في الليالي ألأخيرة من رمضان ألأخير كان يؤم المصلين في المسجد وقت صلاة العشاء شيخ شاب على ما يبدو انه من المجددين ، بل يقينا انه من المجددين ، فقد كان يلبس لباسا رسميا أنيقا وله لحية خفيفة جدا ( يا دوب باينه ) وقد صلي فينا وكأن أحدا يلاحقه أو كأنه موظف يؤدي عملا مدفوع ألأجرة وأن كل دقيقة من وقته لها ثمن مادي . فقد قرأ في ألركعة ألأولى الآيات الثلاثة ألأخيرة من سورة التحريم وبشكل سريع وعلى قراءة الترتيل ثم قرأ في الركعة الثانية سورة ( الفيل ) ولم يستغرق وقت ألأربعة ركعات العشاء خمس دقائق او ربما أقل ، ثم دعانا لصلاة التراويح وتنحى عن المحراب وحل مكانه في ألإمامة شاب كبير الشبه بالأول ، وراح يقرأ في كل ركعة ما يستطيع من آيات من المصحف الذي يحمله بيده ونحن وقوف خلفه فينا الصغير والشاب والشيخ العجوز . وكان احد الشيوخ يقف بجانبي ( وهو ما دعاني للكتابة ) وكان يتعب من إبقاء يديه على صدره فيرسلهما فترة ليريحهما ثم يعيدهما وتكرر ذلك منه عدة مرات في الركعة الواحدة وأحسست أنه سيقع على ألأرض فسندته بمرفقي وكان الشيخ يقرأ بقراءة التجويد وربما أعاد ألآية أكثر من مرة وبقراءة مختلفة ويطيل في الركوع والسجود وقد يستمر وقت الركعة الواحدة في التراويح ضعف وقت صلاة العشاء بطوله ، فتذكرت قولا للإمام سيدنا ( الحسن بن علي ) رضي الله عنهما ( أذا كانت النوافل تضر بالفرائض فارفضوها ) ألا يرى أئمة المساجد عندنا ان هذه النوافل أصبحت أهم من الفرائض ، لا مانع ان يسمى رمضان بشهر القيام والتراويح ويوصف بها ولكن بشرط ان تعطى الفروض حقها أولا ، ولا نجعلها بدرجة ثانية من العبادات في رمضان ، وأن نوهم الناس ان الصلاة هي التراويح فقط ، اوليس أولى ان نعطي التراويح حقها في المسجد مع جواز صلاتها بالبيوت مفردة ، وكذلك نعطي البيوت حقها من صلاة القيام والكل يعلم ان ألإنسان طاقة ، فالإمام الذي يبقي الشيخ الكبير واقفا في صلاة التراويح لمدة ساعتين في عدد معين من الركعات كيف يقدر هذا المصلي ان يعطي بيته حقه من صلاة القيام بعد هذا الجهد . ورسولنا صلى الله عليه وسلم يقول ( لا تجعلوا بيوتكم كالمقابر ) وإني أذكر في شبابنا شيخا كان يصلي فينا صلاة التراويح ويزيد في عدد الركعات ويقصر في القراءة ، وعندما راجعه بعض المصلين بذلك قال إن صلاة التراويح يقصد بها رياضة وعبادة وهذا من فضائل ديننا وعلينا إن نعطي كل حق حقه وأنت إن أحببت ان تصلي صلاة القيام في بيتك فقف في كل ركعة الوقت الذي تريده واقرأ القراءة التي ترغبها ولن يتعب احد ولن يتضايق من تصرفك أحد ما دمت لوحدك ........... ( يا ليت قومي يعلمون ) .
التعليقات (0)