوديه والقهر من اي نوع ، والاستيلاء على الممتلكات بالقوة او بدون أجر ؛ واعطاء الدول الاعضاء الحق فى ان تخضع نفسها لتاج سايروس. وانهم على حل لعهد الحرب.

لتعرف ما هي ايران لابد ان تسلم بان ايران هي حقيقة ، لمجرد قراءتك نسخة من اسطوانة سايروس ، تقول شيرين عبادي ،المحامية الايرانيه …الفائزة يجائزة نوبل للسلام سنة 2003. … هذه الاسطوانه تكتسب عظمة ايران ، لكن العالم لا يعرف … وتضيف… عندما ذهبت الى الخارج ، وجدت ان الناس يصابون بالدهشة عندما يركون ان 65 في المئة من طلاب الجامعات هم من الفتيات في ايران. و ايضا عندما يرون اللوحات والعمارة الايرانيه …فهم تستولي عليهم الصدمة. الثورة الاسلامية الان اعادت تقييد من الحريات الشخصيه ، ولا سيما بالنسبة للنساء …منشغلون بالبرنامج النووي ، والعداء مع الغرب… انهم لا يعرفون شيئا من آلاف السنين …حسب رأيها …فايران يجب ان تظل متميزه عن الغزاه ، فليتعلموا كيف فعلت ذلك.ابضا تضيف

فعلى سبيل المثال بعد ان جاء العرب ،وارغمت ايران على اعتناق الاسلام ، …نحن في نهاية المطاف تحولنا الى الطائفة الشيعيه ، التي حسب اعتقادها تختلف عن العرب الذين هم من السنة.

لا نزال مسلمين ، ولكننا لسنا بعرب.
لو سألت الايراني…ماذا تريد من العالم ان يعرفه عنكم؟..تكون الاجابة ،وبدون تفكير…نحن لسنا عرب ، كما اننا لسنا ارهابيين ، فمعين الشوفينية الفارسية يزحف الي الحوار. من الناحية الاقتصادية على الرغم من ان الاداء الاقتصادي لايصل الي مستوى الدول العربية مثل دبي وقطر… ، الا انها لا تزال تشعر بأنها استثنائيه… العرب هم من غزا ايران.. وهم يعتبروا انفسهم انهم اعطوا كثيرا للبدو الذين عاشوا في الخيام …على الجانب الثقافي

الايرانيون يتكلمون الفارسيه.اختطلت بالعربية لتصبح مستعربة…تعرف على انها اللغة الوطنية ،و لكن لا تزال الفارسيه القديمة محافظة على جذورها. فالرجل الذي له الفضل في المساعدة على انقاذ اللغة ، والتاريخ ، من النسيان هو شاعر القرن العاشر الفردوسي. …و هو بمثابة هوميروس الايرانيين.ايضا..لايمكن اغفال دور العديد من الشعراء ،من بينهم …جلال الدين الرومي ، ، عمر الخيام .. الذين تعرضوا للاضطهاد واحيانا الاعدام..حسب رايهم.. من قبل شعب آخر غازي..فهم لا يمكنهم ان يتكلموا او يفكروا بامان …لربما هناك تعارض مع القران،نظرا لانهم يحملون صفة منهية في الاية القرانية…شعراء. ولكن عموما ان ايران هى موطن لكثير من الطوائف الدينية والثقافيه) واللغات (غير الفارسيه - التركمانيه ، والعربية ، والاذريه ، والبلوشيه ، والكردية ، وغيرها .

الشاعر الفردوسي ..عبر عن استياء المسلمين من النفوذ العربي ،فقد امضى ثلاثون عاما في الكتابة ، بحد ادنى من استخدام اللغة العربية…كتابه شاه نامة أو كتاب الملوك …ملحمة لتاريخ ايران… صورة للصراع والمغامره الخاصة بالملوك…حصولهم على العرش..وفاتهم،احداث تتداخل مع انقلابات قسرية … تنتهي مع الفتح الاسلامي ،في صورة فاجعة تنتهي بوقوع كارثه. موت القائد رستم..البطل الفارسي الذي يمثل الشجاعه والنزاهه ، الوطنية والمنقذ ، … كتاب شاه نامة ترجم الى اللغة الانكليزيه…هناك عديد من القراء انهوا الكتاب بانطباع هو.. قصص رستم ..اساطير ..ولكن اللافت للنظر..تقريبا بأن الايرانيين يحبون ان يروا انفسهم بهذا المنوال .

الشاه نامة…يمكن للجميع قراتها..حتى الذي لم يتحصل على قدر كافي من التعليم ..موجودة بالكليات..بالمنازل..ايضا بعض مقاهي طهران التقليدية..محكاة من الحكواتي..مرسومة على الجدران في المطاعم والفنادق وهي تصور مشاهد من الاسطورة…البطل رستم وهو يقتل سهراب..حب المرأة..والمحبة للخالق…بانغام موسيقية ايضا…تقليدية تنتهي بتصفيق ،بعد ان صاحب الموسيقى رقص الاطفال على منصات تغطيها السجاجيد الفارسية الجميلة…بفضل الفردوسي لغتهم توحد بينهم..والاحتفاظ بها تجعلهم مختلفين عن العالم الخارجي…ولسان حالهم يقول..انهم لايستطيعون السيطرة عما يوجد في داخلنا.
 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !