كان يعلمنا مادة التاريخ ونحن في ألإبتدائية مدرس متقدم في السن وكان له زوجتان رزق من ألأولى بسبعة ابناء ، اربعة بنين وثلاث بنات ومن الثانية خمس ابناء ذكور ومع مرور ألأيام كبرت مسؤولياته العائلية وكثرت المتطلبات، قرر المعلم ان يفتح دكانا لبيع الخضار بعد دوامه وكان سوق الخضار بالجملة ( الحسبة ) في المدينة المجاورة لا يبيع إلا في فترة الصباح فيضطر المعلم أن يأخذ سيارة من القرية بوقت مبكر ويسافر إلى الحسبة ليشتري ما يلزم من خضار وينزلها في الدكان ويعود قبل دوام المدرسة في الثامنة ، وبسبب انه يصحو في الصباح باكرا ويبقى في دكانه حتى ساعة متأخرة من الليل كان كل الوقت نعسا ويتثاءب حتى أصبحنا نعرف عدد أسنانه وكان في ساعات الظهيرة يطلب منا أن نراجع الدرس وأن نحضر للدرس الذي بعده ويجلس هو إلى الطاولة وينام ، وتكرر منه ذلك وراجعه المدير عدة مرات فكان يعتذر بتعبه وسهره مما اضطر مدير المدرسة وحفاظا على مصلحة المدرسة والطلاب ان يكتب تقريرا بحقه لمديرية المعارف في حينه، فأرسلوا مفتشين إلى المدرسة وصلوا إلى غرفة ألإدارة وطلبوا من المدير أن يروا المعلم خلال إعطاءه الدرس فأتى بهم المدير وكان المعلم نائما فدخلوا وهو على حاله ووقفوا فوق رأسه ، فرحنا كأولاد نضحك فأفاق المعلم وانتبه ورفع رأسه ، فلما رأي المدير والزوار وجه كلامه نحونا قائلا : يا أبنائي ، درسنا اليوم عن عمر بن الخطاب ، هكذا كان ينام رضي الله عنه ، ثم وضع رأسه على الطاولة كمن يمثل من هو نائم .
التعليقات (0)