ليلة الجمعة الماضية دعيتا إلى سهرة عرس ولبينا ووجدنا معظم أهل قريتنا التي لا يتجاوز عدد سكانه الثلاثة آلاف قد تواجدوا في ساحة القرية والسرور والفرح باد على الجميع وكأنهم أسرة واحدة ، كان الرجال يشاركون في الدبكة والزفة والغناء والنساء يجلسن في موقع مشرف يغنين ويراقبن حفل الرجال وفي وقت متأخر تم حناء العريس ونام جميع أهل القرية في سرور ويحضرون أنفسهم لليوم التالي والذي يتم فيه حمام العريس والزفة والدخلة . وحدث ما لم يكن بالحسبان فقد مات شخص كبير في السن جار لأهل العريس وفي العادة أن يجامل أهل العرس أهل الميت وقد تصادف ذلك معي يوم توفيت والدتي قبل سنوات في يوم زفة ابن جار سابق لنا كنا جوارا قبل أكثر من أربعين سنة في حارتنا السابقة ثم تركنا الحارة وبنا كل واحد منا بيتا بعيدا عن ألأخر وكان بيت جارنا يبعد عن بيتنا مسافة تزيد عن الكيلومترين ومع ذلك بقيت ألألفة بيننا ولا نزال نناديهم جيراننا ، ولما علموا بموت والدتي حضروا جميعهم للمشاركة في الصلاة والدفن وبعدها حضروا لبيتنا وبعد الدفن مباشرة كأهلنا فوقفت وباركت لهم عرس ابنهم ورجوتهم ان يكملوا عرس ابنهم كالعادة ورفضوا وقالوا إننا سنكمل العرس على الساكت دون غناء فأقسمت عليهم ان لا ينغصوا على الشاب عرسه ، وقد فعلوا والغوا مكبرات الصوت وأتموا عرسهم بينهم ودون أي صوت ظاهر . وفي المساء حضروا جميعهم بما فيهم العريس إلى بيت الأجر معزين مما رفع قيمتهم واحترامهم في نظرنا . هذا الغريب . أما العجيب ان أهل عرس هذا اليوم لم يحدث مثل ذلك فقد استمر أهل العرس بعرسهم وغنائهم في مكبرات الصوت رغم مرور الجنازة من أمام بيتهم ولم يحضر احد منهم مراسم الدفن وإن أتوا للصلاة لأنه يوم الجمعة . وأنا اكتب الآن بعد اقل من ساعة من إنهاء الدفن اسمع صوت الغناء والطبل والزمر وبيت الفقيد لا يبعد أكثر من ماية متر عن بيت أهل العرس . ولم يقف ألأمر عند ذلك ولكن وقت صلاة العشاء وصل موكب العروس إلى بيت العريس انطلقت الزغاريد والمفرقعات وألالعاب النارية وعلت وأخفت صوت ألأذان مع قرب المسجد من مكان بيت ألأجر وأهل الميت والناس في بيت ألأجر ينظرون ويألمون ويعجبون . أليس غريبا وعجيبا انه خلال مدة تقل عن بضع سنوات ان تتغير العادات ويتغير إحساس الناس نحو بعضهم بهذا الشكل . قد يقول قائل : رحم الله الفقيد والحي أولى بالاحترام من الميت ، ولكن الميت انتقل إلى رحمة الله , والحي الذي خلفه أليس عنده إحساس ومشاعر ...... !!!! . ؟ .
التعليقات (0)