مواضيع اليوم

ـ امهات الأمس وأمهات اليوم ـ

عوني قاسم

2012-12-14 13:41:15

0


كنا نجلس على طاولة على رصيف مقهى ننتظر مركبة تحملنا إلى المدينة المجاورة جلس مرافقاي يحدثون بعضهم وجلست أنا وجهي إلى الشارع وكان المقهى يقع على طريق عيادة القرية لفت انتباهي أم تحمل طفلها الرضيع وتذهب به إلى العيادة وقد انامته في سلة تنقله من يد إلى يد وكأنها تحمل سلة بها رأس ملفوف وغيره من الخضار ثم تبعتها أمهات أخريات جميعهن يحملن أولادهن في سلال كما حملت طفلها هذه ألأم الشابة ، والأطفال ألأكبر سنا تضعهم أمهاتهم في عربات بأربعة عجلات ويدفعنهم كما يدفع بائع الفجل عربته الصغيرة ، لقد كان يوما لتطعيم ألأطفال من سن شهر إلى سن سنتين . الذي اثأر استغرابي ان بين عدد غير قليل من ألأمهات لم أرى أما واحدة تحمل طفلها بحضنها وتحضنه وتسير فيه بالرغم من قرب العيادة من بيوت بعضهن مع العلم الواحدة منهن تعلق بكتفها حقيبة لوازمها ربما يزيد وزنها عن وزن طفلها .


هنا تبادر إلى ذهني عدة أمور أولها : أي أم من هذه ألأمهات قد عملت علاقة أمومة حقيقية بينها وبين طفلها اللهم أنها قد ولدته ، فإذا بكي في الليل فلا تهز له لأنه ينام بالسلة ليسهل حمله ونقله . وثانيا : أنها لم ترضعه من صدرها فيشعر بحنانها ويسمع دقات قلبها وذلك لأنها تستعمل الحليب المجفف لترضعه وذلك حفاظا على جسمها وقوامها . ثالثا : ان معظم أمهات اليوم لا تنظف وتغسل أطفالها بعد كل حدث بل تستعمل الفوط في مسحه وتجفيفه وربما بقيت عليه الفوطة الواحدة عدة ساعات لأنهم يقولون في الدعاية لهذه الفوط أنها تمتص السوائل فلا يشعر الطفل بالبلل وتصدق ألأم ذلك ، ولا تهتم إلا بنظافة طفلها الخارجية الظاهرة للناس . وسمعت ان بعض ألأمهات تعطي طفلها الرضيع مادة مخدرة او حتي تسقيه شرابا مسكرا من اجل ان لا تأخذه لحفلة مدعوة إليها ولا يسمح بها باصطحاب ألأطفال .

أين ذلك من أمهاتنا بألامس فقد كانت ألأم عكس ذلك تماما كانت ألأم إذا بكى طفلها أفاقت من نومها فأخذته ووضعته بحجرها وضمته وارضعتة من صدرها وربتت على ظهره وصدره وجلست تهز له السرير وتغني له بصوت ناعم حنون ليشعر بوجودها حتى ينام ، ولا تنام هي حتى تتأكد من راحته في سريره .


كانت ألأم العاملة في الفلاحة بالحقول تحمل رضيعها وهو بسريره على رأسها وتسرح به إلى مكان العمل في ألأرض ، تضعه وتعمل له ظلا وتذهب للمشاركة بالعمل وهو تحت مراقبتها وترجع إليه كل مدة ساعتين ترضعه وتناغيه حتى يعاود النوم فمنها هي تستريح وكذلك تقدم لرضيعها ما يحتاجه من رعاية ، وإذا كان الطفل اكبر من سن الرضاعة كانت تحمله على صدرها وفي مكان العمل تنصب له أرجوحة على شكل سرير بين شجرتين وتهز به حتى ينام ، وفي المساء تحمله وتعود به إلى بيتها فيبقى طول الوقت تحت مراقبتها وحرصها عليه . فتنشأ علاقة أمومة حقيقية بين الطفل وأمه ، ترى أين علاقة الأمومة اليوم من أمومة ألأمس .
 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !