ـ اهلنا في جبع ـ التجديد مطلوب

عذرا.... عندما تشاهد أي شريط مصور او تلتقي بأي مثقف او مهتم بالتراث من جيراننا في بلدة جبع محافظة جنين وتبدأ بالمشاهدة أو الحديث فإنه يبادرك القول أن في جبع ( فاخورة ) أي مصنع للفخار وينسى أي شيء آخر يميز هذه البلدة ، نعم إخواتي أهالي جبع فجميع من في محافظتي جنين ونابلس وربما أيضا طولكرم يعرفون أن أهالي جبع متميزون في هذه الحرفة أب عن جد ولكن عندما يزيد ألأمر عن الحد فأنه يكون ما يكون ، فالمهنة بسيطة ومنتشرة في أماكن عديدة في بلادنا والزير العكاوي متميز وكذلك في الجليل وقرى فلسطين الجنوبية وغزة وأينما توفرت الخامة الطينية والحاجة للمنتوج .
وقد زرت قرية جبع في صباي قبل ما يزيد عن الخمسين عاما عند انسباء لنا من أل الفاخوري الكرام وتحديدا عند المرحوم رفيق الفاخوري ( ابو روحي ) وكان مضيفنا يملك ويدير الفاخورة التي لا تزال تعمل في البلد حتى ألآن او أنه شريك فيها وذهبنا كأولاد لمبنى الفخورة والتي نرى صورها اليوم للفرجة وألإطلاع وقد كان فيها اكثر من دولاب ، وأعتقد أنه ثلاثة لأن كل واحد منا نحن الثلاثة ابن المضيف واسمه ( عوني) ومعه أخاه الصغير ( رأفت) ومرافقا لي من بلدي وأنا ، كل جلس على دولاب , وأحضر ابن مضيفنا قطعة طين لكل واحد منا ووضعها على دولابه وراح يعلمنا كيف يصنع الفخار وطبعا هو أتقن ما عمل ونحن اعتبرنا أن الموضوع مجرد لعب أولاد وبقينا في الفاخورة حوالي ثلاث ساعات وأرانا أين وكيف يشوى الفخار وكيف يحضر الطين وكل ما له علاقة بالصنعة .
نعم إخواني إنها صنعة وإنتاج متشابة متكرر بها شيء من الفن ولكنها مهنة ولو أن كل من يتقن مهنة تفاخر بها اهل بلده إلى هذا الحد لأصبحنا لا عمل لنا ألا القول والشرح وألإسهاب وصرنا نغفو ونحن نحلم ولا عمل ولا إنتاج . كل المهن مهما كانت بسيطة فيها فن وكل المهن اليدوية تراث ووطننا فيه من المهن اليدوية الفنية ما يشهد به القاصي والداني .
لا ضير أن يوثق هذا التراث ويستمر هذا الفن ولكن ما أخشاه أن يصبح هذا التراث مع الزمن تراث في الكتب لأنه وبتناقص الفواخير في البلد والدواليب في آخر فاخورة إلى واحد والذي يعمل بهذه المهنة شخص واحد فقط ، فهذا يدل على كساد ومع الوقت إهمال وانقطاع ، كل ما أرجوه أن تتطور المهنة ولا تبقى على ألأباريق والشربات ( القلل باللهجة المصرية ) وأصص الزراعة ، فلو أدخل الدهان والتلوين والرسم على القطع الفخارية ودرس ألأمر بشكل جدي وتبنته هيئة رسمية لعم الخير الجميع ولم يبق الأمر بيد شخص واحد يكافح لتدبر لقمة عيش عائلته . وعادة إفتخار جيراننا أهالي جبع بإنتاج فواخيرهم منذ القدم فقد حضرت سهرة حفل زواج في شبابي وكان القوالون (الحدايه ) أحدهم من جبع وهو ابو توفيق وكان يطلق عليه ( ابو غباين ) وكان لا يقرا ولا يكتب ولكنه وهب مقدرة في القول والغناء وكذلك قوال آخر من قرى شمال محافظة جنين اسمه ابو جمال وراح ابو غباين ابن جبع يفتخر بتميز جبع بصناعة الفخار فرد عليه ابو جمال برد لا أزال أذكره تحت قول يا حلالي يا مالي قال :ـ
صناعتكم مهوله          حيرت كل العقولي 
مفهومه جره وبقلوله    وأباريق امشقرمات  
...... اكرر المعذرة ، ذكرتها للحض على التجديد ليس إلاّ..... !!!!