ـ الــنـادي ـ

قيل أن رجلا زار أخر في قريته فرأى عند صاحب الدار حمار تبدو عليه مظاهر الضعف ، فمن عيون زائغة إلى أذنين هادلتين إلى قوائم معوجة عند الوقوف وهذه كلها عيوب في الحمير ، ففكر الضيف ببعض الكسب من مضيفه واستغلال سذاجته فقال له : كيف تطيق أن يرى الناس حمارك على هذا الضعف أليس عارا عليك أن يقال انك لا تستطيع إطعام حمار ، فرد صاحب الحمار وما الحل يا أخي ، فقال ألأمر بسيط ، ألا تعلم أني افتتحت ناديا للحمير ما إن ينتسب إليه حمارك مدة شهر أو شهرين حتى يعود نشيطا ويسابق الخيول أرسله معي وأدفع اشتراكه خمسة دنانير في الشهر وسترى ، فدفع صاحب الحمار للضيف خمسة دنانير وركب الضيف الحمار وعاد إلى بلده . وكان الضيف يملك عددا من الحمير يتاجر بها وكان الوقت ربيعا وصار حمار الرجل يسرح إلى المراعي فتحسنت حالته وسمن ، ولما انتهى الشهر جاء صاحب الحمار ليأخذه فوجد حماره وكأنه ليس هو فسر من ذلك واقترح أن يبقيه شهرا آخر ودفع خمسة دنانير أخرى وعاد لقريته وترك الحمار ،
صار الحمار يتعب الراعي من كثرة حركته واعتدائه على الحمير ألأخرى ، فما كان من الراعي إلا أن ضربه بحجر اصاب الحمار خلف أذنه فقطع عرق الدم الذي يغذي الرأس فمات الحمار على الفور .
في آخر الشهر جاء صاحب الحمار ليأخذة فقيل له أن الحمار مات فلم يصدق وظن أن الرجل يكذب عليه وأنه باع الحمار فقال لا بد أن تعوضني عن حماري وإلا فسأشتكيك للقضاء فقال له الرجل إفعل ما بدا لك حمارك مات . ورفع صاحب الحمار قضية على الرجل ويوم المحكمة وبعد أن فهم القاضي القضية ولاحظ بلاهة صاحب الحمار وطمع الرجل ألآخر أصدر حكمه بأن يدفع قاتل الحمار ثلاثون دينارا فاحتج الرجل أن الحمار لا يساوي أكثر من عشرة دنانير ، فقال القاضي أعلم ذلك ، فعشرة دنانير ثمن الحمار وعشرة بدل الذي أخذته منه نصبا واحتيالا، والعشرة الثالثة غرامة عليك لأنك تفتح ناديا دون ترخيص .