في بطاقات الدعوة للمناسبات نجد ملاحظة مكتوب فيها ( نوما سعيدا لأطفالكم ) أو تكون أكثر صراحة ( يرجى عدم اصطحاب ألأطفال ) وطبع يكون ذلك في ألإحتفالات الرسمية وكذلك الكبيرة والسهرات التي تتطلب أن يتواجد المدعو أو المدعوة فترة طويلة أو لساعة متأخرة من الليل ، ولكن عند الزيارات الشخصية في البيوت فلا يمكن ان تحضر زائرة ونقول لها ليس مسموحا لأبنك أو إبنتك الصغيرة بالدخول عندنا وهذا لن يكون من اللياقة ، وكل ما يتطلبه ألأمر أن تضبط ألام الزائرة أولادها ولا تدعهم يتمادون في مضايقة أهل الدار وخاصة إذا كانت الزيارة تضم أكثر من سيدة ولهن أولاد .
اضطراري لهذا الحديث سيدة زارتنا ومعها إبنها الوحيد الذي كما قالت جاءها على شهوة وبعد طول إنتظار فعمره حوالي اربعة سنوات ـ وكانت تزوجت من أكثر من عشر سنوات ـ ولكن تصرفاته وسوء أدبه وأذاه يوحي للشخص أنه أمام فرعون أو حتى إبن إبليس والغريب ان أمه تعتبر ان تصرفاته هذه ( خفة دم ) والحقيقة أن دمه ودمها كالزئبق ثقيل وسام ، وكان اولى بأمه أن تضبطه وتفهمه أن ليس كل ما في ألأرض يمكن أن يتصرف فيه ، فقد دخلت بيتنا تسحبه بيدها وسلمت وطلبت منه ان يسلم علينا فلوى رقبته وأخرج لسانه وأحرن ، فحملته وجلست وأجلسته بحجرها وما هي ألا دقائق حتى انفلت عندما رأى البنت تحمل كاسات العصير قادمة من المطبخ وركض ووقف أمامها يعمل حاجزا بيديه وطلب منها كاسة وكأن البنت استصغرت عليه أن يحمل بيده كأسا وتجاوزته فما كان منه إلا أن تعلق بها يجذبها للخلف حتى أنها كادت توقع الصينية من يدها فناولته كأسا فشربها على نفس واحد ورماها على الأرض وركض وجلس على كرسي منتظرا أن تصله البنت بالعصير وأعطت البنت ألأم كاسا فتقدم ومد يده وخطف كأسا آخر وشرب شيئا منها وعندها لفت انتباهه تحفة على الطاولة لسيدة تحمل جرة فتقدم وسكب باقي العصير في الجرة ففاض على جميع التحفة وعلى قماش الطاولة فراح يغمس يده في العصير وبمسحها في باقي أنحاء القماش والأم تنظر إليه وتضحك وكأنها تشاهد شيئا هزليا وبعدها أحضرت البنت فواكه لم يترك صحنا ولا حبة كروية الشكل إلا ولعب بها الكرة وتشتت الفواكه تحت الكراسي وفوقها ولا حبة موز ظل قشرها عليها والكل على ألأرض وعلى الكراسي وراح يدوس هنا ويجلس على تلك ويمسح يديه بالجدران وبكل شيء يصله ولما نهرته أمه وطلبت منه ان يجلس راح يصيح ويرفس برجله ويشد شعرها وانتقل غضبه إلى التحف في غرفة الجلوس فراح يرفس ويكسر وألأم تنظر إليه وتضحك وأخيرا لفت انتباهه شجيرة في ركن من البيت عمرها سنوات ونادرة فراح إليها وأخذ يمزق اوراقها ويكسر أغصانها وبغفلة منا وضع ورقة منها في فمه ومضغها وكانت من النوع التي تسبب عصارتها الحساسية فما انتبهت أمه إلا وكان مخرجا لسانه ولعابه يسيل وكل محيط فمه أحمر فانفجعت ألأم وراحت تتكلم وكأننا تعمدنا الضرر به وحملتنا المسؤولية فتدخلت وقلت أولا نعالج الطفل وبعدها لكل حادث حديث وأحضرت حليبا غسلت فمه به ودهنت فمه وشفتاه بزيت الزيتون فهدأ وخف ألإحمرار وتحسنت حاله فقامت أنه تسحبه وتخرج به حتى أنها لم تودعنا وهي متضايقة منا . وبعد خروجه وفي المساء عندما أردنا ان نغلق باب البيت ونسكره لم نجد مفتاح الباب والذي كان في السكرة من الداخل ، فقد كان أخذه معه .
التعليقات (0)