في الثامن عشر من فبراير من العام 1978م، تمت عملية اغتيال وزير الثقافة المصري يوسف السباعي في قبرص أثناء ترأسه اجتماعاً للجنة التنفيذية لحركة تضامن الشعوب الإفريقية والآسيوية.
أعلنت جماعة صبري البنا (أبو نضال) وهي جماعة انشقت عن حركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح" عام 1974م مسئوليتها المباشرة عن عملية الاغتيال، وعلى الفور حملت مصر المسئولية الكاملة لمنظمة التحرير الفلسطينية، وهنا لم يقتصر العقاب على فصائل منظمة التحرير الفلسطينية أو جماعة أبو نضال، وإنما وصل إلى كل من هو فلسطيني، وسحبت الامتيازات التي منحها الرئيس الراحل جمال عبد الناصر والتي استفاد منها آلاف الفلسطينيين وخصوصاً أهالي غزة في قطاعات الصحة والتعليم والتدريب.
ما دفعني للعودة إلى الوراء والحديث عن عملية اغتيال السباعي وانعكاساتها على الفلسطينيين عموماً، هو الخطاب الإعلامي الذي تبناه بعض النخب السياسية التابعة لحركة فتح، بالإضافة إلى خطاب أحد نواب المجلس التشريعي الفلسطيني وهو النائب محمد دحلان فيما يتعلق بجريمة سيناء والتي راح ضحيتها ستة عشر جندياً مصرياً وهم على مائدة الإفطار، حيث استبق الناطقون التحقيقات الرسمية التي تجريها أجهزة الأمن المصرية، وقاموا بشكل مباشر أو غير مباشر بالتلميح إلى ضلوع قطاع غزة بالعملية الجبانة، والتحريض على قطاع غزة وذلك من خلال حديث أحمد عساف في مداخلة هاتفية على قناة أون تي فى أن ما حدث بسيناء هو امتداد طبيعي لما يحدث في غزة، أضف إلى ذلك حديث جمال نزال الناطق باسم حركة فتح في أوروبا لوكالة فلسطين برس والذي طالب حركة حماس بضرورة التخلي الفوري عن أطماعها بأراضي مصر وتطمين الشعب المصري باحترام سيادته ووحدة أراضيه وسلامة أبنائه. وربما نزال لم يقرأ تاريخ قطاع غزة جيداً وهنا أسرد تلك الواقعة التاريخية التي حدثت في عام 1953م حينما اتفق الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر مع وكالة الغوث لتشغيل اللاجئين الفلسطينيين الاونروا لتوطين اللاجئين الفلسطينيين في سيناء، وبدأ المشروع عام 1955م بعد فرز الأرض ولكن عندما علم سكان قطاع غزة بالمشروع خرجت مسيرات جماهيرية حاشدة شارك بها الحزب الشيوعي الفلسطيني وجماعة الإخوان المسلمين في فلسطين وغيرها من القوى الوطنية والشعبية رفضا لمشاريع التوطين، ويومها حرق المتظاهرون سيارات ومقار تابعة للانروا، ومن هنا فإن غزة هي جزء أصيل من الوطن الأكبر فلسطين. أيضاً مطالبة النائب محمد دحلان في لقاء تلفزيوني على قناة cbc مع الإعلامية لميس الحديدي الشعب المصري بأن لا يحسب تلك الجريمة تجاوز على الشعب الفلسطيني بل يحسب على قيادة حماس التي ترعى تلك المجموعات الإرهابية.
تلك التصريحات ستنعكس استراتيجياً على العلاقات بين الشعبين المصري والفلسطيني، ولذلك فإن تلك التصريحات هي تصريحات غير مسئولة وتعبر عن مراهقة سياسية تضر بالمصلحة الوطنية وتسيء للصورة النمطية للنضال الفلسطيني، وربما جاءت تلك التصريحات كأحد انعكاسات الانقسام السياسي، وبذلك لابد من العمل الجاد على إنهاء تلك الانقسام والانطلاق نحو مرحلة جديدة تتكاتف بها القوى الوطنية والإسلامية أمام كل التحديات الخارجية، واستعادة وحدة النظام السياسي الفلسطيني وصولاً إلى انجاز المشروع الوطني الفلسطيني.
Hossam555@hotmail.com
التعليقات (0)