مواضيع اليوم

ـ آخـــر الـــرجـــال ـ

عوني قاسم

2012-12-24 15:11:46

2

 
أعلن يوم أمس ألأحد 23 / 12 / 2012 ومن مكبرات الصوت من على مئذنة مسجد قريتنا ان المرحوم ( محمود الفريدة ) قد انتقل إلى رحمة الله فلم يسمع احد من أهل القرية الخبر إلا ذكر الله واسترجع فمن محمود الفريدة هذا الذي عز على الناس إن اسمه الحقيقي هو ( يوسف إبراهيم كسبري ) وهو آخر رجل ( مسيحي ) يعيش في قريتنا . لقد كان في قريتنا أربعة أسر مسيحية ، يسكنون جميعهم في حي واحد أولها دار يعقوب ألأسعد ( أبو نعيم ) ثم بيت موسى سعيد اليوسف ( أبو سهيل ) ثم بيت أخيه عيسى سعيد اليوسف ( أبو عزام ) وأخيرا بيت إبراهيم سعيد اليوسف ( أبو يوسف )المتوفى هذا .

نعلم من آبائنا ان يوسف هذا وحيد والديه بالإضافة لأخت له لا تزال على قيد الحياة ، لقد عاش يوسف حياته مقعدا كسيحا ، اخبرنا ألآباء من أبناء جيله أنه كان في صباه وأول شبابه يمشي كباقي الناس وأنه كان يذهب إلى المدرسة ماشيا وانه بعد ان أتم الصف الرابع في مدرسة القرية ذهب هو ومجموعة من اقرأنه إلى مدرسة داخلية في مدينة الناصرة قبل نكبة ( 1948 ) بقوا فيها حتى حصلت النكبة فعادوا إلى القرية وقد تعلموا مهنا تدر عليهم سبل عيشهم وقد كان يوسف هذا قد تعلم مهنة ( السمكرة واللحام ) ولكنه بعد بلوغه مرحلة الشباب أصيب بمرض ( الكساح ) مما أفقده القدرة على المشي فجلس مقعدا رغم عدة محاولات لعلاجه التي لم تنجح .

حكا لنا ألآباء انه وأول مرضه راح أمه وأبوه ينادونه بلقب ( محمود ) تيمنا وحمدا لله لعل الله يمن عليه بالشفاء ، وقد درج اسمه هذا وصار الناس يعرفونه ( محمود الفريدة ) نسبة لأسم أمه ونسي الناس اسم يوسف . لم ييأس ( محمود ) بعد مرضه ووفاة أبيه الذي كان يعمل نجارا عربيا يصنع أدوات الحراثة الخشبية ويصلحها في مطلع الخمسينات من القرن الماضي بل شجعه ذلك على أداء رسالة الحياة وان يصبح معيلا لأمه وأخته فقد انفرد بغرفة بجانب بيتهم وراح يعمل بالسمكرة ولحام القصدير يساعده فيها من تواجد معه من أهل القرية ، وخلال فراغه يعلم أولاد القرية أصول القراءة والكتابة ثم يعطي دروس تقوية لطلاب بعد الرابع ألابتدائي بأجر زهيد وخاصة في العطلة الصيفية حيث ينتقل إلى بناء المدرسة ويعيش هناك معظم الصيف ، وكان بينه وبين والدي مودة خاصة وقد كان يلزمنا ان نقول عمي محمود عند محادثته او الحديث عنه ، ولم تكن صحبته لوالدي فقط بل بجميع شباب القرية في حينه .

وجاء ألاحتلال عام 1967 ورحل جميع من بقريتنا من المسيحيين والتي لم تكن العلاقة بينهم وبين أهل القرية تختلف ودا عن علاقة الناس بمحمود ، انتقل بعضهم للعيش في بيت جالا وبعضهم في بيت لحم والقدس وبقي محمود هو وأخته بعد وفاة أمه المسيحي الوحيد في القرية وراح يعمل في الزراعة وتربية ألأغنام يشارك جيرانه من المسلمين والكل يأكل ويستفيد وأخته تساعده على تدبر أمور حياته وتطوع عدد من جيرانه ومن أهل القرية رجالا ونساءً في المشاركة بالإشراف عليه وعلى أخته بعد كبرهم في السن ، وقد جاءت جمعيات خيرية وبعض أقاربه لنقلهم إلى ملاجئ العجزة في المدن ولكنه كان يرفض بإصرار ويستعين بالجيران لعدم تنفيذ ذلك ويقول لماذا تريدون إن تسجنوني وأهل بلدي لا يغفلون لحظة عنا . وكان الناس يزوروهم ويحترموهم ويشاركوننا أعيادنا ونشاركهم أعيادهم ونبارك لهم فيها ولو عن طريق الهاتف .

بالأمس يوم موته حضر أبناء عمومته لتجهيزه ودفنه فقام معظم أهل القرية بالمشاركة بمراسم الجنازة والدفن وبعد دفن الجثمان قام بتأبينه احد رجال الدين المسيحي لافتا النظر على هذه الأخوة ألإسلامية المسيحية في وطننا والتي تجلت في هذه الفجيعة شاكرا أبناء قريتنا بيت امرين وكذلك القرية المجاورة نصف اجبيل وكذلك كل من شارك بالجنازة مسيحيين ومسلمين ، وبعد الدفن انتقل الجميع لقاعة مجمع الدوائر في القرية لتقبل العزاء بالفقيد وألقى احد كبار السن بالقرية كلمة عزاء باسم جميع أهل القرية الذين استمروا بالحضور لتقديم العزاء وحتى وقت متأخر .
للفقيد الرحمة ولله المجد في علاه .
 




التعليقات (2)

1 - أي عنوان هذا ؟

رضا - 2013-10-06 18:23:48

يعني بعد ما مات هذا الراجل انتهى الرجال في القرية ؟ هه

2 - الرجال يختلفون عن الذكور

عوني قاسم - 2013-10-08 10:13:40

لا أخ رضا البلدة فيها الكثير من الذكور ولكن الرجال قليل والمذكور كان آخر رجل مسيحي في قريتنا .

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !