كان يعمل عند جدي احد أقاربنا ، يعمل عنده ويعيش معه وينفذ ما يطلبه جدي من أعمال فلاحة وتقليم أشجار ورعي دواب ، وكانوا يطلقون على من يقوم بهذا العمل اسم ( طقروز ) ولا أدري من أي اللغات دخلت هذه الكلمة إلى لغتنا فلم أجدها ولا حتى في لسان العرب . يوما طلب جدي منه أن يذهب ليطحن لنا قمحا ولم يكن عندنا في قريتنا مطاحن حيث أن المطاحن كانت تدار بواسطة الماء وذلك متوفر في قرية شرق قريتنا وبعيدة عنها نوعا ما .
شد رجلنا الرحال إلى المطحنة يسوق حمارين على ظهر كل منهما كيس من القمح وكان مخزون الطحين في بيت جدي قد قارب على النفاذ والعادة أن يذهب الطحان إلى المطحنة ويعود في نفس اليوم .
ذهب الرجل وتلا يومان وثلاثة وأربعة وأسبوع ونفذ الطحين في بيت جدي ولم يعد الرجل ، وكان جدي يسأل الناس الذين يطحنون قمحهم ويعودون عنه فيقولون أنهم شاهدوه يتجول حول المطحنة ويدخل بيتا هناك . وأخيرا قرر جدي أن يذهب ليرى ما حصل له ، فركب حصانه وقصد القرية التي فيها المطحنة وكان لنا أقارب هناك ففكر جدي أن يذهب إلى بيت أقاربنا أولا لصلة رحم ومنها يذهب إلى المطحنة للسؤال عن الرجل فلما دخل بيت أقاربنا وإذا الرجل يجلس على فرشتين في صدر المجلس وقد أستبد إلى عدد من المساند وكأنه أمير عرب فصاح به جدي ماذا تفعل هنا وقد نفذ الطحين من عندنا واضطررنا للاقتراض من الجيران ، وكان عند أهل القرية التي بها المطحنة عادة حلف الطلاق عند حديثهم وجدالهم على أي شيء ولأتفه سبب ، فرد الطقروز يعني ما تريد مني ، أتريد أن يطلقوا نسائهم لأجلي ، فهم كلما هممت أن أرجع لبلدي حلفوا علي بالطلاق أن أبقى ، ولهذا بقيت .
التعليقات (0)