مواضيع اليوم

ـ الشيخ الكريم اللئيم ـ

عوني قاسم

2012-02-15 12:59:28

0

حدثني أحد ألأجداد الكرام في قريتنا عن شيخ حمولة كبيرة ومعروفة كان يدعو الناس إلى بيته ويقيم لهم الولائم . ولكن الضيوف كانوا يخرجون من بيته بدل أن يكونوا مكرمين يخرجون مضروبين ومهانين . وقد عرف ذلك عن هذا الشيخ فتحاشاه الناس في بلده فصار يبث رجالا من مساعديه ليرصدوا الطرق ويدعون الضيوف من القرى ألأخرى والذين يقصدون قريته ، وكما حصل مع أهل قريته حصل مع الضيوف من القرى ألأخرى . فهابه الناس وصاروا يهربون من دعوته ، ولكن الغريب في ألأمر أن معاملاته مع الناس كانت كأحسن ما تكون فإذا عمل عنده عامل أعطاه أجره قبل خروجه من مزرعته ، وكان يتصدق على فقراء قريته والقرى المجاورة ويقدم أي مبلغ يطلب منه لفعل الخير من أي إنسان سواء من قريته أو من القرى ألأخرى ومعظم ألأحيان يبادر هو إلى فعل الخير ، ولكن عيبه الوحيد ظل يلازمه ، فاحتار الناس في أمره وعجبوا من تصرفه واعتبروا ألأمر ربما شذوذ فيه . فقد اخبر الضيوف أنهم عندما يصلون لبيته يستقبلون استقبالا جيدا ويكرمون على خير ما يكون ، ثم تمد الموائد ويقوم صاحب البيت شخصيا بخدمتهم ، ثم قبل أن يمد الضيف يده للطعام ويبدأ ألأكل يتضايق المضيف فجأة ويبدأ بالصياح ويأمر خدمه بضرب الضيف ويشارك هو في ذلك ويطرد الضيف شر طردة ويخرجه من الدار ، وعندما يروي الضيف للناس ما حصل معه يشكون أن الضيف يكذب ، ولكن آثار الضرب يكون ظاهرة على الضيف فصار الناس يهربون من محيط بيت الرجل خوفا من أن يقوم بدعوتهم ويعانون ما عانى ضيوف سابقون .
وانقطع الناس عن الرجل مدة ، ويوما كانوا يتذاكرون أمر الشيخ فقال أحدهم انه يريد أن يقبل دعوة الرجل ولأرى هل ما زال على عادته ، وفعلا مر من أمام بيت الشيخ فتعلق به الحرس وأخبروه أنه مدعو علي الغداء فقبل الدعوة ودخل البيت ، فقام الجميع على خدمته وأكرموه إكراما لائقا وجاء صاحب البيت وأخذ إبريق القهوة من الساقي وتقدم وانحنى أمام الضيف وصب له القهوة وقدمها له وأخذ الضيف القهوة شاكرا ،ثم أمر المضيف بتحضير المائدة وفرشوا مفارش كثيرة على ألأرض ومدت الموائد فيها أصناف عديدة من الطعام وجلسوا وشاركوا الضيف في ألأكل وصاحب البيت يختار الجيد من اللحم ويضعه أمام الضيف وهو يأكل ولا يتكلم ، ثم بعد ألكل أحضروا وعاء وإبريق ماء وقام صاحب البيت بصب الماء على يدي الضيف ليغسلهما وقدم له منشفة كان يحملها على كتفه والضيف لا يتكلم إلا بشكر ، ثم طلب المضيف فاكهة وما لذ وطاب من الحلوى فأكلوا والضيف ساكت ولا يتكلم ، ثم شربوا القهوة واستأذن الضيف بالرحيل وهو يعجب كيف هو لم يضرب وكذلك من كرم المضيف ، ثم أحضروا حصانا وأركبوا الضيف وساروا حتى الباب الخارجي للدار والضيف راكب والمضيف يسحب رسن الفرس وعلى الجانبين أربعة من حرسه ، وعند الباب وقفوا لوداعه فنزل الضيف عن الفرس وأعادها لأحد الحراس شاكرا وابتعد قليلا وهو لا يصدق أنه نجا ، ثم وقف وسأل صاحب الدار لقد رأيت عجبا فأنتم أكرمتموني كل الكرم ولم أضرب كباقي الناس فهل يمكن أن أسأل لماذا ؟ فرد صاحب الدار يبدو أن جسمك يحكك ويعز عليك أن تخرج دون ضرب كباقي الناس ولكن سأقول لك وسار باتجاهه فهاب الضيف وتحامى بيديه فطمأنه المضيف وقال : الذين كانوا يأتون قبلك ويضربون كانوا كلما قدمت شيئا من قهوة أو مائدة أو ركوبة يستكثرون ذلك ويحتجون ويعترضون ويتكرر منهم ذلك في كل أمر أقوم به تجاه ضيافتهم حتى تثور أعصابي وأشعر بالإهانة فأقوم أنا وخدمي بضربهم ولكنك أنت كنت نعم الضيف فتلقيت خير خدمة . ألا تعلم القول الذي يقول إن الضيف هو صاحب البيت وأن أصحاب البيت هم الضيوف ما دام الضيف في بيتهم فالخير الذي يقدم للضيف يعم الضيف وصاحب الدار ومن عنده .

 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !