ـ هل للشعر شيطان ـ

قرأنا في كتب ألأدب أن للجن شعراء يسكنون ( وادي عبقر ) في نجد ونسب ( العباقرة ) من الناس لهذا الوادي . ويقال أنه من نام ليلة في هذا الوادي خرج له شاعر او شاعرة من الجن تنفخ الشعر في فمه فيصبح شاعرا . وشاع ان لكل شاعر جاهلي قرين يسكن الوادي ويجري الشعر على لسانه ، ويقال ان قوما خرجوا إلى الصحراء ومعهم دليل ، فلما أوغلوا وقف الدليل وقال لهم : انتم على شفير وادي عبقر فنظروا وإذا بكائن اخضر اللون يركب ذكر نعام ووصلهم ووقف أمامهم وقال أنه شيطان ( امرؤ ألقيس ) وورد الكثير من هذه الأساطير فجان لعبيد بن ألأبرص وأخر للنابغة . ولا اعلم هل للشعر الحر اليوم شيطان . 
من أيام كنت أقرأ في بعض كتب ألأدب والتي تهتم بالشعر فأشرقت علي قصائد لشاعر حديث لا أظن أنه ينطق الشعر عن طريق جان ، ولكني شعرت أنه يتكلم بلسان ملاك وقرأت وتذوقت كل كلمة قالها من بعض شعره فتفتحت بداخلي أفكارا علوية وتصورات لذيذة لم تخطر ببالي يوما قبلها إلا عند قراء ة ( ألأندلسيات ) .
ان هذا الشاعر الذي لامس شعره وجداني هو الشاعر المبدع الذي لم يوفى حقه من الشهرة ( طاهر ابو فاشا ) وكانت قصيدته إسمها ( لغيرك ما مددت يدا ) وهي مناجات بين عبد وخالقه وقد كانت تشع بنور رباني وتدخل إلى النفس سعادة ونشوة وطمأنينة ويقول فيها :ـ
لغيرك ما مددت يدا       وغيرك لا يفيض ندا
وليس يضيق بابك بي    فكيف ترد من قصدا 
وركنك لم يزل صمدا      فكيف ترد من وردا 
ولطفك يا خفي اللطف    أن عادي الزمان عدا
على قلبي وضعت يدا    ونحوك قد مددت يدا 
سرى ليلي بغير هدى    ولا ادري لأي مدى 
يطاردني ألأسى أمدا     ويرعاني الجوى أبدا
نهاري والهجير لظى    وإن أمسى فواكبدا
وليس سواك لي سند    أضعت ألأهل والسندا
........ فأين يجد العبد طمأنينة أكثر منها عند مناجاة رب كريم أملا بألإستجابة ....